وسط القصص المأساوية لأفغان يخبئون مكتباتهم وأجهزة التلفاز والتسجيل الخاصة بهم، وحتى حذف حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، خوفاً من الإساءة التي قد يتعرضون لها من قبل طالبان، نشر الكاتب الأمريكي الجنسية الأفغاني المولد خالد حسيني، مؤلف الرواية الشهيرة “عدّاء الطائرة الورقية” The Kite Runner، رسالة يائسة على “فيسبوك” تحمل خوفاً من المجهول، بعد حديثه في وقت سابق من هذا الشهر مع ابنة عمه التي تقيم في مدينة هرات غرب أفغانستان.
في 14 أغسطس كتب حسيني: “لقد بدت مرعوبة… أنا قلق على ملايين الأفغان الذين فروا من ديارهم ويصارعون أسئلة وجودية. إلى أين سيذهبون؟ ماذا سيحدث لهم؟ لا أحد يمكنه الإجابة عن ذلك على وجه اليقين. لكن أكثر ما يقلقني هو أخواتي الأفغانيات. فالنساء والفتيات يتعرضن لخسارة أكثر من أي مجموعة أخرى”.
وأضاف: “هناك العديد من الصور المروعة الماثلة في الذاكرة منذ آخر مرة حكمت فيها طالبان أفغانستان: الضرب العلني، وقطع الأيدي، والإعدامات داخل الملاعب، والتدمير الهمجي وغير المنطقي للآثار التاريخية. لكن بالنسبة لي، فإن الصورة الذهنية الدائمة لطالبان منذ تسعينيات القرن الماضي هي لذلك الرجل الذي يضرب بالعصا امرأة ترتدي البرقع. قامت طالبان بشكل منهجي بإرهاب النساء. لقد سلبوا منهن حريتهن في الحركة والعمل، وحقهن في التعليم، وارتداء المجوهرات، وتركيب أظافرهن أو تلوينها، والضحك في الأماكن العامة، وحتى إظهار وجوههن”.
وتساءل حسيني: “هل هذا ما يخبئه القدر لابنة عمي؟ ولابنتها؟ وما عدد النساء الأفغانيات اللواتي جاهدن طوال عشرين عاماً لتحقيق قدر من الاستقلالية والكرامة؟ هل يتم حبسهن مرة أخرى داخل المنازل؟ هل سيتعرضن للضرب في الشوارع؟ هل لن يسمح للمرأة بالعمل بعد الآن؟ هل ستبقى فصول البنات فارغة؟ هل تختفي وجوه النساء من التلفزيون الأفغاني وأصوات الإناث من الراديو؟ هل ستُحرم أفغانستان مرة أخرى من مساهمة نصف سكانها في تنميتها؟”.
وأكمل: “يقول البعض ربما تغيّرت طالبان. لكن هل هم كذلك؟ ستقطع الأيام والأسابيع والأشهر القادمة شوطاً طويلاً نحو الإجابة عن هذا السؤال. هذه هي قطعة الأمل الصغيرة التي أسمح بها لنفسي! إذا لم تتغيّر طالبان، وليس هناك ما يمنعهم من فرض قوانينهم الهمجية واللاإنسانية على شعب عانى طويلاً، فما العمل؟ ماذا سيحدث للنساء والفتيات هناك؟ من أين ستأتي المساعدة؟ لا اعرف الجواب. أنا بالتأكيد لا أعرف ذلك. أنا قلق اليوم، أنا منكسر القلب. اليوم، أحزن على الآمال والتطلّعات الضائعة لشعب أفغانستان”.
وقال: “لقد تم اتخاذ القرار الأمريكي، وأصبح الكابوس الذي يخشاه العديد من الأفغان، بمن فيهم أنا، في طور الانكشاف أمام أعيننا. ومع ذلك، وبقدر ما تبدو الأمور الآن قاتمة ويائسة، لا يمكن للعالم ولا يجب عليه، أن ينسى أفغانستان. يجب ألا يتخلّى عن شعب بحث عن السلام لأكثر من أربعة عقود. يجب على العالم أن يقف متضامناً مع الأفغان العاديين، وخاصة النساء والفتيات، وأن يتخذ الخطوات اللازمة للضغط على طالبان لاحترام حقوق الإنسان. يجب على العالم أن يفعل ما في وسعه للتأكد من أن ملايين النساء الأفغانيات لا يعانين مرة أخرى وراء الأبواب المغلقة والستائر المسحوبة. هؤلاء النساء هن من أكثر الناس شجاعة ومرونة الذين قابلتهم على الإطلاق. إنه لأمر مخزٍ أن يعانين مرة أخرى، بعد كل ما تحملنه بالفعل على مدى سنوات طويلة من المشقة والنضال. إنهن، والشعب الأفغاني ككل، يستحقون أفضل من هذا”.
وختم خالد حسيني قائلاً: “مع استمرار سيطرة حركة طالبان، سيستمر عدد الأفغان النازحين في الارتفاع. منذ شهر مايو من هذا العام، فر أكثر من 300 ألف شخص من ديارهم. سيحتاجون بشدة إلى الغذاء والمأوى والإغاثة في حالات الطوارئ. أتمنى دعم المنظمات، مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها، والتي تتمثل مهمتها في حماية الأشخاص النازحين”.