Home 5 مقالات و تقارير 5 “شروق بنجوين”.. كلاسيكيات الأدب العالمي باللغة العربية

“شروق بنجوين”.. كلاسيكيات الأدب العالمي باللغة العربية

بواسطة | مايو 4, 2017 | مقالات و تقارير

كشف العقد الأول والثاني من الألفية الجديدة عن حالة نهوض واضحة في واقع الترجمة العربية، فالكثير من المشاريع الريادية أخذت طريقها إلى النور لتفتح نافذة على ثقافات العالم، ومن أبرزها المشروع الذي طرحته دار بنجوين العالمية للنشر بالشراكة مع دار الشروق المصرية عام 2010 تحت عنوان “شروق بنجوين” لترجمة سلسلة كلاسيكيات الأدب الشهيرة في الثقافة الأوروبية والأمريكية إلى اللغة العربية وفي الوقت نفسه ترجمة كلاسيكيات الأدب العربي إلى اللغة الإنجليزية.

تتلخص رؤية هذا المشروع في تحقيق التواصل الثقافي بين رواد الأدب الأوروبي وما يقابلهم من الرواد العرب، إذ لا يسعى المشروع إلى نقل الأعمال الحديثة أو المعاصرة إلى العربية، والعكس، وإنما يعمل على نقل أعمال كبار الأدباء الكلاسيكيين الذين شكلت تجاربهم ركائز لتطور الرواية والقصة والمسرح والشعر خلال القرون الثالثة الماضية، ويعمل جاهداً لاستكمال الرؤية التي تمضي بها دار بنجوين والمتمثلة في المقولة الشهيرة التي أطلقها مؤسس الدار السير آلان لين حيث قال: “أريد أن أجعل الكتاب بسعر علبة التبغ”.

مكتبة عالمية باللغة العربية

يعد مشروع “شروق بنجوين” الأول من نوعه في المنطقة الذي يتيح للقارئ العربي الاطلاع على أشهر وأهم ما أنتجته الثقافة العالمية باللغة العربية، حيث قامت دار بنجوين من قبل بإنشاء مشروعات مشابهة في كل من الصين، وكوريا الجنوبية، والبرازيل، ويتمثل الهدف من وراء مثل هذا المشروع بالمنطقة العربية في إمداد القارئ بمكتبة عالمية تضم أهم المؤلفات وأكثرها شهرة، والتي تحول معظمها إلى أفلام سينمائية وأعمال درامية ومسرحية.

لذلك يحسب للمشروع أهميته على أكثر من مستوى، فهو لا ينقل عن الإنجليزية وحسب، وإنما في المقابل يقدم الأدب العربي إلى العالم، ويعرّف بمؤسسي الرواية والقصة والمسرح في العالم العربي، إضافة إلى أنه يتخذ من تقديم المعرفة والإبداع هدفاً رئيسياً يتجاوز الربح المادي، فيسعى إلى تقديم الكتاب بجودة عالية وبأقل الأسعار، إضافة إلى أنه لا يحصر تجربته في النشر الورقي، وإنما يتوسع ليشمل النشر الإلكتروني.

ويحقق مشروع “شروق بنجوين” صورة عربية لكلاسيكيات بنجوين الشهيرة، التي حققت انتشاراً واسعاً في مختلف دول العالم، فالكثير من الأعمال الإبداعية مألوفة للقارئ العربي، لكنها في الوقت نفسه يندر الحصول على ترجمات رصينة ومحكمة لها، فهي كالكثير من الأعمال الغربية قُدمت إلى العالم العربي بصورة مختصرات، وتعريبات ضعيفة الترجمة وسيئة الطباعة.

 

نظرة على العناوين

تنكشف أولى بوادر المشروع في 12 عنواناً نُقلت إلى العربية بطبعات جديدة، حيث ترجم المشروع كتاب “الأمير” لنيقولو ماكيافلي، و”هاملت” و”ترويض الشرسة” لوليم شكسبير، و”السيدة صاحبة الكلب” وقصص أخرى لأنطون تشيخوف، و”دكتور جيكل ومستر هايد” لروبرت لويس ستيفنسون، و”تورتيلا فلات” لجون شتاينبك، و”بجماليون” لبرنارد شو، و”المتحذلقات” لموليير، و”الحاج مراد” لتولستوي، و”أندروماك” لجان راسين، و”مغامرات توم سوير” لمارك توين، و”دون كيخوته” لثربانتس.

 

ويثير المشروع بما يقدمه من أعمال، الكثير من التساؤلات حول أهمية ترجمة الأدب الكلاسيكي إلى العربية، وأهمية الشراكة بين دور النشر العربية والأجنبية في تسهيل حركة النشر، وأثر ذلك على القارئ والكاتب العربي بصورة عامة. فتعامل دار الشروق مع دار بنجوين يعد علامة فارقة في حركة النشر العربية، إذ تعد بنجوين من أشهر وأهم المؤسسات المتخصصة في صناعة النشر حول العالم، وتتجاوز إصداراتها السنوية، الأربعة آلاف عنوان، وكانت الدار قد بدأت نشر الأعمال الأدبية الخالدة عام 1946، من خلال سلسلتها الأشهر “كلاسيكيات بنجوين” التي وصل عدد عناوينها إلى أكثر من 1200 عنوان، تضم أهم الكلاسيكيات الأدبية القديمة والحديثة.

