يبدو أن النشر الرقمي بدأ بالفعل سحب البساط من تحت قدمي النشر التقليدي في عالمنا العربي، بعد أن شهد العام الماضي نمواً كبيراً في انتشار الكتب الإلكترونية والسمعية باللغة العربية، ما أثر بالفعل في مبيعات الكتب العربية. هذا ما خلصت إليه جلسة بعنوان “النشر الرقمي: التنافس على جذب اهتمام القارئ”، ضمن فعاليات الدورة الحالية من “مهرجان طيران الإمارات للآداب”، والتي تحدث فيها كل من شادي الحسن وإيمان بن شيبة وطارق البلبل، وجميعهم من العاملين في مجال النشر الرقمي.
في البداية قالت بن شيبة إن النشر الرقمي بات واقعاً ملموساً ورقماً صعباً في معادلة النشر، خصوصاً بعد أن أطلقت منصة “أمازون كيندال” في عام 2018 أكثر من 12 ألف محتوى عربي، إضافة إلى انتشار استخدام منصات أخرى مثل “بوك لافا” وهي منصة تعمل على توفير الكتب السمعية، و”رفوف” المنصة التي توفر الكتب الرقمية على الهواتف المتحركة.
وفي ما يخص حالة النشر الرقمي في العالم العربي ومدى الإقبال عليه، أكد البلبل أن الإقبال يتزايد على هذا النوع من النشر، بعد اتجاه الكثير من القراء في منطقتنا إلى استخدام e-books، وانتشار الكتب الصوتية، فضلاً عن دخول الكثير من اللاعبين إلى هذه الصناعة في فترة زمنية قصيرة.
أما الحسن فقد تناول محوراً مختلفاً، عندما أشار إلى ضرورة نشر التوعية بحقيقة تجربة الكتاب الإلكتروني، ومدى اختلافها عن الكتب المقرصنة المنتشرة على الإنترنت بصيغة “بي دي إف”؛ إذ إن هذه الأخيرة لا يمكن أن تُسمى بتجربة نشر رقمية.
لكن رغم النمو الذي شهده العام الماضي، حيث إنه “مع دخول “أمازون” إلى السوق العربية، زاد الوعي بأهمية هذه التجربة وزادت بالتالي مبيعات الكتب الرقمية والصوتية” كما قالت إيمان بن شيبة، فإن علاقة سكان منطقتنا بالكتاب الرقمي لا تزال محدودة جداً، مقارنة مع الدول الغربية؛ إذ إن نسبة 25% من القراء هناك يستخدمون الكتاب الرقمي، مقابل 22% للكتاب الصوتي، بينما تستخدم النسبة الباقية الكتاب الورقي.
واتفق المتحدثون على أهمية أن يسير النشر الرقمي والورقي جنباً إلى جنب، وهي النصيحة التي قدموها للمؤلفين الذين يتوجهون إليهم لنشر نصوصهم؛ وذلك لأنه على حد قول شادي الحسن: “هناك تكامل بين الكتاب الورقي والكتاب الصوتي، مع ملاحظة أن الكتاب الصوتي أقل تكلفة”، إلا أن هناك تحدياً تجب الإشارة إليه هنا تحديداً، وهو اختيار الصوت المناسب لقراءة الكتاب، وطريقة القراءة، وتميز اللغة ونبرة الصوت.
وفي ختام الجلسة شدد طارق البلبل على وجوب إيجاد طرق جديدة سريعاً لجذب القارئ، وذكر أن ألمانيا خسرت في السنوات الثلاث الأخيرة 9 ملايين قارئ لصالح منصات الترفيه السينمائي والتلفزيوني الإلكترونية. إضافة إلى ضرورة تبني الناشرين للكتاب الرقمي والصوتي، والتركيز على التخصص في هذا القطاع مثلما هو الأمر في الأسواق العالمية.