Home 5 أخبار 5 هيثم الخواجة ورؤيةٌ في توظيف التراث في أدب الأطفال

هيثم الخواجة ورؤيةٌ في توظيف التراث في أدب الأطفال

بواسطة | أبريل 26, 2018 | أخبار, مقالات و تقارير

جعفر العقيلي

يعدّ موضوع التعامل مع التراث في النص الأدبي من الموضوعات الإشكالية التي ما تزال تُطرح في الساحة الثقافية بقوة. ويزداد الأمر تعقيداً عند الحديث عن توظيف التاريخ في النص الأدبي الموجّه للطفل. فالأدب لا يحتمل التلقين والتحفيظ وحشو المعلومات. وهو كذلك لا يكون أدباً في غياب التشويق والإمتاع والرسالة الهادفة التي يمكن تمريرها في ثنايا النص.
هذا الموضوع تصدّى له الباحث والكاتب والتربوي والناقد المسرحي د.هيثم الخواجة، الذي حلّ ضيفاً على فعاليات البرنامج الثقافي لمهرجان الشارقة القرائي للطفل (2018) مقدّماً رؤيته في توظيف التراث في أدب الطفل.
يوضح الخواجة أن التاريخ يقدم تصوراً واضحاً ودقيقاً عن العالم، ويزودنا بالدروس والعبر، ويجسد الصلة بين الإنسان وأجداده وماضيه، لذلك فإن التاريخ “من العلوم الإنسانية التي لا غانى عنها لكونها السجلّ والذاكرة والمرجع لكل ما حدث في الماضي”.
ويؤكد أن التراث ضروري للطفل، لأنه يعمل على تعزيز الهوية، ولأن النماذج المضيئة فيه توفر للطفل القدوة وتمنحه القدرة على المضيّ نحو المستقبل. لهذا فإن النهل منه يحتاج إلى علم ومعرفة ووعي ودراية، كما يُشترَط في ذلك توافر الأمانة والمصداقية والنضج الفني.
ويبين أن توظيف التراث في أدب الطفل، يعني استحضار فترات محددة من التاريخ، سواء أكان ذلك من خلال الأحداث والمواقف، أم من خلال الحديث عن الشخصيات، أم من خلال القصص والأمثال والنوادر.. إلخ.
وبالرغم من أن مصادر التراث كثيرة ومتنوعة، إلّا أن الخواجة يرى أن المشكلة ليست في المصادر، وإنما في طبيعة الانتقاء وأسلوب الاختيار، وإذا كان بعضهم يعتقد أن الأمر سهلٌ ما دامت المادة موجودة، فإن اعتقاده في غير مكانه، لأن الصعوبة “تكمن في الانتقاء”. ولهذا، يُفترَض أن يكون الذي يقوم بهذه المهمة واعياً بمفاصل التاريخ وعروقه، وأن يكون تربوياً وخبيراً في الكتابة للأطفال وقادراً على الفرز بين ما يجب أن يعرفه الطفل ويهتمّ به، وما يجب أن نُبعده عنه.
ويورد الخواجة من الأمثلة على المصادر الغنية بالمعلومات وسير الأبطال والحكايات التي تفيد الطفل وتدعوه إلى الاعتزاز بماضيه: قصص القرآن الكريم والأنبياء والرسل، وقصص الملائكة والأحاديث النبوية والفتوحات الإسلامية، وقصص الأسفار والرحلات والبطولات.
ويشير إلى أن توظيف التراث يحقق جملة من الأهداف التربوية والمعرفية والثقافية والوطنية والقومية والإنسانية. وبها يتحقق التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وبذلك أيضاً يدرك الطفل ما في تاريخه من ثراء يمكن الاعتزاز به من جهة والاستفادة منه في جهة أخرى.
ويشدد على أن أسلوب توظيف التراث ينبغي أن يكون شائقاً وممتعاً دون التخلي عن الالتزام بالهدف الإيجابي الذي يسهم في بناء شخصية الطفل وتعزيز فكره وثقافته. ويوضح أن هذا يمكن تحقيقه من خلال الاستلهام أو الإعداد والاقتباس أو من خلال الاستدعاء أو التضمين. “وإذا ما تم الشغل على الشكل والمضمون معاً في العمل الأدبي، ازداد المنتَج الإبداعي قوة وتأثيراً”.
لكن؛ ماذا عن شروط توظيف التراث في أدب الأطفال؟
بقول الخواجة إن هذه الشروط يمكن تلخيصها في: مراعاة توصيل المعلومة التاريخية بما يتناسب مع مدارك الطفل وينسجم مع مستوى نضجه العقلي واللغوي والوجداني، والاهتمام بالمتعة، وتحفيز الخيال، وتعميق الانتماء للإنسانية، والتركيز على غرس القيم الأخلاقية والتربوية، والارتقاء بالذائقة الجمالية، والتأكيد على ربط الماضي بالحاضر بالمستقبل.
ويستعرض رؤيته في توظيف التراث في أدب الأطفال، موضحاً أن الكاتب الانتقائي الواعي والمؤمن بأهمية نقل التراث إلى أجيال المستقبل، هو الذي يقدّم التراث لهم منيراً على مكنوناته، ومتجنباً التدوين والتوثيق، لأن ذلك ليس من مهامه، فالمطلوب منه إبراز القيم الإيجابية وإسقاط المهمّش والمتناقض والذي لا فائدة منه، والتركيز على القيم الروحية والأخلاقية والتربوية والوطنية والحقائق مع الابتعاد عن الحلول السحرية والأسطورية للمشكلات.
ويعرب الخواجة عن أسفه لأن أدب الأطفال في الوطن العربي غدا “سلعة تجارية” لا تعنى ببناء شخصية الطفل وفكره، ولأن القصص التي تستند إلى التاريخ كثيرٌ منها يشوّه التراث ويحتوي على أغاليط وأفكار مدسوسة.
ويختم الخواجة حديثه بقوله إن التعرف على التاريخ من قِبل الطفل أمر في غاية الأهمية، وهو ما يستدعي تضافر جهود الأسرة والمؤسسة التربوية والناشر وكاتب أدب الطفل، بشكل تكاملي، لتحقيق ذلك، وصولاً إلى جيلٍ يعشق هويته الوطنية والقومية ويشعر بأهمية ماضيه وحاضره وضرورة التحضير لمستقبله.