التواصل.. ضرورة حضارية

تتأكد أهمية مثل هذه المشاريع بتتبع تاريخ الأدب الإنساني وحركة تطوره بصورة عامة، فالتاريخ يشهد أن الفعل الجمالي حالة تراكم للخبرات الإنسانية وتنامي الذائقة على مختلف المستويات، فلا يمكن الكتابة من الفراغ، ومن دون تحقق حالة التنامي، والحذف والإضافة، على الراسخ والمتجذر.

لهذا يبدو إحياء كلاسيكيات الأدب ضرورة لتحديد معالم تطوّر الأدب بصورة عامة، وفتح منافذ جديدة على تحديثه، فجمل ما قدمته التجارب الإبداعية المعاصرة والحديثة من تيارات، كان حالة تطوّر وتمرد على الرؤية الكلاسيكية جاء بعد فهم وهضم لمختلف ما قدمه الرواد.

ليس ذلك وحسب، فكل مشروع شراكة وترجمة يعد خطوة مهمة في تحقيق التواصل بين الثقافة العربية ومختلف ثقافات العالم، إذ ينعكس هذا الانفتاح على المشروع الثقافي العربي بمستويات عديدة، منها ما له علاقة بحركة النشر وسوق الكتاب، ومنها ما له علاقة بحضور الكاتب العربي، وغنى تجربته، ومنها ما يتجلى علّى رفوف مكتبات القارئ ومستويات وعيه.

ربما يكون الناشر العربي اليوم أكثر حاجة من أي وقت مضى لتجسير العلاقة بين الثقافة العربية ومختلف ثقافات العالم، فسوق النشر العالمي شهد جملة من التغيّرات والتطورات التي يؤكدها حجم استثماراته المقدر بأكثر من 20 مليار دولار أمريكي، وينبغي أن يكون للنشر العربي نصيب وافر منها، في ظل تزايد أعداد دور النشر بالوطن العربي.

أخبار حديثة

20ديسمبر
انتعاش قطاع النشر السعودي: أكثر من 500 دار نشر تدفع نمو الصناعة

انتعاش قطاع النشر السعودي: أكثر من 500 دار نشر تدفع نمو الصناعة

كشفت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” في المملكة العربية السعودية، عن وجود أكثر من 500 دار نشر محلية في المملكة حالياً، ما يعكس التطور النوعي الذي شهدته صناعة النشر في البلاد خلال الأعوام الأخيرة، والاهتمام المتزايد بهذا القطاع من قبل المستثمرين ورواد الأعمال.   وأشارت الهيئة في تقريرها للربع الثالث من 2024، إلى أنه […]

20ديسمبر
“المعجم التاريخي للغة العربية” يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية

“المعجم التاريخي للغة العربية” يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية

تسلّم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة، شهادة من موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بمناسبة حصول “المعجم التاريخي للغة العربية” على لقب أكبر وأضخم مشروع لغوي تاريخي على مستوى العالم بعدد 127 مجلداً.   وأكد صاحب السمو حاكم الشارقة أن هذا اللقب يثبت […]

18ديسمبر
كيف تمهد مبادرة “ببلش هير” الطريق للنساء لقيادة صناعة النشر؟

كيف تمهد مبادرة “ببلش هير” الطريق للنساء لقيادة صناعة النشر؟

تعد صناعة النشر واحدة من أكثر الصناعات ديناميكية في العالم، لكنها، مثل غيرها من المجالات الإبداعية، تواجه تحديات مستمرة فيما يتعلّق بتحقيق المساواة بين الجنسين في مجال العمل. ورغم أن النساء يشكّلن جزءاً كبيراً من العاملين في هذا القطاع، فإنهن غالباً ما يواجهن عوائق تحد من وصولهن إلى المناصب القيادية أو تحول دون تحقيق بيئة […]

Related Posts

كافكا: سيد القلق الوجودي الحديث

كافكا: سيد القلق الوجودي الحديث

يُعَد الكاتب التشيكي فرانز كافكا، أحد أكثر الكُتّاب غموضاً وتأثيراً في القرن العشرين، وغالباً ما ينظر إليه بأنه صوت القلق الوجودي المعاصر أو رائد الكتابة الكابوسية! إذ تعكس أعماله، وخاصة "المحاكمة" و"التحوّل"، الاغتراب وعبثية الحياة في عالم متزايد البيروقراطية...

النشر المستدام: كيف تتحوّل الصناعة إلى اللون الأخضر

النشر المستدام: كيف تتحوّل الصناعة إلى اللون الأخضر

مع تزايد المخاوف البيئية حول نقص الموارد الطبيعية، تعيد الصناعات في جميع أنحاء العالم النظر في ممارساتها، وقطاع النشر ليس استثناءً، حيث يبرز النشر المستدام باعتباره محوراً بالغ الأهمية للناشرين من جميع المستويات، مدفوعاً بالطلب من المستهلكين والمسؤولية الاجتماعية....

تكاليف مرتفعة، وصول محدود: حالة النشر الرقمي في أفريقيا

تكاليف مرتفعة، وصول محدود: حالة النشر الرقمي في أفريقيا

أحدث النشر الرقمي تحولاً في المشهد الأدبي والتعليمي العالمي، ولكن إفريقيا جنوب الصحراء تواجه العديد من التحديات التي تعيق نموها في المنطقة. وعلى الرغم من الوعد بتحسين الوصول إلى المعلومات وخفض تكلفة النشر، فإن الحواجز مثل الاتصال المحدود بالإنترنت، وتكاليف البيانات...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest