Home 5 مقالات و تقارير 5 الصومال.. في انتظار المكتبة الوطنية

الصومال.. في انتظار المكتبة الوطنية

بواسطة | يونيو 7, 2017 | مقالات و تقارير

ياسر فائز

مطلع تسعينات القرن الماضي أحرقت المكتبة الوطنية الصومالية ضمن تداعيات انفجار الحرب الأهلية، وتعطّلت المكتبة منذ حينها وما زالت، على الرغم من بروز جهود ومبادرات مختلفة لإعادة بنائها وإعادة إحيائها. وصار المبنى الضخم ذو الأجنحة المتعددة والطوابق الأربعة ملجأً لفاقدي المأوى، وهو مبنى يوازي في فخامته مبانٍ سيادية مثل مبنى البرلمان، حيث اختير موقع المكتبة بعناية وسط العاصمة مقديشو، قبالة المسرح الوطني، وهو موقع جاذب وبمساحة كبيرة وكافية لبعث المكتبة الوطنية من جديد.

المكتبة الوطنية في الصومال أو “مكتبة مقديشو” تأسست رسميا في العام 1975م وكانت مفتوحة للجمهور، وفي العام 1983م كان عدد الكتب بالمكتبة قد بلغ حوالي سبعة آلاف كتاب إلى جانب وثائق تاريخية ومواد أرشيفية أخرى، وتطورت المكتبة الوطنية بشكل كبير في العام 1986م وتوسّعت نشاطاتها الثقافية، حيث قامت بالدور الرئيسي في حفظ الإنتاج الثقافـي الصومالي والتعريف به، وحماية حق المؤلف والملكية الفكرية.

في العام 2013م قامت زينب حسن المديرة السابقة للمكتبة الوطنية الصومالية بمحاولة استعادة المكتبة، وبادرت ذلك بالاستفادة من دعم معهد التراث لدراسة السياسات في الصومال Heritage Institute for Policy الذي جلب شحنة من اثنين وعشرين ألف كتاب من الولايات المتحدة الأمريكية عبر التنسيق مع بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي للحصول على دعمهم، ويعتبر المعهد فريدا من نوعه بوصفه يعمل في الجوانب الفكرية في زمن عاصف لبلد يعاني أزمة حرب أهلية منذ أكثر من عقدين.

عملت زينب حسن مع معهد التراث على استعادة المكتبة ضمن مشروع يهدف إلى استعادة التاريخ الأدبي الغني للصومال التي مزقتها الحرب، ووجهت زينب حسن نداءات مختلفة للمنظمات الدولية ذات الشأن بالمكتبات والتراث الثقافي، إذ أعلنت الحكومة الصومالية رسميا تبنيها لمشروع استعادة المكتبة الوطنية وافتتاحها من جديد، وشرعت حسن في خطوات فعلية من أجل ذلك أبرزها؛ العمل مع الحكومة لإيجاد مأوى بديل للأسر والأفراد الذين يقطنون مبنى المكتبة، وقامت باستدعاء المغتربين الصوماليين، واستثمارات القطاع الخاص للمشروع، وحاولت توفيق معالجة لمواكبة التكنولوجيا المكتبية في بلد يفتقر إلى التقنيات الحديثة، إلى جانب الحصول على اتفاقات بتوريد ستين ألف كتاب باللغة العربية، في خطة كانت تستهدف توفير الكتب بالتساوي في المكتبة لثلاث لغات؛ الصومالية، العربية، والإنكليزية.

جاءت هذه الجهود إلى جانب الكثير من الخطط شكّلت تصورا مكتملا ومخططا واضحا للمشروع، بحيث توقّع الكثيرون أن يشهدوا افتتاح المكتبة الوطنية الصومالية من جديد في تاريخ قريب حينها، لكن الواقع أن المشروع تعطل فعليا.

الحكومة الصومالية أكدت هذا العام – في وثيقة رسمية صادرة عن إدارة المكتبة الوطنية – مضيها في مشروع لإحياء المكتبة الوطنية برؤية مكتبة وطنية متميزة إقليميا ودوليا، تعمل على تنمية المواطن الصومالي، وأن تلعب المكتبة الوطنية دورا رئيسا في تعزيز السلام والاستقرار والديمقراطية من خلال الإنتاج المعرفي إلى جانب المهمة الرئيسية التي تلعبها في جمع وتوثيق وحفظ التراث الفكري الوطني والمنتج الإبداعي والإعلامي، والذي تحتاج الصومال ضمانه عبر إحياء المكتبة الوطنية، فالصومال تفتقد أيضا للمكتبات العامة وبحاجة ماسة لتوفير مراجع عامة، ومناخ معرفي لطلاب وطالبات حوالي خمسين أكاديمية جامعية، ما يجعل قيام المكتبة الوطنية وتأسيس فروع لها، أمراً ضرورياً وملحاً.

ويهدف مشروع إحياء المكتبة الوطنية – بعد استعادة المبنى – إلى إعادة جمع وترتيب الكتب والمخطوطـات والمطبوعـات الدوريـة والتسجيلات الصوتية والمرئية، التي اختفت عن الأنظار إثر انهيار الدولة تسعينات القرن الماضي، إضافة إلى جمع الوثائق الموجودة لدى الوزارات، والدوائر، والمؤسسات الرسمية، والوثائق المتعلقـة بالحكومة الصومالية، والوثائق الشخصيـة وحفظها وتنظيمها ونشرها وفق قانون المكتبة، والقيام بإصدار الببليوغرافيا الوطنية بشكل دوري وتنظيم الفهرس الموحد، ونشـر الفهـارس والأدلـــة والببليوغرافيات المتخصصة وتسهيل استعمالها والإفادة منها.