أخبار حديثة

16أكتوبر
معرض فرانكفورت للكتاب 2024 يسلّط الضوء على الذكاء الاصطناعي وأدب الشباب

معرض فرانكفورت للكتاب 2024 يسلّط الضوء على الذكاء الاصطناعي وأدب الشباب

ينطلق معرض فرانكفورت للكتاب في دورته السادسة والسبعين في الفترة من 16 إلى 20 أكتوبر 2024، في مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث ستكون إيطاليا ضيف الشرف لهذا العام. وسيركز المعرض على عدد من المواضيع التي تعكس الاتجاهات الحديثة في صناعة النشر العالمية، مثل أدب الشباب، والذكاء الاصطناعي، ومسؤولية نشر كتب الأطفال.   أحد الإضافات البارزة هذا […]

16أكتوبر
“اصنع المستقبل بخيالك” في معرض الفجيرة لكتاب الطفل بدورته الأولى

“اصنع المستقبل بخيالك” في معرض الفجيرة لكتاب الطفل بدورته الأولى

يشهد معرض الفجيرة لكتاب الطفل في دورته الأولى التي تقام خلال الفترة من 13 إلى 19 أكتوبر 2024 تحت شعار “اصنع بخيالك المستقبل”، إقبالاً كبيراً من الأطفال في الإمارة والمناطق المجاورة لها، الذين احتفوا بإقامة هذا الحدث في قاعة البيت متوحد بالإمارة، بمشاركة 40 دار نشر من دول مختلفة، متضمناً العديد من الأجنحة والأقسام ومن […]

14أكتوبر
الكاتبة الكورية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب

الكاتبة الكورية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب

فازت الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانج، البالغة من العمر 53 عاماً، بجائزة نوبل للآداب لعام 2024 عن “نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية”، وفقاً للجنة نوبل التي أشادت بتعاطف الكاتبة العميق مع شخصياتها التي تجسّد حياة هشة، وغالباً ما تكون أنثوية، تتنقل بين عواطف ومشاهد جسدية معقدة.   وثمّن رئيس […]

Related Posts

“اصنع المستقبل بخيالك” في معرض الفجيرة لكتاب الطفل بدورته الأولى

“اصنع المستقبل بخيالك” في معرض الفجيرة لكتاب الطفل بدورته الأولى

يشهد معرض الفجيرة لكتاب الطفل في دورته الأولى التي تقام خلال الفترة من 13 إلى 19 أكتوبر 2024 تحت شعار "اصنع بخيالك المستقبل"، إقبالاً كبيراً من الأطفال في الإمارة والمناطق المجاورة لها، الذين احتفوا بإقامة هذا الحدث في قاعة البيت متوحد بالإمارة، بمشاركة 40 دار نشر من...

الكاتبة الكورية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب

الكاتبة الكورية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب

فازت الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانج، البالغة من العمر 53 عاماً، بجائزة نوبل للآداب لعام 2024 عن "نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية"، وفقاً للجنة نوبل التي أشادت بتعاطف الكاتبة العميق مع شخصياتها التي تجسّد حياة هشة، وغالباً...

كافكا: سيد القلق الوجودي الحديث

كافكا: سيد القلق الوجودي الحديث

يُعَد الكاتب التشيكي فرانز كافكا، أحد أكثر الكُتّاب غموضاً وتأثيراً في القرن العشرين، وغالباً ما ينظر إليه بأنه صوت القلق الوجودي المعاصر أو رائد الكتابة الكابوسية! إذ تعكس أعماله، وخاصة "المحاكمة" و"التحوّل"، الاغتراب وعبثية الحياة في عالم متزايد البيروقراطية...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest