عَكَس “معرض فرانكفورت للكتاب” 2017، الذي اختتم الأحد 15 تشرين الأول/ أكتوبر، واقع حضور المرأة في عالم النشر بصورة واضحة، إذ تخلّص من تلك التفرقة التي نجدها في الإشارة إلى أن بعض الفعاليات ذات منحى نسوي كما نجد في معارض عربية كثيرة وأخرى أوروبية إلى سنوات قريبة.
كما نجح المعرض في الكشف عن حضور المرأة في مختلف أدوار صناعة الكتاب، بدءاً في الكتابة والتأليف، ومروراً بالنشر، والتوزيع، وصولاً إلى التسويق، وغيرها من الأدوار.
يظهر هذا بالوقوف عند برنامج الدورة الأخيرة كمؤشّر، إذ يمكننا تلمس الحضور النسائي وفاعليته، فمثلاً جرى تقديم محاضرة المفكرة الفرنسية البلغارية جوليا كريستيفا كإحدى أهم فعاليات المعرض، باعتبار مشوراها من جهة، وشعبيتها في ألمانيا (البلد المنظم) وفي فرنسا (ضيف الشرف) من جهة أخرى.
واعتبرت محاضرة كريستيفا كفعالية يتجاوز إشعاعها المعرض، فجرى تنظيمها في “جامعة غوته” التي تتضمّن “مدرسة فرانكفورت للعلوم الاجتماعية” الشهيرة لما لها من رمزية.
مؤشّر آخر يمكن التقاطه من المتابعة الإعلامية، فمن بين ضيوف المهرجان كانت الكاتبة الفرنسية المغربية ليلى سليماني الأكثر ظهوراً حيث شاركت في فعاليات “فرانكفورت بالفرنسي” (برنامج فرنسا ضيف الشرف)، وفي نقاش حول الكتابة والحريات في العالم العربي مع الكاتب الجزائري كمال داود، كما خصّصت لها برامج تلفزيونية على القنوات الألمانية، مثل “آ أر دي” و”زاد دي أف” و”3 سات”، إلى جانب حضورها ضيفة على القناة الفرنسية الألمانية المشتركة “أرتي”.
لا يمكننا ان نردّ هذه الاهتمامات بالعنصر النسائي إلى أجواء الفعاليات الثقافية الدولية، التي تحكم المعارض والتظاهرات، فالمسألة أبعد من ذلك إذ إن يبدو مجال الكتاب من أكثر المجالات التي حقٌّقت فيه المرأة ذاتها، حيث أننا لا نجد أية فوارق على جميع أصعدة صناعة الكتاب بين المرأة والرجل، وهو ما يظهر من نجومية الكتّاب والتي لم تعد حكراً على الرجال، كما نجد المرأة حاضرة بقوة في حلقات أخرى مثل التصميم، وترويج حقوق النشر، وتنظيم الفعاليات الخاصة بالكتاب.
لكن الأهم من كل ذلك هو حضور المرأة القوي في أهم هذه الحلقات، وهو دور الناشر. إذ لا بدّ أن نلاحظ المراكز التي وصلتها بعض النساء الناشرات في خارطة صناعة الكتاب العالمية مثل الفرنسية أوديل جاكوب، والإيطالية تيريزا كريميزي.
في “معرض فرانكفورت”، كان حضور المرأة حضوراً طبيعياً، مجرّد انعكاس لحضورها الدائم وسهرها على صناعة الكتاب، وإذا كان العالم العربي قد حقّق في العقود الأخيرة شيئاً من التساوي في الفرص بين الكاتب والكاتبة، فإن الأمر يختلف حين نتحدّث عن مهنة الناشر، حيث لم تصعد بعد نساء عربيات إلى الواجهة بالشكل الذي نتحدّث عنه في أوروبا، وإن كن حاضرات في كواليس عالم النشر بقوة.