Home 5 مقالات و تقارير 5 المدرسة في الأدب العربي: مُذكّرات وسِيَر

المدرسة في الأدب العربي: مُذكّرات وسِيَر

بواسطة | سبتمبر 2, 2024 | مقالات و تقارير

المدرسة في الأدب العربي: مُذكّرات وسِيَر

في خضم موسم العودة إلى المدارس، نستذكر الصورة الحية التي كونتها “المدرسة” أو “الكُتّاب”، في صفحات الأدب العربي عبر تاريخه الممتد إلى يومنا هذا. حيث شكّلت تجارب العديد من الكُتاب والأدباء خلال مرحلتهم الدراسية؛ طابعاً مهماً في رحلتهم الشخصية والأدبية. تبيّن لنا بدورها تكوين المجتمعات آنذاك، وتعكس صورة متكاملة، للعوامل البيئية والنفسية والسياسية. في هذا التقرير سنسلّط الضوء على أهم أشكال المدارس التي تكونت في المجتمعات العربية، عبر عيون الأدباء وأدبهم.

 

“الكُتّاب” المدرسة في صورتها الأولى

“أمانة العلم كما تعرف ثقيلة جدٍّا لا ينهض بها إلا الأقوياء، وقليلٌ ما هم” الأيام، طه حسين

بدأ التعليم في العالم العربي بصورة “الكُتّاب” في الجوامع أو مُلحقًا بها؛ أو في بيوت الشيوخ والمعلمين. تجلّت صورة “الكُتّاب” بالأدب العربي في مذكرات الكُتاب وسيرهم الذاتية أو حتى في الروايات التاريخية.

فنجد في كتاب “الأيام” لطه حسين، تفاصيلاً لرحلته التعليمية في الكتّاب والشيوخ الذين تنقل بينهم، ما يعكس صوراً جلية عن تكوينه، وعلمه، وشخصيته. وفي كتاب “حياتي” لأحمد أمين، تبيّن لنا دور الكتّاب المحوري في تشكيل رؤيته للعالم، ومبادئه وحتى توجهاته الأدبية. كما تبرز صورة الكُتاب في الروايات التاريخية، خصوصاً تلك التي تتحدث عن شخصيات حقيقية. مثال على ذلك: رواية “موت صغير” للكاتب محمد حسن علوان التي تروي سيرة المتصوف الشهير ابن عربي.

هذه التجارب، تعكس بدورها جزءاً أساسياً من التراث الثقافي العربي، ما يعزز فهمنا لتكوين الفرد والمجتمع آنذاك، كما ظهر الحضور الجلي لـ”الكُتّاب” في الأدب العربي من وقت مبكر.

 

المدارس في شكلها الحديث

“أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني” أنا، عباس محمود العقاد

تعكس المدارس في شكلها الحديث؛ التغيّرات المجتمعية التي طرأت على العالم العربي، والتي لا نجدها حاضرة بشكل كبير في المذكرات والسير كما في السابق. لعل هذا التغيير يُظهر بدوره مدى تغيّر الاهتمامات والتوجهات الأدبية للكُتاب والقُراء على حدٍ سواء، ولعله يعكس صورة أخرى مفادها أن التشكيل الفكري للفرد العربي لم يعد يتبلور بوقت مبكر في المدارس كما كان سابقاً قي الكتاتيب، بل لاحقاً في الفترة الجامعية.

من الأمثلة التي يجدر ذكرها في هذا السياق، “ماذا علمتني الحياة” لجلال أمين، والذي تناول فيه فترة تحولية في النظام التعليمي، والتي تركت أثراً واضحاً في شخصيته. كما نذكر في هذا الإطار كتاب “أنا” لعباس محمود العقاد، الذي يتناول فيه سيرته الشخصية وبدايات حبه للقراءة منذ أيام المدرسة والتحديات التي واجهته آنذاك.

 

المدارس بين الغربة والشتات

“في عالم المنافي يتعلَّم الأبناءُ بسرعة تفوق سرعةَ تعلُّم آبائهم” طفولتي حتى الآن، إبراهيم نصر الله

من الصور الجلية التي ظهرت بالأدب العربي لاحقاً، صورة المدارس في الغربة والبعثات، أو في الشتات ومخيمات اللجوء. هذه الصورة تعكس بدورها التغيّرات السياسية والاجتماعية في البلدان العربية، منذ نهاية أربعينيات القرن الماضي.

في كتاب “طفولتي حتى الآن” من سلسلة “المَلهاة الفلسطينية” للكاتب إبراهيم نصر الله؛ والذي يعد سيرته الذاتية، نتبيّن حال المدرسة داخل حدود المخيم، هذا الحال الذي بلور شخصية جيل كامل، عاش أتعس ظروف اللجوء بعيداً عن وطنه، باحثاً عنه في الذكريات ودروس الجغرافيا والقصص الشعبية المتداولة. وفي سيرة المستشرق الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد “خارج المكان”، نرى تجاربه مع المدرسة عبر تنقله بين دول مختلفة، تبيّن لنا الاختلافات في طبقات المجتمعات العربية وتنوعها، وتأثير هذه التنقلات على شخصيته وتوجهاته الفكرية.

 

الحياة كمدرسة

“أولادكم ليسوا لكم.. أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها”

تتجلّى فكرة “الحياة مدرسة” في الأدب العربي بصور كبيرة، لعل أبرزها كتاب “النبي” لجبران خليل جبران، الذي يُقدم بدوره صوراً فلسفية عميقة وحكيمة لجوانب عديدة من الحياة؛ تناولها جبران بطريقة فذة، تجمع بين السلاسة والبلاغة، لتصبح أفكاراً عالمية يقتبسها كل من آمن بها.

