على احدى الشاشات الكبيرة وفي بث حي ومباشر عبر برنامج السكايب، وفي خطاب مؤثر ومهيب من المملكة المتحدة، تحدثت “أنجيلا غوي”، إبنة “غوي مينهاي”، الناشر والكاتب الصيني/ السويدي الحائز على جائزة فولتير لهذا العام في حرية النشر من اتحاد الناشرين العالميين، عن محنة والدها المحتجز لدى السطات الصينية.
قدمت غوي شهادة حيّة حول معنى الاعتقال، ومفهوم أن تملك حريتك الفكرية، إلى الناشرين المشاركين في فعاليات الدورة الثانية والثلاثين من مؤتمر الناشريين الدوليين في العاصمة الهندية نيو دلهي.
وخلال الجلسة التي عقدت بعنوان “هل يلعب التقدير و الجوائز دورا مهما؟” حرص المشاركون في المؤتمر على الاستماع الى آخر التطورات الخاصة بوالد “انجيلا” خصوصا وأن حالته ما زالت مستمرة منذ أكثر من عامين؛ حيث اعتقل “مينهاى” مرات عديدة بعد أن اعترضت السلطات الصينية على نشره وبيعه مؤلفات انتقد فيها القيادة الصينية.
وأطلقت دار النشر “مايتي كيرنت” في هونغ كونغ عدة نسخ من مؤلفات “مينهاي” بيعت جميعها في مكتبه “كوزواي باي” فى هونج كونج.
واشارت “انجيلا” بأن السلطات الصينية ألقت القبض على والدها على متن قطار متجه الى بكين قبل ثلاثة اسابيع، وأضافت: “لقد كان والدي في طريقه الى موعد طبي برفقة دبلوماسيين سويديين ولم يكن هنالك أيُ أمرٍ بإلقاء القبض عليه، ولكن في ظهر يوم الجمعة (9 شباط / فبراير)، تم إجراء ما يسمى ب “مقابلة” معه أُجبِر خلالها بكل وضوح على القول بأنه قد ضُلِلَ من قبل الدبلوماسيين السويديين الذين قاموا بتشجيعه على كشف أسرار الدولة؛ ولكن ما هي أسرار الدولة التي قد يكون والدي على علم بها؟ ولسوء الحظ منذ ذلك الحين ووالدي يقبع بالسجن”.
وتابعت: “لدي الكثير من الأسئلة أطرحها حول وضعه القانوني في الوقت الراهن، لا أعرف أين هو الآن وبت قلقة من احتجازه لفترات أطول، ولا أعتقد أن جميع ما قاله في المقابلة قد تم كتابته وتحضيره مسبقا، وخاصة الجزء المتعلق بعدم رغبته بجائزة فولتير في حرية النشر، لأنه كان في غاية السعادة عندما علم بترشيحه للجائزة عام 2015؛ فأي سلطة تلك التي تجبره على قول ما لا يريد!”
وفي ردها على سؤال طرحته رئيسة الجلسة، جيسيكا سانجر، عضو رابطة تجارة الكتب الألمانية”، شككت “غوي” في مدى قبول مجموعة الناشرين الصينيين كعضو في اتحاد الناشرين الدوليين، لما تمثله الموضوعات المطروحة في الاتحاد من حساسية في قطاع النشر”.
وأضافت: “أنا لست متأكدا تماماً كيف يمكنني المضي قدماً في هذا الشأن ولكن كل ما أود معرفته كيف يُسمح لجمعية الناشرين الصينيين أن تكون جزءا من اتحاد الناشريين الدوليين؟ وكيف يمكننا الدفاع عن قيم ومبادئ اتحاد الناشريين الدوليين؟
وأثارت هذه الأسئلة فضول “بهوغو سيتزر”، نائب رئيس اتحاد الناشرين الدوليين، حيث خاطب “جنيفر كليمنت”، رئيس منظمة القلم الدولي (PEN International)”، متسائِلاً عن رؤيتها للتعاون بين منظمة القلم الدولي واتحاد الناشرين الدوليين.
وأجابت كليمنت: “سوف يكون هناك تعاون مستقبلي بيننا ولكن تجدر الاشارة الى وجود العديد من القواعد والقوانين الصارمة التي تحكم منظمة القلم فيما يتعلق بالجهة التي نأخذ منها المال، فعلى سبيل المثال، لا نأخذ المال من أي منظمة تدعمها الصين”.
واضافت: “إن مسألة إشراك أوعدم إشراك أي دولة هي مسألة تخص أصحاب العلاقة بقطاع النشر؛ فالبعض يرى أنه من الأفضل أن تضم المنظمة في عضويتها دولا مثل الصين بدلاً من إخراجها في حين يرى آخرون أنه يتوجب رسم حدود حمراء لا يمكن لاحد أن يتخطاها”.
وسلطت كليمنت الضوء على العديد من القضايا التي تتعلق بشؤون المرأة قائلةً: لقد كنت أول امرأة ترأس منظمة القلم الدولي، ولذلك كانت إحدى أبرز مهامي مساعدة الكاتبات والبحث في كيفية اسهام العنف ضد المرأة في خلق رقابة عليها، فهناك أنواع مختلفة من العنف الذي تتعرض له النساء أبرزها – الإجهاض الانتقائي على أساس جنس الجنين مرورا بتجارة الفتيات اللواتي يُخْطَفْنَ ويُبَعْنَ ويُتْجَرُ بهن – وصولا الى طالبات الجامعات اللواتي يتم التشهير بهن على وسائل التواصل الاجتماعي”.
واختتمت كليمنت حديثها بالقول: “في الحقيقة إن الإرث المميز للكتابات والصحفيات هو ما يلهم منظمة القلم الدولي لمواصلة محاربة العوائق التي لا تزال تواجهها النساء سواء كان ذلك يتعلق بالرقابة التي قد تتمثل بالعنف الجسدي أو العاطفي، أو ما يتعلق بالمجتمع الذي يخلق قوالب نمطية تهمش دور النساء، خاصة في قطاع النشر الذي ما زال يفتقر الى مشاركتهن. ومن هذا المنطلق قامت منظمة القلم الدولي بإطلاق ما يسمى بـ”إعلان منظمة القلم الدولي للمرأة”، والذي يهدف الى حماية المرأة من العنف والتمييز ويعزز من أمنها، ويضمن تكافؤ فرص حصولها على التعليم”.