تقرير: سامي مبيض – نقلاً عن جريدة “جلف نيوز”
لا تزال قوانين الرقابة صارمة إلى حد بعيد في سوريا، كما اتضح من خلال عدد الكتب التي تمت مصادرتها من رفوف معرض دمشق الدولي للكتاب خلال الأسبوع الأول من أغسطس 2018. لكن ما لا يستطيع عشاق الكتب العثور عليه على رفوف المكتبات في دمشق أو لدى المعرض الذي يُقام سنوياً، يمكن مصادفته لدى باعة الكتب القديمة الذين يفترشون بعض أرصفة العاصمة السورية. ورغم العرض العشوائي للكتب وإنعدام النظافة، لكن الرقابة غائبة هنا.
وتشمل قائمة الكتب المحظورة في سوريا للعام 2018 كافة أعمال الروائي اللبناني أمين معلوف، على خلفية ظهوره على شاشة التلفزيون الإسرائيلي في العام 2016، ومذكرات نائب الرئيس السابق فاروق الشرع، بسبب نشرها في قطر منذ ثلاث سنوات، وكافة كتب التاريخ التي تحتوي على علم الاستقلال الذي أصبح شعار المعارضة السورية، بالإضافة إلى الكتب المحظورة منذ زمن مثل الأعمال الفلسفية لمؤسس حزب البعث ميشيل عفلق الذي حُكم عليه بالإعدام عام 1966، وسيرة جمال عبدالناصر الصادرة عام 1970 وتتضمن مقدمة بقلم الزعيم الدرزي اللبناني كمال جنبلاط المدرج على القوائم السوداء في سوريا، وعمل صدر في الخمسينيات عن ثورة الضباط الأحرار في مصر كتبه الرئيس المصري الراحل أنور السادات والذي تتهمه دمشق بالخيانة وبإبرام اتفاقية سلام مع النظام الإسرائيلي، والذي تم حظر كتبه وسيرته رسمياً من قبل وزارة الإعلام.
وليس بعيداً عن مكتبة الأسد الوطنية التي احتضنت المعرض السنوي العريق والذي تعود إنطلاقته إلى ثلاثة عقود، اعتاد عدد من باعة الكتب القديمة التجمع في زاوية صغيرة على أحد مواقف الحافلات في شارع القوتلي منذ نحو ثلاثة عقود أيضاً، جنباً إلى جنب مع باعة الملابس المستعملة. كما يفترش عدد آخر من الباعة الساحة الخلفية للمسجد الأموي في المدينة القديمة.
كتب مسروقة
اعتاد طلبة الجامعات وأساتذتها على التردد على هذه الأماكن للحصول على الكتب المستعملة بأسعار بخسة، فيما يشعر أصحاب المكتبات بالحنق الشديد من هذه الظاهرة المؤثرة على رواج كتبهم وأسعارها. وقال عادل مطر، مالك أحد المكتبات في الصالحية: “لا تذهب إلى تلك الأماكن لشراء الكتب، فمن المعيب شراء الكتب من هناك كونها كتباً مسروقة من بيوت مهجورة”.
ويبدو أن هذه الرواية حقيقية نسبياً، نظراً للكم الكبير من المقتنيات المسروقة من المنازل المدمرة والمهجورة خلال المعارك الأخيرة في دمشق. وهذه الظاهرة من النهب تنطبق على أجهزة التلفاز، والغسالات، والأثاث المنزلي، والتي تم تهريبها من مناطق الحروب على الدراجات النارية وبيعها على أبواب الغوطة الشرقية. ومؤخراً، بدأ أفراد الميليشات يسرقون الكتب أيضاً، بعد أن لاحظوا الإقبال عليها.
وقال أبو أسامة، الذي يمتلك كشكين لبيع الكتب: “نحن لم نسرق هذه الكتب، بل قمنا بشرائها ممن سرقها في الحجر الأسود ومخيم اليرموك، ولو لم نقم بذلك لتم بيعها لتغليف الأطعمة. فما نقوم به ليس محظوراً ولا حراماً. فقد دفعت مبلغ 7,000 ليرة سورية )ما يعادل 59 درهماً إماراتياً( لشراء 20 كتاباً نادراً تم تهريبها من الحجر الأسود. كما تم إنقاذ مكتبات بأكملها من مخيم اليرموك، تضم مجلدات عن التاريخ الفلسطيني، وتاريخ دمشق، والتاريخ الإسلامي القديم”.