في رحلتنا الثالثة حول العالم، وفي مهمتنا لاكتشاف المؤلفين من مختلف البلدان، نصل إلى الجزائر للتعرّف على بعضٍ من أبرز كتّابها. استُرشد تاريخ الأدب في الجزائر بقرون من الثقافات المختلفة، بل والمتحاربة أحيانًا، فقد لعب السكان البربر، والغزاة الرومان، والعرب المسلمون، والمستعمرون الفرنسيون دورًا في تأسيس الأدب الجزائري وتطويره.
كاتب ياسين
من أبرز الكتّاب الذين ظهروا في الجزائر خلال انفصالها الطويل المؤلم عن فرنسا، كاتب ياسين، الذي تدور روايته “نجمة” الصادرة عام 1956 حول مذبحة سطيف عام 1945 والاستياء المتزايد الذي أدى إلى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية عام 1954، كما كتب العديد من المسرحيات الشعبية بالفرنسية والعربية والبربرية.
مولود فرعون
كان مولود فرعون هو الأكثر تأثراً بالثورة نفسها، وهو روائي من منطقة القبائل، نشر عدة كتب في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن العشرين قبل اغتياله عام 1962 من قبل منظمة الجيش السري، وهي جماعة شبه عسكرية فرنسية مناهضة للاستقلال. وعلى الرغم من ظروف اغتياله، فإن فرعون لم يكن مؤيدًا للاستقلال بشكل مطلق، وتعبّر رواياته عن شيء من هذا التناقض، النابع من كونه ولدًا فلاحًا واستفاد بشكل كبير من نظام التعليم الفرنسي، في الوقت الذي شاهد فيه الكثير من مظالم الاستعمار. كتب عن حياة السكان الأصليين في منطقة القبائل تحت الحكم الفرنسي بهدف توعية الفرنسيين بواقع الشعوب التي تستعمرها حكومتهم.
آسيا جبّار
بعد استقلال الجزائر في عام 1962، توجه الكتّاب نحو تقديم الأعمال التي تسهم في بناء هوية جزائرية جديدة في دولة مستقلة، بعد أكثر من 130 عامًا من الاستعمار. من أبرز الكتّاب في هذه الحركة الجديدة آسيا جبّار، الاسم المستعار لفاطمة الزهراء إمالاين، التي أصدرت العديد من المؤلفات أشهرها “نساء الجزائر”، و”ظل السلطانة”، و”بعيداً عن المدينة”، وتناولت فيها واقع النساء الجزائريات وتجاربهن، والعلاقة بين الهوية الوطنية والشخصية. كانت آسيا جبّار أول كاتبة عربية تفوز عام 2002 بـجائزة السلام التي تمنحها جمعية الناشرين وأصحاب المكتبات الألمانية.
ياسمينة خضرة
كان محمد مولسهول ضابطاً في الجيش الجزائري خلال حرب الاستقلال، وشهد بنفسه العديد من أهوالها، بينما كان يكتب باسم زوجته ياسمينة خضرة. تصوّر رواياته الحماقات البشرية وثقافة العنف. ركزت رواياته المبكرة، مثل “بسم الله”، على الوضع في الجزائر خلال الحرب، ولكن في السنوات الأخيرة تحوّل إلى مواضيع مماثلة في مواقع مختلفة، مثل العراق كما في روايته “صفارات إنذار بغداد” وأفغانستان في روايته “سنونو كابل”.
كوثر أديمي
كاتبة شابة (من مواليد عام 1986) تقيم في باريس منذ عام 2009. أثناء دراستها في جامعة الجزائر، شاركت في مسابقة للكتابة نظمها المعهد الفرنسي للكتّاب الشباب في مدينة موريه الفرنسية. استحوذت القصة القصيرة التي قدمتها على انتباه لجنة التحكيم التي نشرتها في مجموعة إلى جانب إنتاجات الفائزين الآخرين. لديها إجازة في الأدب الحديث وإدارة الموارد البشرية. في عام 2009، كتبت روايتها الأولى “الجانب الآخر L’envers des autres وفي نفس العام، غادرت الجزائر إلى باريس.
أحلام مستغانمي
أحلام مستغانمي هي مؤلفة أكثر الكتب مبيعًا والفائزة بجوائز عديدة، بما في ذلك جائزة نجيب محفوظ عن روايتها “ذاكرة الجسد”، وهي رواية عن نضال الجزائر ضد الهيمنة الأجنبية والمشاكل التي ابتليت بها الدولة الناشئة بعد استقلالها، وقد بيع منها أكثر من مليون نسخة. حصلت على الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا وتعيش الآن في بيروت. هي أول مؤلفة عربية معاصرة تبيع ملايين النسخ من أعمالها. في عام 2016، حصلت على لقب فنانة اليونسكو من أجل السلام.
مليكة مقدم
ولدت مليكة مقدم لعائلة بدوية في مدينة كينادسة على حدود المغرب. في عام 1997، هاجرت إلى فرنسا واستقرت في مونبلييه ودرست الطب، لتصبح أخصائية في أمراض الكلى، لكن الأدب ظل يحظى باهتمامها فبدأت بالكتابة بالفرنسية أيضًا. في كتابها Les hommes qui marchent “الرجال الذين يمشون”، تتناول مقدّم فترة منتصف الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي عندما كافحت الجزائر من أجل الاستقلال عن فرنسا، والقضايا التي كانت تسيطر على اهتمام الناس في تلك الفترة من وجهة نظر المرأة. تتابع عائلة واحدة لتظهر كيف تتفاعل كل من الجدة وحفيدتها مع التغيّرات في البلاد، سياسياً وثقافياً.
عائشة لمسين
عائشة لمسين، هو الاسم المستعار عائشة ليدي، الكاتبة الجزائرية التي تكتب بالفرنسية، والمناصرة لحقوق المرأة. كانت نائبة رئيس المنظمة النسائية العالمية للحقوق والأدب والتنمية، وعملت في لجنة المرأة التابعة لنادي القلم الدولي. أُجبرت على مغادرة الجزائر لأنها كانت تعتبر شخصًا خطيرًا من قبل المتشددين الإسلاميين. تستند أول روايتين لمسين إلى أحداث في وقت قريب من حرب الاستقلال الجزائرية. تُرجمت أعمالها إلى الإسبانية والبرتغالية والعربية والإنجليزية.
فضيلة الفاروق
نشأت فضيلة ملكمي المعروفة أيضاً بفضيلة الفاروق في مدينة قسنطينة بالجزائر. نالت شهادة الثانوية عام 1987 والتحقت بقسم الرياضيات وكلية الطب في جامعة باتنة لمدة عامين. ثم عادت إلى جامعة قسنطينة، والتحقت بمعهد الآداب. انتقلت إلى بيروت في أكتوبر 1995، والتقت هناك بالشاعر والكاتب المسرحي بول شاؤول الذي دعمها ككاتبة. في عام 1997 نشرت بنفسها “لحظة لاختلاس الحب” ثم “مزاج مراهقة” عام 1999 الصادرة عن دار الفارابي في بيروت. ظلت روايتها “تاء الخجل” غير منشورة لمدة عامين، إلى أن قبلتها دار نشر رياض الريس بدعم من الشاعر والكاتب عماد العبد الله. تناولت الرواية موضوع الاغتصاب والقوانين ذات الصلة في المجتمع العربي، وتكشف عن معاناة النساء المغتصبات في الجزائر خلال العشرية السوداء، وقد ترجمت إلى الفرنسية والإسبانية ولغات أخرى.
محمد ديب
تدور أحداث روايات محمد أديب، الدار الكبيرة، الحريق والنول (المعروفة مجتمعة باسم ثلاثية الجزائر) عن الصعوبات التي واجهها الفلاحون والعمال في الجزائر بين عام ١٩٣٨ و١٩٤٢ تحت الإدارة الفرنسية. وفي عام 1959 تم طرده من الجزائر بسبب تعاطفه مع الثورة ، لكنه تمكن من الاستقرار في فرنسا بفضل جهود كامو وكتاب آخرين. وتناولت أعماله اللاحقة مثل Qui se souvient de la Mer الثورة الجزائرية وآثارها باستخدام أسلوب أكثر سريالية واستعاريًا وخياليًا. نشر أيضًا عددًا من المختارات الشعرية، من بينها Formulaires 1970 و L’Enfant Jazz في عام 1998 ، كما حصل على جائزة مالارمي.
ألبير كامو
كانت أصوله الجزائرية وخبراته هناك في الثلاثينيات من القرن الماضي هي المسيطرة على فكره وعمله. ارتبط في وقت مبكر بالدوائر الفكرية ذات الاتجاهات الثورية القوية ، مع اهتمام كبير بالفلسفة ، ذهب إلى فرنسا في سن الخامسة والعشرين. وتقاعد كامو من الصحافة السياسية ، فأصبح نشطًا جدًا في المسرح كمنتج وكاتب مسرحي إلى جانب كتابة مقالاته وأعماله