يمثل اعتماد الرقم المعياري الدولي للكتاب (ISBN) نقطة تحول وعلامة فارقة في تاريخ صناعة النشر، إذ يعتبر اعتماد هذا النظام أحد أهم الأسباب التي ساهمت في تطور حركة النشر وتنظيمها على المستوى العالمي، فهو يمثل اليوم أداة استرجاع أو مراجعة كل كتاب منشور.
ويعتبر الرقم المعياري الدولي للكتاب نظام تقييس دولي، وأداة عصرية للتعريف بهوية كل كتاب، فمن خلاله يتمكن الباحث أو القارئ من الوصول وبكل سهولة ويُسر إلى أي عناوين أو طبعات صادرة عن مؤلف أو ناشر معين في كل أنحاء العالم، ويوصف هذا الرقم بأنه أقرب إلى رقم الهوية الذي يُمنح للأفراد للتعريف بهم، حيث يطبع على الكتاب مسبوقاً بحروف (ردمك) للمطبوعات المنشورة باللغة العربية و(ISBN) للمطبوعات المنشورة بلغات أخرى.
كان أول نقاش حول مسألة الحاجة إلى نظام ترقيم دولي للكتب قد انطلق في مداولات المؤتمر الدولي الثالث لأبحاث سوق الكتاب وتنظيم تجارة الكتب، الذي عُقد في نوفمبر 1966 في برلين، وذلك في الوقت الذي بدأ فيه مجموعة من الناشرين وموزعي الكتب في أوروبا التفكير في الاعتماد على الحوسبة في إدارة مبيعاتهم ومراقبة مخزونهم، وفي العام 1970 اعتمدت المنظمة الدولية للمعايير أيزو (ISO) صيغة الرقم المعياري الدولي للكتاب ((ISBN، وكان وقتها يتكون من 10 أرقام قبل أن يتم في العام 2007 إضافة بادئة مكونة من 3 أرقام ليصبح 13 رقماً.
وبحسب ما ورد في “الطبعة الدولية السادسة من دليل مستخدمي النظام القياسي الدولي لترقيم الكتب”، الصادر عن الوكالة الدولية للنظام القياسي الدولي لترقيم الكتب – لندن 2013، يكتب الرقم الدولي المعياري للكتاب خلف صفحة العنوان (صفحة حقوق النشر)، أو أسفل صفحة العنوان في حال عدم توفر مساحة خلف الصفحة، كما يمكن كتابته على القسم الأدنى من الغلاف الخلفي، أو أسفل الغلاف الخارجي، أو في الغلاف الورقي أو أي غطاء آخر يحمي المنشور.
ووفقاً للدليل ذاته، يتكون (ISBN) من خمسة عناصر مختلفة الطول تفصل بينها علامة شرطة (-) أو مسافة الوحدات، هي: عنصر البادئة الذي أضيف في العام 2007 وهو عدد مكون من ثلاثة أرقام، وتتكون البادئة من العدد 978 أو العدد 979، وعنصر مجموعة التسجيل، ويدل على قاسم مشترك بين الناشرين كالدولة أو المنطقة أو اللغة، وعنصر المسجل، ويدل على ناشر بعينه داخل المجموعة، وعنصر النشر، الذي يخص كتاب معين من بين كتب الناشر الواحد أو طبعة واحدة من طبعات مختلفة للكتاب الواحد، وأخيراً عنصر التدقيق، ويتكون من رقم واحد يأتي في نهاية الوحدات الأربع السابقة ويستخدم في المراجعة الآلية لضمان صحة الترقيم.
وفي كثير من الأحيان يكون ناشر الكتاب هو الجهة التي تتقدم بطلب الحصول على الرقم الدولي المعياري، حيث يمكن الحصول عليه من منظمات تقييس محلية، وعلى سبيل المثال يتم إصدار (ISBN) في دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، التي تمنحه منذ مارس 2019 مجاناً لجميع الناشرين في الدولة، بهدف تعزيز صناعة الكتاب والنشر.
ويعتبر (ISBN) معرفاً عالمياً فريد للمنشورات الكتابية، وتعترف به حالياً أكثر من 160 دولة، ويوفر جملة من المزايا والفوائد إذ يسمح الاستخدام الصحيح لنظامه بالتمييز الواضح بين أشكال إنتاج ونسخ مختلفة من كتاب سواء كانت مطبوعة أم رقمية مما يسهل من عملية الوصول إليها واقتنائها بالنسبة للقراء، وتجار التجزئة، وأصحاب المكتبات، وكون رقم (ISBN) يقرأ آلياً فذلك يوفر الوقت وتكاليف الموظفين كما يقلل من أخطاء النسخ.
وتنبع أهمية الرقم الدولي المعياري للكتاب من كونه بات ضرورياً لإدارة أنظمة نقاط البيع الإلكترونية في متاجر الكتب، حيث تعتمد العديد من أنظمة النشر وسلاسل التوريد في عملها عليه، كما بات يمثل عنصر مهم في جمع بيانات المبيعات، وفي ظل عالم أصبحت فيه حقوق الملكية الفكرية منتهكة وانتشرت فيه القرصنة تزايد الاهتمام بهذا النظام، الذي يحمي حقوق الناشرين والمؤلفين بآليات عديدة، فعلى سبيل المثال لا تسمح اليوم الكثير من معارض الكتاب العالمية بعرض أي كتاب لا يحمل الرقم الدولي المعياري بطريقة نظامية، ما يضمن ويصون حقوق المؤلفين والناشرين، وينظم عملية البيع والتوزيع، وعمليات الترجمة إلى لغات أخرى.
وإلى جانب الكتب هناك أشكال لمنشورات أخرى يجب استخدام الرقم الدولي المعياري فيها، منها منشورات بريل، والمنشورات التي لا ينوي ناشرها تحديثها بانتظام أو تستمر إلى أجل غير محدد، والمقالات الفردية، والنسخ الخاصة من مصدر مستمر، والخرائط، والأفلام والفيديوهات التي تدخل في نطاق وسائل العرض التعليمية والتربوية، إلى جانب الكتب الصوتية سواء أن كانت على أشرطة أو أقراص مدمجة CD أو أقراص فيديو رقمية DVD.