في عصر التطور التكنولوجي السريع، أصبح الذكاء الاصطناعي ليس فقط أداة لدعم الإبداع، بل منافساً له، وخصوصاً في قطاع النشر، حيث استطاعت منصات مثل “تشات جي بي تي” تأليف نصوص قصصية وأدبية، وإعداد بحوث ودراسات تحولت لاحقاً إلى كتب وإصدارات، لاقت إعجاب البعض وانتقاد البعض الآخر، ما يثير التساؤل حول حدود إبداع الآلة وقدرتها على تجاوز المحاكاة إلى الإبداع الحقيقي.
من بين التجارب اللافتة، إصدار روايات قصيرة وكتب تعليمية باستخدام الذكاء الاصطناعي، والتي بدت منسقة ومحكمة من حيث الأسلوب اللغوي، لكن النُقّاد أشاروا إلى افتقارها إلى العمق العاطفي والتجربة الإنسانية. فبينما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل ملايين النصوص واستلهام أساليب أدبية وكتابية مختلفة، تبقى “اللمسة البشرية” غائبة، وهي التي تمنح النصوص تفرّدها وقدرتها على التأثير في القارئ.
القراء، بدورهم، منقسمون. إذ يرى البعض أن النصوص الناتجة عن الذكاء الاصطناعي وسيلة لفتح آفاق جديدة في عالم الكتابة، خصوصاً مع إمكانية تخصيص المحتوى بناءً على اهتماماتهم. في المقابل، يعتبر آخرون أن النصوص التي تفتقر إلى الروح والتجربة الشخصية لا يمكن أن تنافس الأدب التقليدي. أما على الصعيد القانوني، فيطرح هذا التطور تساؤلات حول حقوق الملكية الفكرية: من يمتلك النصوص التي ينتجها الذكاء الاصطناعي؟ الناشر، أم المبرمج، أم المستخدم؟
مع ذلك، يشير خبراء التكنولوجيا إلى أن الذكاء الاصطناعي قد لا يكون بديلاً، بل شريكاً يمكن أن يساعد الكُتّاب على تطوير أعمالهم وتسريع الإنتاج، خصوصاً لأولئك الذين تتطلّب مؤلفاتهم جهداً بحثياً، حيث يظل الذكاء الاصطناعي أداة قوية لمساعدة الكُتّاب، لكنه يفتقر إلى العنصر الأهم: التجربة الإنسانية التي تمنح الإبداع معناه الحقيقي. لذلك يبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن للآلة أن تنافس الكاتب الحقيقي أم أنها ستبقى ظلاً باهتاً لجهوده؟