المؤلف: أحمد مسعود
دار النشر: Oberon Books
تحكي مسرحية الكاتب والمخرج المسرحي والأكاديمي الفلسطيني أحمد مسعود “صانعة الكفن” The Shroud Maker قصة امرأة تبلغ من العمر 84 عامًا تبيع أكفانًا للموتى من أجل البقاء على قيد الحياة. إنها كوميديا سوداء تحاول تسليط الضوء على إنسانية البشر، وروح الدعابة وغريزة البقاء العظيمة التي يتمتع بها الكثير من الناس حول العالم.
نشأت بطلة المسرحية، الحاجة سعاد، وهي الابنة بالتبني لزوجة المفوض السامي البريطاني، ليدي كننغهام. بعد نكبة فلسطين 1948، وتُركت وحيدة في القصر الكبير التابع للمفوض. وأثناء فرارها من القصر، تعثر على طفل رضيع على جانب الطريق فتسارع إلى تبنيه ليكون ابناً لها.
بعد النكبة، تنتقل سعاد إلى الضفة الغربية وتصبح فجأة لاجئة حتى حرب أكتوبر 1973 عندما تجد نفسها مجبرة مرة أخرى على الفرار إلى غزة مع ابنها إليان. يتزوج إليان وينجب ولداً يدعى غسان. تمضي السنوات سريعاً، يستشهد الابن خلال الانتفاضة فيما يعتقل جنود الاحتلال زوجته.
حفيدها، غسان، يهرب إلى الجانب الآخر من الجدار الحدودي ويذهب للعيش مع عائلة عربية درزية تؤويه، ثم يكبر كإسرائيلي. ينضم إلى الجيش ويقود توغلاً لقوات الاحتلال على حي الشجاعية في غزة لتدمير الأنفاق حيث تتمركز الحاجة سعاد، ويجد نفسه فجأة في مواجهة جدته!
إنها مسرحية منفردة يتم فيها لعب جميع الشخصيات من قبل شخصية واحدة، وهو أمر يمثل “مقامرة أدبية” لأنه قرار جريء يخالف التقاليد العربية المتبعة في سرد القصص، إنه يشبه وجود حكواتي يأخذ الجمهور في رحلة باستخدام النص غالباً ولكن أيضًا بالاعتماد على بعض التفاصيل والكثير من المؤثرات الصوتية لنقلهم إلى مكان خيالي.
فلسطيني من غزة
وصل أحمد مسعود إلى المملكة المتحدة في عام 2002 قادماً من غزة لإكمال دراساته العليا في الأدب الإنجليزي. خلال هذه الفترة كتب روايته الأولى “اختفى – اختفاء غامض لمصطفى عودة”. في عام 2005، أسس فرقة الزيتونة للدبكة الفلسطينية، حيث كتب وأخرج العديد من المسرحيات الناجحة، بما في ذلك عمل مقتبس من رواية غسان كنفاني الشهيرة “عائد إلى حيفا”. لكن خلال الحرب على غزة في يوليو 2014، ولدت فكرة “صانعة الكفن”.
على الرغم من أن شخصية الحاجة سعاد تستند إلى شخص حقيقي، إلا أن “القصة مختلفة جدًا”، وفقًا لما قاله مسعود، واصفاً إياها بأنها “مظلمة بما يكفي لتقديم كل من الكوميديا والصدمة العميقة”.
هناك مزيج من الكلمات الكوميدية والمؤلمة التي تضفي توازنًا فريدًا بين وجع القلب والضحك في السخرية القاتمة لمسرحية مسعود، فهي تجعل دموع القراء تتساقط حتى وهم يحاولون الضحك بشكل قاتم على موقف لا معنى له. القراء يتخيّلون سعاد على شكل “إنسان حقيقي” ولكنه إنسان غير محبوب لأنها تستفيد بدهاء من بؤس الناس من خلال دفعهم للحصول على أكفان.
من أكثر اللحظات قسوة وألماً في المسرحية، تلك التي تخاطب فيها سعاد الجنود الإسرائيليين أثناء هجومهم على غزة، محاولة الحفاظ على عملها حتى ولو على حساب دماء أبناء شعبها: “اقتلوا كل شخص في هذه المدينة وسأصنع أكفاناً لهم جميعًا”! وتضيف لحفيدها الجندي الذي لا تعرفه: “سأعطيك 10% من أرباح الأكفان”!.