جعفر العقيلي
يهدف نادي “13 تحت الشمس” الذي يمارس نشاطاته في الأردن، إلى تشجيع فئة الشباب والكبار على القراءة، وتنمية ثقافة الحوار ومهارات القراءة التحليلية والنقدية، إضافة إلى استضافة مؤلفي الكتب ومحاورتهم.
ويندرج النادي ضمن مشاريع جمعية “كتابي كتابك لثقافة الطفل والأسرة”، التي عملت من خلال مبادرتها الشهيرة “كتابي كتابك” على إنشاء مكتبات عامة في المناطق الأقل حظاً ومخيمات اللاجئين وجمعيات الأيتام.
ووفقاً لرئيسة الجمعية هناء الرملي، فقد توجهت الجمعية بُعيد تأسيسها عام 2009 إلى إنشاء نوادٍ للكتاب تناسب جميع الفئات العمرية، فكان نادي القراءة “كتابي كتابك” للكبار، ونادي الكتاب للأطفال “كتابي مع حبي”، ونادي “كتابي كتابك” لليافعين. وتم العمل على النوادي الثلاث بالتوازي، حيث نوقشت عشرات الكتب واستضيف العديد من المؤلفين والكتاب المتخصصين بأدب الطفل، وأقيمت فعاليات ثقافية وترفيهية للأطفال، ونُظمت زيارات لمعارض الكتب والمكتبات العامة الكبرى في عمّان.
وبعد النجاح الذي قوبلت به هذه المبادرات، قرّر القائمون عليها إطلاق نادٍ جديد لِلَفت مزيد من الانتباه إلى أهمية فعل القراءة، ولحثّ عامة الناس على الانضمام إليه والمشاركة فيه والتفاعل معه.
وتوضح الرملي أنهم اختاروا “13 تحت الشمس” اسماً للنادي، لاعتماد يوم 13 من كل شهر موعداً للقاء الأعضاء، واعتماد قراءة 13 كتاباً في كل سنة، بواقع كتاب كل شهر، وكتابٍ إضافي واحد بين أشهر السنة.
وحول آلية العمل المتبعة في النادي، توضح الرملي أن الأعضاء يقترحون أسماء عدد من المؤلفين لاستضافتهم، وبعد إقرار الأسماء يتم اختيار كتاب واحد لكل مؤلف بالتصويت، مع الأخذ في الحسبان توفر الكتب في الأردن، ومراعاة التنوع فيها، سواء كانت محلية أو عربية أو مترجمة، لتشمل الأدب والتاريخ والفكر والفلسفة وعلم الاجتماع والسياسة والسيرة الذاتية.
ومن معايير اختيار الكتب المدرجة للنقاش: ألّا يكون الكتاب كبير الحجم (أقل من 450 صفحة) كي يتمكن الأعضاء من قراءته خلال شهر، وألّا يكون ثمنه أكثر من 7 دنانير (10 دولارات) كي يكون ضمن القدرة الشرائية للجميع، ويفضَّل الكتاب الذي تتوفر منه نسخة الكترونية مجانية على شبكة الإنترنت، لكي تتاح قراءته على شاشة الكمبيوتر أو الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي.
ويتولّى مشرفو النادي (عمر الرفاعي وزين مبارك ومنى استانبولي وفراس أبو شباب، بالإضافة إلى الرملي) دعوة المؤلفين للحضور، واختيار المحاور المناسبة للنقاش قبل كل لقاء، حيث تختلف المحاور من كتاب لآخر. ومن أبرزها: التعريف بالكاتب، تقديم ملخص حول الكتاب، انطباعات القراء أعضاء النادي عن الكتاب، أسلوب الكتابة والسرد، الشخصيات في العمل الأدبي، مقاربات بين الكتاب والواقع الحالي العام والشخصي لكل مشارك، اقتباسات من الكتاب، تقييم الكتاب، ومعاينة الأثر الذي يتركه الكتاب لدى القارئ.
ويتخلل كل لقاء مناقشة فكرة أو قضية مرتبطة بالقراءة والكتب والمكتبات ونوادي الكتاب، مثل: واقع المكتبات العامة، تشجيع القراءة لفئة الشباب، كيف بدأتَ تحب القراءة، عرض تجارب خاصة في تشجيع آخرين على القراءة، الجوائز الأدبية ودورها في تشجيع النشر، ظاهرة الكتب الأكثر مبيعاً، الكتب الالكترونية والكتب المطبوعة ومستقبل كلٍّ منها، المواقع المتخصصة بالقراءة والكتب ومدى وكيفية الاستفادة منها.
وفي نهاية كل لقاء يتم ترشيح عدد من الكتب للشهر اللاحق، ويُفتح باب التصويت ليومين في صفحة النادي في موقع “فيسبوك”، ويُعتمَد الكتاب الحاصل على أعلى نسبة تصويت. ثم يتم إنشاء دعوة عبر “فيسبوك” موجهة للجميع لحضور اللقاء.
ومن المتفق عليه في نادي “13 تحت الشمس” أن تكون اللقاءات في أماكن عامة كي تجذب انتباه الحضور، وبالتالي حفز الآخرين للانضمام إليها، وإدماجهم في النادي. وقد نجحت هذه المبادرة في استقطاب مئات الأعضاء من الأعمار كافة.
ويقوم مشرفو النادي بإعداد خبر صحفي بعد كل لقاء وتزويد الصحف والمواقع الإلكترونية به، إلى جانب تدوين الأفكار المطروحة أثناء الحوار وتوثيقها في مدونة “13 تحت الشمس” وصفحة النادي في “فيسبوك”، وتشجيع الأعضاء ممن لديهم القدرة على الكتابة النقدية لإثراء المدونة والصفحة.
ومن بين الذين استضافهم النادي الكتّاب والأدباء: إبراهيم نصر الله، جمال ناجي، أيمن العتوم، سميحة خريس، مفلح العدوان، كامل نصيرات، يوسف زيدان، غيث بطيخي وبسام أبو غزالة.
ولأنّ يداً واحدة لا تصفّق، توجّه النادي للتعاون مع جهات مختلفة ليواصل نشاطه، ومن بينها مؤسسة عبد الحميد شومان التي احتضنت عدداً من اللقاءات، ومعهد غوته الألماني الذي وفّر روايات مترجمة من الأدب الألماني للأعضاء واحتضن عدداً من لقاءاتهم في مقره، ودُور النشر التي تمنح أسعاراً تشجيعية لأعضاء النادي.
وحول الأثر الذي أحدثه النادي لدى الأعضاء، تؤكد الرملي أنه أسهم في تنمية الشخصية الريادية لديهم، وتطوير مهارات الحوار، وتعميق الخبرات المكتسبة من القراءة. ولأنّ “13 تحت الشمس” اعتمد منهجاً مدروساً لاختيار الكتب وآلية النقاش واستضافة المؤلفين والنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد شكّلَ مصدر إلهام لشبابٍ كُثر قاموا بإنشاء نوادٍ أو إطلاق مبادرات تتبّع الأسلوب نفسه في جامعاتهم وأحيائهم.
وترى الرملي أن نجاح النادي يَظهر من التواصل المستمر معه من قِبَل عشّاق القراءة في الدول العربية، واستفسارهم عن استراتيجية العمل فيه وآلية اختيار الكتب ومحاور النقاش، للإفادة من تجربته ونقلها إلى دولهم.
ومن الجدير بالذكر أن عدداً من الأعضاء اكتشفوا مهارة الكتابة لديهم بعد سنوات من انضمامهم للنادي، فمنهم مَن يعمل الآن على تأليف كتابه الأول، ومنهم من يكتب مقالات نقدية حول الكتب، ومنهم مَن أنشأ قناة على “يوتيوب” يستعرض فيها الكتب التي يقرأها، ومنهم مَن تستضيفه قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية للحديث عن الكتب المفضّلة للقراءة.