الطاهر الطويل
شهدت قاعة “الفضاء المتوسطي” بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء، عشية السبت 9 فبراير، احتفالية خاصة بمنح جائزة “الأركانة” العالمية للشعر إلى الشاعر اللبناني وديع سعادة، نظمها بيت الشعر في المغرب، بدعم من وزارة الثقافة والاتصال ومؤسسة الرعاية التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، وذلك بحضور العديد من المثقفين والفنانين والإعلاميين وزوار المعرض.
انطلق الحفل بكلمة للشاعر نجيب خداري (الرئيس السابق لبيت الشعر)، تحدث فيها عن خصوصيات القصيدة عند المحتفى به الذي اعتبر رائدا في رسم مسار جديد لقصيدة النثر في العالم العربي، مسار يحتفي بالشخصي والحياتي وبشعرية السرد والتناغم. وأضاف قوله إن وديع سعادة يدمن المنفى ليصير هو المنفى، ويغازل العزلة والصمت. كما أن قصائده تكشف عن بساطة شديدة عذبة مدهشة، ووراء تلك البساطة يختفي جهد الفنان ومهاراته وقدرته على تكثيف البناء وتطويع اللغة.
أما الشاعر مراد القادري (رئيس بيت الشعر في المغرب) فتحدث في بداية كلمته عن اتساع دائرة الشعراء الذين حصلوا على جائزة “الأركانة” العالمية للشعر، ليبرز أهمية التجربة الشعرية عند الفائز بها هذه السنة، فقال إن وديع سعادة شاعر لا يشبه أحدا، فيما يسعى كثيرون للتشبه به واقتفاء آثار خطوه، ذلك الخطو المسكون بالطفولة والبراءة الصادمة والمدهشة. ثم تطرق إلى جملة من الحالات والمعاني الوجودية التي تطل من متنه الشعري، ومن بينها: الغياب والعابرين، والذكرى والحيرة، والموت والفجيعة، والعبث والسخرية، والحرب والهجرة وغيرها.
وفي كلمة باسم لجنة تحكيم الجائزة، أوضح رئيسها الباحث والناقد عبد الرحمن طنكول أن ثمة حاجة قوية إلى الغموض في الشعر، غموض عتمة الألوان وعمى الرائي وحلكة المجهول. واستند إلى مقولة هايدغر “على الشاعر أن يذهب بعيدا”، ليجيب من خلال وديع سعادة: “على الشاعر أن يذهب بعيدا إلى ذاته
، إلى الضفاف حيث الأصدقاء”، وتابع قوله: من خلال قصائد سعادة نذهب بعيدا لندنو من الشعر كقبلة خاطفة على جبين الحبيب، كإقامة على عجل في صحبة العبور، خالصا إلى وصف شعر المحتفى به بكونه “شعر العبور بامتياز”.
بعد ذلك، ألقت الناشرة اللبنانية لينا كريدية كلمة تحدثت فيها عن قيمة جائزة “الأركانة” العالمية للشعر، حيث اعتبرتها فخرا للعالم العربي، لأنها جائزة نزيهة ولا تعرف المحسوبية، ولم تأت من فراغ، بل أتت من نظرة مستقبلية عميقة. واختتم الاحتفالية بقراءات شعرية قدمها الشاعر اللبناني وديع سعادة.
الجدير بالذكر أن جائزة “الأركانة” استمدت اسمها من شجرة فريدة في المغرب، يستخلص منها زيت ذو فوائد صحية وتجميلية، وقد مُنحت منذ عام 2002، إلى الشعراء: بي ضاو (الصين)، محمد السرغيني (المغرب)، محمود درويش (فلسطين)، سعدي يوسف (العراق)، الطاهر بن جلون (المغرب)، مارلين هاكر (الولايات المتحدة الأمريكية)، أنطونيو غامونيدا (إسبانيا)، إيف بونفوا (فرنسا)، نونو جوديس (البرتغال)، فولكر براون (ألمانيا)، محمد بنطلحة (المغرب)، محمدين خوان (الطوارق).
يشار إلى أن للشاعر اللبناني وديع سعادة العديد من المجاميع الشعرية، من بينها: ليس للمساء إخوة، مقعد راكب غادر الباص، بسبب غيمة على الأرجح، محاولة وصل ضفتين بصوت، رتق الهواء، نص الغياب، قل للعابر أن يعود نسي هنا ظله… وقد منح سنة 2011 جائزة “ماكس جاكوب” الفرنسية الشهيرة.