مقال خاص من بيت لحم
في ظل ما يعانيه الشباب العربي من شعور بفقدان الهوية، وما تتعرض له اللغة العربية من مخاطر تنذر بتآكلها، أخذت الفلسطينية نادية حزبون، مصممة الأزياء والمجوهرات، على عاتقها مهمة تغيير ذلك كله من خلال ابتكار تصاميم جديدة للمجوهرات تأمل أن تساعد من خلالها على حل هذه المعضلة.
ولدت حزبون في بيت لحم، المدينة الفلسطينية العريقة التي تشتهر باستخدام خشب أشجار الزيتون في صنع الهدايا التذكارية، والتي استلهمت منها حزبون فكرة صنع شيء جديد ومختلف، لتخرج لنا بقطع فنية مطعمة بعبارات محفورة باللغة العربية لعدد من الشعراء والمفكرين العرب من أمثال إدوارد سعيد، ومحمود درويش، وفدوى طوقان وغيرهم، والتي تسعى من خلالها إلى “تذكير الناس بهويتنا وثقافتنا كعرب”.
استهلت نادية حزبون إنتاجها بقميص بسيط لفت انتباه الجمهور إلى أعمالها وشجعها على إنتاج المزيد منها. تبدو الصورة المطبوعة على القميص مجرد بصمة لا أكثر، لكنها في حقيقة الأمر تعبّر عن قصة فلسطين بشكل عام، وبيت لحم بشكل خاص، عند النظر إليها عن كثب، وهي كما تقول حزبون: “تعكس واقعنا عند اجتياز نقاط التفتيش على مداخل المدن الفلسطينية والتي يسجل فيها جنود الاحتلال بصماتنا لتتحول إلى مجرد بصمات أصابع فقط”.
جاء إطلاق حزبون لعلامتها التجارية عبر الإنترنت بشكل أساسي عن طريق نشر صور لأعمالها ساهمت بتعريف الجمهور في مختلف أنحاء العالم بأسلوبها في التصميم وبناء علامة تجارية لأعمالها الفنية. لاحظت حزبون أن الأجيال العربية الحديثة لم تعد تتحدث أو تستخدم اللغة العربية، بل وأن منهم من لا يقرأ أو ليس لديه معرفة واسعة بالأدب، وهو ما ألهمها فكرة الاحتفاء بجمال اللغة العربية والأدب من خلال استخدام فن الخط العربي واقتباسات من كتابات مشاهير الكتّاب العرب في تزيين الملابس والمجوهرات، على أمل “أن تحفز هذه القطع العصرية الناس على البدء بطرح الأسئلة والاستفسار عن الرسائل، والبحث عن معناها”.
ولعل أكثر ما أثار قلق حزبون وأرادت تغييره لحماية هوية فلسطين، هو ما أظهره التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية، الصادر عن معهد الفكر العربي في عام 2012، والذي كشف عن أن العرب يقضون وقتًا ضئيلًا جدًا في القراءة، بينما يقرأ الأوروبيون، في المتوسط، 200 ساعة في السنة.
ولذلك، تسعى حزبون بأعمالها إلى تغيير هذا الواقع وجعل اللغة العربية والتاريخ والأدب جزءاً من الحداثة، من خلال تحفيز القراءة التي ترى أنها تلعب دورًا مهمًا في تشكيل وعي الفرد بالآخرين وفهم ثقافاتهم وقيمهم كأساس لبناء جسور التواصل بين بعضهم البعض وبين الشعوب الأخرى.
تؤمن حزبون كذلك بأهمية التعليم في رفع الوعي باعتباره “أقوى سلاح يمكن لأي شخص أن يمتلكه”، وترى في تصاميمها أملًا في نشر هذه الرسالة من خلال الترويج لقصيدة أو مقولة أو فكرة، وهو ما يجعل أعمالها تبدو كوسيلة تعليمية لكل من يبحث عن التعلم، وأسلوبًا مستحدثًا للاحتفال بالأدب واللغة والتراث.
وتأمل حزبون أن تفتح أعمالها الطريق أمام غير الناطقين بالعربية لاستكشاف المزيد عن الثقافة العربية وكنوزها الدفينة، وتبديد الصورة الزائفة التي غرستها وسائل الإعلام في أذهانهم على مدى عقود، ليتسنى لهم تكوين صورة واقعية جديدة عن العرب والفلسطينيين بشكل خاص من خلال التعرف على الأدب العربي في صورته الحديثة.
وكشفت حزبون لموقع “ناشر” أنها أطلقت مؤخرًا تشكيلة جديدة عبارة عن أقراط صُنعت من خشب الزيتون تحمل المقولة الأقرب إلى قلبها للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهي “على قدر حلمك تتسع الأرض”، والتي تقول عنها حزبون أنها تمثل “جوهر كل أعمالها”.
للتعرف على أعمال المصممة نادية حزبون عن كثب، يمكنكم زيارة موقعها الإلكتروني www.nadyah.com، أو زيارة صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أو “انستغرام”.
ريا الجدير