ياسمينة خضرا وإنعام كجه جي: السياسة تلاحق الروائي في الموطن والمهجر
في جلسة جمعت بين إشكاليات الكتابة السياسية والحنين إلى الأوطان، شارك الروائي الجزائري المقيم في فرنسا ياسمينة خضرا (محمد مولسهول)، وزميلته في موطن اللجوء، الكاتبة والروائية العراقية إنعام كجه جي، في جلسة ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة من مهرجان طيران الإمارات للآداب، بعنوان “حكايات في السياسة والاشتياق”، أدارها الدكتور بلال الأورفه لي، أستاذ كرسي الشيخ زايد للدراسات العربية والإسلامية بالجامعة الأميركية في بيروت.
وفي مستهل الجلسة، أكدت إنعام كجه جي أن السياسة في العالم العربي، وخصوصاً في العراق، ترسم مستقبل الإنسان، لأنها تدخل في كافة تفاصيل حياته، وهذه التفاصيل مادة جميلة ودسمة للكاتب والروائي نظراً لأنها تمس صميم حريته، مضيفة أن العراق الذي تراه على شاشات التلفاز في الخارج يختلف عن الصورة التي تعرفها عنه، لذلك تكتب للتعبير عن الناس الذين توقفت حياتهم بسبب السياسة، معبّرة عن أسفها لغياب شعور الناس في العراق بالأمان كما هو الحال في الدول المستقرة.
وقالت كجه جي: “العراق في الإعلام الغربي هو مجرّد أرقام بدون وجوه، لذلك أحاول من خلال رواياتي أن أعطي أسماءً ووجوهاً للضحايا، كي أتيح لهم التعبير عن أنفسهم لأن واقعهم الحالي جعلهم ممحيين”. وأضافت: “كلنا كعراقيين مجرمون بحق وطننا! لأنه رغم كل الظروف والدمار، لا أحد يريد الاعتذار، ولكن عبر كتاباتي فإن القارئ هو الذي سيتخذ الموقف بخصوص الواقع، فنحن ننزف كل يوم وكل ما نفعله هو محاولة تجميل جراحنا قدر المستطاع!”.
وأكدت الكاتبة والصحفية العراقية أن “السخرية” من خلال الكتابة قد تكون سلاح الكاتب لتعرية السياسيين والمتمسكين بالأفكار البالية، وإذا كان الكاتب في العادة يحتاج إلى الخيال، فإن الواقع في العراق يزدحم بالخيال، لذلك تبدو كتابة العراقيين بالمهجر مزدحمة بالشجن والحنين إلى الوطن في كل وقت وحين، مضيفة أن العراق لديه كل الإمكانيات المادية لأن يعود إلى عزه، ولكن القيم التي تهاوت، انتهت ولن تعود”.
أما ياسمينة خضرا، فأشار إلى أن السياسة فعلاً موجودة في كافة تفاصيل الحياة، ولكنه يفضل تخلّي الأديب أو الروائي عن السياسة، كي يكون إنتاجه مفهوماً للجميع خصوصاً عند ترجمته إلى لغات أخرى، معتبراً أن “السياسة حطمت الجسور بين الشعوب”، مضيفاً أن البعض يعتبره “خائناً” لمجرّد أنه يكتب باللغة الفرنسية، رغم أنه كان جندياً وخدم في الجيش الجزائري، ويعيش الشوق والحنين إلى وطنه، ومدينته وهران، كل يوم.
وأعتبر خضرا أن محبته للشاعر العربي الكبير المتنبي، تنبع من شخصيته الطموحة وشجاعته وتحديه للحياة من خلال قصائده، مشيراً إلى أنه يحب دائماً التواصل مع الناس ومخاطبتهم وإيصال الأدب العربي إليهم، متمنياً أن يرجع الكتاب ليكون أفضل صديق للإنسان، مؤكداً أن الرواية هي مرآة للإنسان، لأنها تجعله يشعر وكأن تفاصيلها مماثلة لتفاصيل حياته، زافاً البشرى إلى جمهوره بعمل جديد قريباً في أدب الطفل، للمرة الأولى.