أكد الروائي الجزائري واسيني الأعرج خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن فعاليات الدورة الـ39 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أدارها الإعلامي محمد أبو عبيد، أن الرواية من الفنون الأدبية التي تستند بشكل كبير على الموهبة، لافتاً إلى أن صقل المواهب الروائية وتنميتها عامل مهم يسهم في اكتشافها واستنباط ما بداخلها من إبداعات، الأمر الذي ينعكس بدوره على بنية العمل وقيمة المنجز الذي يطمح له الكاتب في مسيرته.
وأضاف: “أنا أحتفي بالنموذج المتميّز، وقد شجعت العديد من الكتاب وباتوا اليوم معروفين، فأنا لا أستطيع أن أبعِدَ أحداً عن الكتابة، بل أسعى إلى منحه فرصة، لا أقطع عنه السبيل، وأصارحه بما يمتلكه من قدرات ولا أكذب عليه”.
وقال: “أول نص حقيقي لي في مجال الأدب الروائي كان “وقائع من أوجاع رجل”، ولا أنسى أثر شخصيات ثقافية مرموقة عليّ مثل أنطون مقدسي وحنا مينه، الذين بفضلهما أصبحت روائياً، ولمست منهما الكثير من الحفاوة والتشجيع والتقدير، وتعلّمت منهما أن أؤمن بأهمية دعم المثقف للكاتب الموهوب، وألاّ يبخل عليه ولا يتهاون معه في الوقت نفسه”.
وتابع الأعرج: “شاركت مؤخراً في ورشة أقيمت بالشارقة تُعنى بتدريب الكتّاب الشباب على العمل الروائي، ومن الضروري إقامة مثل هكذا ورش كونها تمنح الكتّاب الموهوبين فرصة الكتابة بشكل منظّم، كما أنها تسهم في الكشف عن الكثير من الكتّاب الواعدين في مجال التأليف الروائي، الذي أعدّه فنّاً أدبياً يعتمد بالدرجة الأولى على الموهبة التي تقود إلى صناعة كاتب كبير، حيث تعلّمت خلال مسيرتي أن التفاصيل الصغيرة تكشف قدرات الكاتب الإبداعي، ويمكنك أن تميّز الموهوبين من كتاباتهم ورؤاهم التي يضّمنونها للنصّ. ولكن في المقابل، لا يمكنني إنكار وجود أعمال كثيرة يُعتقد أنها روايات لكنها في حقيقة الأمر خواطر”.
وأضاف: “ترأست العديد من لجان التحكيم التابعة لجوائز عربية كبرى في حقل الرواية، الكثير من المشاركات التي كانت تصل هي خواطر يُطلق عليها تسمية “رواية”، هذا يدفعني للقول إنه يوجد الكثير من الكتّاب لا يمتلكون وضوحاً في الرؤية بما يتعلّق بكتابة الرواية، فهي جنس أدبي طرأ عليه الكثير من الاختلافات والتطورات منذ بدايته وحتى اليوم”.
وعن تحوّله من قاصّ إلى روائي، وأثر دمشق عليه، قال الأعرج: “أنا لا أملّ من الحديث عن دمشق لأنها مدينة القلب، جزء كبير من حياتي وذاكرتي قضيته هناك في الشام، وبالفعل ذهبت لها عندما كنت أكتب القصة القصيرة، وأولى المحاولات بالنسبة لي تمثّلت في كتاب “جغرافية الأجساد المحروقة” الذي أعتبر أنه امتلك نظاماً قصصياً ممتداً ولم يكن يمتلك مقياساً أساسياً للرواية، بالرغم من اطلاعي على العديد من الأعمال من روايات عالمية وعربية وغيرها رسّخت في داخلي هذا المفهوم”.