أحدث النشر الرقمي تحولاً في المشهد الأدبي والتعليمي العالمي، ولكن إفريقيا جنوب الصحراء تواجه العديد من التحديات التي تعيق نموها في المنطقة. وعلى الرغم من الوعد بتحسين الوصول إلى المعلومات وخفض تكلفة النشر، فإن الحواجز مثل الاتصال المحدود بالإنترنت، وتكاليف البيانات المرتفعة، وانخفاض معرفة السكان بالقراءة والكتابة الرقمية، وفجوات البنية الأساسية، لا تزال تبطئ التقدّم.
أحد التحديات الأكثر أهمية هو انتشار الإنترنت، فوفقاً لإحصاءات “داتاريبورتل” لعام 2024، فإن انتشار الإنترنت في إفريقيا جنوب الصحراء يبلغ 43٪ فقط، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 65٪. وفي دول مثل إثيوبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، أقل من 20٪ من السكان لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، ولذلك فإن هذه الفجوة الرقمية تجعل من الصعب على الناشرين الوصول إلى جمهور عريض من خلال المنصات الرقمية.
وتؤدي تكاليف البيانات المرتفعة إلى تفاقم المشكلة، إذ تشير تقارير “تحالف الإنترنت بأسعار معقولة” إلى أن متوسط تكلفة 1 جيجابايت من البيانات في إفريقيا جنوب الصحراء اعتباراً من عام 2023 يبلغ 7.1٪ من الدخل الشهري، وهو أعلى بكثير من الهدف العالمي البالغ 2٪. وهذا يجعل الوصول إلى المحتوى الرقمي باهظ التكلفة بشكل كبير بالنسبة لجزء كبير من السكان، وخاصة في المناطق الريفية.
يمثل انخفاض مستوى الإلمام الرقمي أيضاً عقبة رئيسية، فحسب معهد اليونسكو للإحصاء فإن ما يقرب من 35٪ من البالغين في إفريقيا جنوب الصحراء هم أميون، ويفتقر العديد من المتعلّمين إلى المهارات الرقمية اللازمة للتعامل مع الكتب الإلكترونية، والمجلات عبر الإنترنت، ومنصات التعلّم الرقمية، خصوصاً أن كثيراً من هذه المصادر لا تتوفر باللغات المحلية للدول الإفريقية.
وعلى الرغم من هذه التحديات، هناك علامات على التقدّم، فقد قدمت مبادرات مثل منظمة “وورلدريدر” كتباً رقمية لأكثر من 18 مليون قارئ في المنطقة، ما يشير إلى أن النشر الرقمي يمكن أن يزدهر بالدعم المناسب. ومع ذلك، فإن التغلّب على هذه التحديات يتطلّب استثماراً مستداماً في البنية التحتية والتعليم وإصلاح السياسات، وكذلك تعاوناً أكبر بين الناشرين لتقديم إصدارات تتناسب مع احتياجات السكان وبأسعار مناسبة.