 

تتعدد صور المدارس في الأدب العربي، وتتغيّر مع التغيّرات التي تطرأ على المجتمع، مؤثرةً بدورها على تكوين شخصيات الأدباء وبناء وأدبهم، مبينة لنا صورة أوسع عن مدى أهمية المراحل التعليمية الأولى للفرد الواحد في تشكيل المجتمعات وتطويرها.

أخبار حديثة

04أبريل
بدور القاسمي أول امرأة خليجية تفوز بجائزة “بولونيا راجازي” في “معرض بولونيا لكتاب الطفل” 2025

بدور القاسمي أول امرأة خليجية تفوز بجائزة “بولونيا راجازي” في “معرض بولونيا لكتاب الطفل” 2025

بدور القاسمي: “الكتب تلعب دوراً مركزياً في تحقيق الوحدة والتقدم وتعزيز التفاهم بين الثقافات” حققت الناشرة والمؤلفة الشيخة بدور القاسمي، إنجازاً ثقافياً جديداً عندما أصبحت أول امرأة خليجية تحصل على جائزة “بولونيا راجازي” المرموقة لعام 2025 عن فئة الأدب الخيالي، من معرض بولونيا لكتاب الطفل، وذلك عن كتابها “بيت الحكمة” الصادر عن “مجموعة كلمات” للنشر. […]

03أبريل
تكريم الفائزات بالدورة الثانية من جائزة “ببلش هير للتميّز” في بولونيا

تكريم الفائزات بالدورة الثانية من جائزة “ببلش هير للتميّز” في بولونيا

كرّمت مبادرة “ببلش هير”، الشبكة الدولية التي أطلقتها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، بهدف مساعدة النساء على تجاوز التحديات المهنية التي تعترض طريقهن في قطاع النشر، ثلاث قيادات نسائية بارزة، خلال النسخة الثانية من جائزة “ببلش هير” للتميّز وذلك تقديراً لإسهاماتهن المؤثرة في تطوير قطاع النشر ودفعه نحو آفاق جديدة من الابتكار والتنوّع. وسلّط حفل […]

30مارس
إنطلاق معرض بولونيا لكتاب الطفل في 31 مارس

إنطلاق معرض بولونيا لكتاب الطفل في 31 مارس

يستعد معرض بولونيا لكتاب الطفل، أحد أهم وأكبر أبرز الفعاليات العالمية المخصصة لأدب الأطفال، لافتتاح أبواب دورته الـ62 خلال الفترة من 31 مارس إلى 3 أبريل في مدينة بولونيا الإيطالية، حيث يجمع نخبة من الناشرين، والمؤلفين، والرسامين، والوكلاء الأدبيين من مختلف أنحاء العالم، مع اختيار إستونيا كضيف شرف لهذا العام.​   ويُعتبر المعرض منصة مهمة […]

Related Posts

المرأة في أدب فيرجينيا وولف.. رحلة البحث عن الذات

المرأة في أدب فيرجينيا وولف.. رحلة البحث عن الذات

تُعد الكاتبة الإنجليزية فيرجينيا وولف واحدة من أبرز كاتبات الحداثة في القرن العشرين، إذ تميّزت أعمالها بأسلوبها التجريبي، وطرحها لقضايا المرأة بجرأة وعمق. ففي مقالتها المطولة الشهيرة "غرفة تخص المرء وحده"، شدّدت وولف على أهمية الاستقلال المادي والفكري للمرأة، وهو ما...

“بلومزبري” تواجه خطر الاعتماد على الكتب الرائجة

“بلومزبري” تواجه خطر الاعتماد على الكتب الرائجة

لطالما ارتبط نجاح دار "بلومزبري" بقدرتها على استثمار المؤلفين الذين يجذبون خيال الجمهور. فبعد أن صنعت مجدها مع سلسلة "هاري بوتر"، وجدت مصدراً جديداً للنجاح في الكاتبة سارة جيه ماس، التي تهيّمن رواياتها على المشهد الأدبي في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع انتشار أدب "...

الشارقة في رمضان.. منارة ثقافية تُضيء ليالي الإبداع

الشارقة في رمضان.. منارة ثقافية تُضيء ليالي الإبداع

في كل عام، تتحول إمارة الشارقة خلال شهر رمضان المبارك إلى منارة ثقافية وأدبية، حيث تنبض بالحياة عبر سلسلة من الفعاليات التي تعكس عمق التزامها بالثقافة والفنون، من خلال الأمسيات الشعرية، والمحاضرات الأدبية، والفعاليات الفنية، التي تجمع نخبة من المثقفين والأدباء من...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest

Nasher News
بدور القاسمي أول امرأة خليجية تفوز بجائزة “بولونيا راجازي” في “معرض بولونيا لكتاب الطفل” 2025
تكريم الفائزات بالدورة الثانية من جائزة “ببلش هير للتميّز” في بولونيا
إنطلاق معرض بولونيا لكتاب الطفل في 31 مارس
المرأة في أدب فيرجينيا وولف.. رحلة البحث عن الذات
“بلومزبري” تواجه خطر الاعتماد على الكتب الرائجة
الشارقة في رمضان.. منارة ثقافية تُضيء ليالي الإبداع