“لوليتا” للروائي الروسي المولد الأمريكي الجنسية فلاديمير نابوكوف، هي قصة هوس رجل بفتاة تبلغ من العمر 12 عامًا، تم رفضها من العديد من الناشرين قبل أن توافق دار “جي بي بوتنام” G.P. Putnam’s Sons، على نشرها، لتصبح من أكثر الكتب مبيعًا وتسمح لنابوكوف بالتقاعد من حياته المهنية كأستاذ جامعي.
بدأت فكرة رواية “لوليتا” في نهاية عام 1939 أو أوائل عام 1940 عندما كان فلاديمير يعيش في باريس، حيث جلس لكتابة أول مسودة مطولة لعمله الروائي الشهير: رجل بالغ يتزوج أرملة من أجل الوصول إلى ابنتها الشابة.
كان العثور على ناشر لروايته تحديًا. خشي نابوكوف على منصبه التدريسي في جامعة كورنيل، وفكّر في البداية بنشر الرواية باسم مستعار، لكن الناشرين الذين اتصل بهم لم يشجعوه على هذه الفكرة. ولم يكونوا مستعدين لتحمل مخاطر نشر ما يمكن أن يُنظر إليه على أنه عمل مثير للجدل.
تواصل فلاديمير مع خمسة ناشرين أمريكيين كبار، كان من بينهم دار “سايمون وشوستر”، لكنهم جميعاً رفضوا النشر بسبب خشيتهم من الخسائر في حل تم حظر الرواية عند صدورها. لاحقاً، اتصل نابوكوف بوكيل أدبي في فرنسا لمساعدته في الحصول على ناشر هناك، وهو ما حصل بالفعل. ففي أبريل 1955، كان موريس جيرودياس، صاحب دار “أوليمبيا برس”، سعيدًا بتولي مشروع نابوكوف، لتنشر الرواية في مجلدين بغلاف ورقي بعد أشهر قليلة.
اعتبرت صحيفة “صنداي تايمز” الرواية واحدة من أفضل الكتب لعام 1955، وهو ما زاد من مبيعاتها كثيراً، رغم أن أحد كبار النقاد الإنجليز وصفها بأنها “أقذر كتاب” قرأه على الإطلاق! وأكد أن أي جهة ستنشر الرواية في إنجلترا ستذهب بالتأكيد إلى السجن، وانتقد صحيفة “صنداي تايمز” لكونها تروج للمواد الإباحية!
أثار الجدل السائد في بريطانيا اهتمام القارئ الأمريكي، إلا أن المراجعة الأمريكية الأولى للرواية جاءت إيجابية، ومع تزايد الاهتمام بها، بدأ أنصار نابوكوف في الولايات المتحدة بالترويج لها والمطالبة بنشرها.
بناء على طلب الحكومة البريطانية، التي انزعجت من احتمال قيام مواطنيها بإحضار مواد إباحية من فرنسا، قررت الحكومة الفرنسية في ديسمبر 1956 حظر عشرين عنوانًا لدار نشر “أولمبيا”، من بينها “لوليتا”.
تزايدت الآمال بنشر رواية “لوليتا” في أمريكا خلال هذه الفترة، لكن نابوكوف وجد نفسه متورطًا في نزاع مع جيرودياس حول حقوق نشرها في الولايات المتحدة. كان نابوكوف محبطًا بشكل متزايد من مطالبات ومراوغات ناشره الفرنسي، ولذلك وقع في مارس 1958 عقدًا مع “بوتنام” لنشر الرواية في وقت لاحق من العام.
كان نشر “لوليتا” في 18 أغسطس 1958 مصحوبًا بمجموعة من المراجعات. كانت معظمها إيجابية، ولكن واحدة منها، كتبها أورفيل بريسكوت، اعتبرت الرواية “مملة، مملة، مملة” وتتضمن “مواد إباحية عالية المستوى”. وفي غضون ثلاثة أيام، صدرت الطبعة الثالثة بعدد 62500 نسخة، وخلال الشهر الأول، باعت الرواية أكثر من 100000 نسخة. بحلول نهاية شهر سبتمبر، كانت “لوليتا” على رأس قائمة أفضل المبيعات لسبعة أسابيع، ومن ثم توقيع صفقة لتحويلها إلى فيلم بمبلغ 150000 دولار، قبل أن تبدأ دور النشر العالمية في ترجمتها، فيما نُشرت في المملكة المتحدة في العام التالي.
ولد نابوكوف عام 1899 في سان بطرسبرج بروسيا، لعائلة ثرية. نشأ وهو يتحدث باللغتين الإنجليزية والروسية، والتحق بجامعة كامبريدج. ورث مليوني دولار أمريكي من عمه. ومع ذلك، فقدت عائلته الكثير من ثروتها عندما أجبرتها الثورة الروسية على الفرار إلى ألمانيا. كسب نابوكوف المال عن طريق تعليم الملاكمة والتنس وإعداد الكلمات المتقاطعة الروسية. كان يعمل نهارًا ويكتب ليلاً، وأحيانًا في الحمام حتى لا يزعج الضوء عائلته. كتب العديد من الروايات والقصص القصيرة باللغة الروسية. في عام 1939، دُعي إلى جامعة ستانفورد لإلقاء محاضرة عن اللغات السلافية. مكث في الولايات المتحدة لمدة 20 عامًا، حيث قام بالتدريس في جامعتي يليسلي وكورنيل.
أكثر كتبه نجاحًا في الولايات المتحدة كانت رواية “لوليتا وآدا”Lolita and Ada (1969) ، وهي حكاية عائلية عن قصة حب في سنوات الطفولة، والتي أصبحت هاجسًا مدى الحياة بين الشخصيات. عاد نابوكوف وزوجته إلى أوروبا عام 1959، وتوفي في سويسرا عام 1977.