أكد عدد من الناشرين بأن خسارة قطاع صناعة الكتاب خلال فترة انتشار فيروس كورونا المستجد بلغت أرقاماً قياسية بنسبة تتراوح بين 50٪ إلى 85٪ من إجمالي المبيعات نظراً لتوقّف الفعاليات والأحداث الثقافية ومعارض الكتب العربية والأجنبية وضعف الإقبال، وطالبوا بإنشاء شركة توزيع كتب محلية، مشيرين إلى أن الكتاب الورقي يعاني اليوم أزمة في ظلّ زيادة الطلب على الكتاب الإلكتروني.
جاء ذلك خلال اجتماع عقدته جمعية الناشرين الإماراتيين مؤخراً (عن بُعد) عبر تطبيق التواصل المرئي “زووم”، بهدف الاستماع لمطالب الناشرين ومناقشة مجموعة من الخطط والاستراتيجيات المستقبلية للنهوض بواقع النشر المحلي خاصة في ظلّ الظروف الراهنة التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد على العالم.
وتطرق الاجتماع الذي أقيم بحضور سعادة علي بن حاتم، رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، وراشد الكوس، المدير التنفيذي للجمعية، وأكثر من 50 ناشراً من أعضاء الجمعية، للآثار التي سببها انتشار فيروس كورونا المستجد على آلية النشر وما ترتب عليها من تبعات على سوق النشر، ودور الجمعية وجهودها الداعمة خلال هذه الفترة بما يتعلق بتسهيل الإجراءات المتعلقة بتجديد الرخص الاقتصادية والتجارية وعقود الإيجار وفواتير المطبوعات ورخص المجلس الوطني للإعلام وغيرها من الخطوات الداعمة.
وفي كلمته الافتتاحية أشار راشد الكوس إلى أن الجمعية تلتزم بمسؤولية الوقوف إلى جانب أعضائها في شتى الظروف خاصة في ظلّ انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم والتي ترافق معها إيقاف العديد من الأحداث الثقافية وفعاليات ومعارض كتب عربية وعالمية، لافتاً إلى أن هذا الظرف غير المتوقع راكم على الناشرين الكثير من الصعوبات والمعوقات التي استدعت وقفة جدية لضمان استمرار أعمالهم.
وقال المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين: “الواقع الذي يعيشه سوق النشر أدى لأن تضع الجمعية حزمة من الإجراءات الداعمة لأعمال الناشرين الأعضاء تمثلت في صندوق الأزمات الذي أسهم في دعم أعمالهم، وهذا الاجتماع يأتي في السياق ذاته لنستمع مباشرة لآراء واقتراحات الناشرين عن كثب، كما سيتم إرسال استبيان يقف على احتياجاتهم بدقة لنضع بالتعاون معهم خطة متكاملة تخدم صناعة النشر وتضمن للناشر بيئة مثالية يواصل من خلالها أعماله، ونأمل أن نتجاوز جميعاً هذا الظرف ونسهم في دفع عجلة هذه الصناعة قدماً نحو الأمام”.
ومن جانبه أكد سعادة علي بن حاتم خلال الاجتماع على الدور الكبير الذي تبذله الإدارة التنفيذية لتوفير مختلف السبل التي تضمن استمرارية أعمال الناشرين في شتى الظروف، لافتاً إلى أن ما ترافق من ظروف مع انتشار فيروس كورونا المستجد خلال الفترة الأخيرة أوجد الكثير من المعوقات أمام الناشرين وخلق أمامهم تحديات على صعيد ترويج أعمالهم والبقاء في سباق المنافسة، الأمر الذي دفع الجمعية إلى وضع خطط وحلول للوقوف إلى جانب جميع الأعضاء ودعهم خلال هذه الفترة.
وأشار عدد من الناشرين إلى أن انتشار فيروس كورونا المستجد أدى إلى تراجع مبيعات الكتب بنسب تراوحت بين 50 و85%، وقلّص عقود الترجمة بشكل كبير، كما لفت الناشرون إلى أن الطلبات المتزايدة على الكتاب الإلكتروني تشكّل خطورة على الكتب الورقية مستقبلاً، حيث أن مبيعات الكتب الرقمية وصلت إلى ضعفي الورقي وبما يصل إلى 75% من سوق الكتاب. في الوقت ذاته أوصت الجمعية الناشرين بضرورة الاهتمام بالكتاب الإلكتروني والعمل على إنتاج كتب صوتية تواكب الواقع الراهن وتدفع باتجاه استمرارية عمل دور النشر.
ولفت عدد من الناشرين إلى أنهم تجاوزا الأزمة لكن إنتاجهم من الكتب لم يعد كالسابق، إذ كانت الدار تصدر ما يقارب الـ60 عنواناً جديداً سنوياً، لكن العام الجاري خفّضوا خطة إنتاجهم لحوالي 20-15 كتاباً، وطالبوا بالعمل على تسهيل المشاركة في الفعاليات المدرسية والجامعية وبالتواصل مع وزارة التربية والتعليم لاستخراج التراخيص الخاصة لذلك لحرص دور النشر على دعم العملية التعليمية، كما تطرق الناشرون لضرورة التوعية بحقوق الملكية الفكرية والمحافظة عليها.
وخلال الاجتماع عرضت الجمعية أيضاً دراسة خاصة عرّفت من خلالها بمركز حقوق النسخ، الذي يعمل من أجل حماية حقوق المؤلفين والمبدعين ممن لا يستطيعون إدارة حقوقهم بسهولة، إلى جانب ما يقدمه من خدمات تتبع لقرصنة الأعمال وتوفير رخص للمستخدمين تقدّم للجامعات والمدارس وغيرها وتتيح من خلالها للطلاب والمستخدمين فرصة الاستفادة من الكتب بطرق قانونية وبحدود معينة للنسخ، موضحة أن هذه العملية تعمل على إيجاد حالة من الوعي بما يخص المحافظة على حقوق الناشر، وتعمل على تسهيل الوصول للمؤلفات وتخفيض التكاليف على الطلاب وغيرها من الخيارات.
وفي نهاية الاجتماع ثمّن الناشرون الأعضاء مبادرة “صندوق الأزمات” التي أطلقتها الجمعية بهدف دعم الناشرين المتضررين جرّاء انتشار فيروس كورونا المستجد، مؤكدين أن هذه الخطوة تسهم في استمرارية عمل قطاع النشر وتبقي الناشر في سباق المنافسة بالرغم من الظروف الراهنة، خاصة وأنه أسهم مؤخراً في تقديم نحو 356 ألف درهم لصالح 19 دار نشر.