تواجه المكتبات العامة في الولايات المتحدة أزمة صامتة لكنها مدمّرة. ففي أعقاب أمر تنفيذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقضي بحلّ “معهد خدمات المتاحف والمكتبات” (IMLS)، تم تجميد ملايين الدولارات من المنح الفيدرالية بشكل مفاجئ، ما أدّى إلى تسريح موظفين، وتعليق برامج، وحرمان واسع النطاق من الخدمات الرقمية.
وقد أدّى القرار، الصادر في 14 مارس الماضي، إلى إنهاء خدمات معظم موظفي المعهد، وترك المكتبات على مستوى الولايات في حالة من الإرباك. ورغم أن المحاكم أصدرت أوامر مؤقتة لوقف تفكيك المعهد، فإن الأثر كان سريعاً وواضحاً. فمن ولاية ماين إلى ولاية مسيسيبي، اضطرت المكتبات العامة إلى تقليص العديد من خدماتها الأساسية.
ففي ولاية ماين، أُغلقت مكتبة الولاية مؤقتاً بعد الاستغناء عن نحو خُمس موظفيها. وأوقفت ولاية مسيسيبي خدمة “هوبلا” للكتب الإلكترونية، في حين جمّدت ولاية ساوث داكوتا برنامج الإعارة المتبادلة بين مكتباتها. وتُعد هذه البرامج، التي تموَّل في الغالب من منح المعهد، شريان حياة للمكتبات الصغيرة، خصوصاً في المناطق الريفية ذات الميزانيات المحدودة.
وقال سبنسر ديفيس، أحد الموظفين الثمانية الذين تم تسريحهم من مكتبة ولاية ماين في مايو الجاري، وكان منصبه ممولاً بالكامل من قبل المعهد: “لقد كان الأمر مفاجئاً جداً لنا جميعاً”.
وعادةً ما تدعم هذه المنح برامج مثل القراءة الصيفية، والإعارة الرقمية، والتعاون بين المكتبات. ومع غياب هذا التمويل، تجد مجتمعات بأكملها نفسها محرومة من موارد تعليمية أساسية. وعلّقت سيندي هول، رئيسة جمعية المكتبات الأميركية، قائلة: “توفير المصادر الرقمية بات مكلفاً للغاية بالنسبة لغالبية المكتبات”.
وكانت كاليفورنيا، وكونيتيكت، وواشنطن من بين الولايات القليلة التي تلقت إشعاراً رسمياً بإلغاء ما تبقى من تمويلها السنوي. وقدّمت الولايات الثلاث اعتراضات رسمية على القرار. وتجاوز تأثير التجميد نطاق الخدمات الرقمية، ليطال أيضاً برامج تطوير المهارات المهنية، مثل مبادرة “أمناء مكتبات القرن الحادي والعشرين” التي أطلقتها لورا بوش، والهادفة إلى تدريب جيل جديد من المتخصصين في المكتبات.
وفي ظل الدعاوى القضائية التي رفعتها 21 ولاية، إلى جانب جمعية المكتبات الأميركية، لا يزال مصير المعهد معلقاً. لكن بالنسبة لكثير من المكتبات، فإن الخسائر باتت محسوسة منذ الآن.