ويسعى المشروع لسد نقص الخدمات المكتبية للأكاديميات الجامعية عبر تقديم الخدمات المكتبيـة والمعلوماتيـة للباحثين والدارسين المستفيدين من مقتنيات المكتبة الوطنية، ويعمل المشروع على تعزيز التبادل الثقافي مع الإقليم والعالم عبر إقامة علاقات تعاون مع المكتبات الوطنية ومراكز الوثائق والتوثيق في الدول العربية والإسلامية الأفريقية والأجنبية، المتخصصة في مجال المكتبات والوثائق، وتنظيم المؤتمرات والندوات والحلقات العلمية والدراسـة المتعلقة بالمكتبات والتوثيق، وإقامة معارض الكتب والوثائق والمشاركة فيها، وتنظيم برامج الإهداء والتبادل والتوزيع والإعارة على المستويين العربي والدولي، بما لا يتعارض مع قانون حماية حق المؤلف.

هذه الأهداف التي وضعت وفق رؤية طموحة ستحتاج الكثير من المثابرة كي تتجاوز جميع العقبات التي تعرضت لها المبادرات السابقة، وتبقى الحاجة للمكتبة الوطنية الصومالية ليست شأنا صوماليا خاصا فقط بل غاية معرفية يحتاج لها العالم ليفتح نافذة على أحد أهم دول شرق أفريقيا التي تتميز بذاكرة سردية خصبة لتاريخ غني وفاعل.

أخبار حديثة

05مارس
دار نشر برازيلية تطرح روايات لمؤلفين فلسطينيين ومصريين

دار نشر برازيلية تطرح روايات لمؤلفين فلسطينيين ومصريين

تواصل دار “طبلة” للنشر، البرازيلية المتخصصة في نشر أعمال الكُتّاب من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السّوق البرازيليّة، جهودها في تقديم الأدب العربي للجمهور الناطق بالبرتغالية، حيث أصدرت خلال شهري فبراير ومارس 2025 روايتين لمؤلفين عرب، إحداهما “رحلات عجيبة في البلاد الغريبة”، وهي رواية موجهة لليافعين تحمل بين طياتها دروساً عميقة.   تدور أحداث […]

04مارس
مشروع “كتب صُنعت في الإمارات” يواصل دعمه للإبداع المحلي

مشروع “كتب صُنعت في الإمارات” يواصل دعمه للإبداع المحلي

ضمن المرحلة الثانية من مشروع “كتب صُنعت في الإمارات” الذي ينظّمه المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، استضاف “بيت الحكمة” في الشارقة على مدار ثلاثة أيام، ورشة عمل لرسامي كتب الأطفال الإماراتيين، تحت إشراف الفنان التشكيلي مجدي الكفراوي، وبهدف التعبير البصري عن الحكايات الشعبية الإماراتية التي تم جمعها وإعادة كتابتها من قبل المؤلفين الإماراتيين في المرحلة الأولى […]

26فبراير
هل ستغيّر أمازون ملامح 007 للأبد؟

هل ستغيّر أمازون ملامح 007 للأبد؟

أثار استحواذ شركة “أمازون” على الحقوق الإبداعية لسلسلة أفلام جيمس بوند الشهيرة موجة من القلق في بريطانيا، حيث تساءل البعض عما إذا كان هذا الاتفاق سيغيّر ملامح السلسلة التي استمرت لأكثر من 60 عاماً.   بعد معركة طويلة بين “أمازون” وعائلة بروكلي، المنتجة التاريخية لأفلام العميل 007، حُسمت الصفقة بمنح المجموعة الأمريكية السيطرة الإبداعية على […]

Related Posts

جول فيرن.. الروائي الذي ألهمت أعماله العلماء والمخترعين

جول فيرن.. الروائي الذي ألهمت أعماله العلماء والمخترعين

حلت في الثامن من فبراير ذكرى وفاة الكاتب الفرنسي جول فيرن (1828-1905)، أحد رواد أدب الخيال العلمي، الذي لم يكن مجرد كاتب مغامرات، بل كان صاحب رؤية استشرافية تجاوزت زمنه، حيث نجح في رسم ملامح مستقبل مليء بالاختراعات والاكتشافات التي تحققت بعد وفاته، ما جعله واحداً من...

الترجمة الأدبية وحقوق الملكية: هل يحصل المؤلفون على حقوقهم العادلة؟

الترجمة الأدبية وحقوق الملكية: هل يحصل المؤلفون على حقوقهم العادلة؟

تلعب الترجمة دوراً محورياً في الربط بين الثقافات المختلفة وتعزيز التواصل بين الشعوب، حيث تتيح للأعمال الأدبية تجاوز الحدود اللغوية والوصول إلى جمهور عالمي. ولكن في ظل هذه الأهمية، يبرز تساؤل مهم: هل يحصل المؤلفون على حقوقهم العادلة عند ترجمة أعمالهم؟   تخضع حقوق...

كيف أصبحت “جايبور راجز” حديث الكتب؟

كيف أصبحت “جايبور راجز” حديث الكتب؟

منذ تأسيسها في العام 1978 على يد ناند كيشور تشودري، تجاوزت قصة "جايبور راجز" عالم السجاد المصنوع يدوياً لتصبح موضوعاً تتناوله الكتب. فقد بدأت هذه العلامة الهندية الشهيرة مع تسعة حِرفيات، ثم نمت لتصبح مؤسسة عالمية تتعاون مع أكثر من 40 ألف حِرفي، معظمهم من النساء، عبر...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest