عندما تزور العاصمة الأذربيجانية باكو، فلا بد أن يكون متحف الكتب المصغرة Baku Museum of Miniature Books، الواقع في حي “ايتشاري شهر” التاريخي، أحد الأماكن الرئيسية التي ستحرص على اكتشافها، ففيه ستكون على موعد مع آلاف الكتب التي تحتاج قراءتها إلى عدسات مكبرة.
المتحف البالغ من العمر 17 عاماً، كان نتيجة جهد بذلته مؤسسته زاريفا سالاهوما، على مدار 30 عاماً، عملت خلالها على جمع الكتب المصغرة، بهدف تعزيز وتشجيع القراءة، فكانت البداية مع 65 كتاباً مصغراً وخلال ثلاثين عاماً ارتفع العدد إلى أكثر من 7000 كتاب من 66 دولة وبعشرات اللغات تتقدمها اللغة الروسية.
كلاسيكيات
على أرففه الزجاجية التي يصل عددها إلى 38 رفاً، يعرض المتحف مجموعته الفريدة التي تتضمن أربعة كتب مصغرة أحدها حجمه 0،75 ملم × 0،75 ملم لدار النشر اليابانية “توبان برينتنغ”، يكاد لا يُرى لصغر حجمه يجاور آلافاً أخرى من كتب تدل على لغاتها أعلام بلدانها، ويعرض المتحف طبعات نادرة وخاصة بتشيكوفيسكي، وبارتو، وغوغول، ودوستويفسكي، وكذلك مجموعة من أعمال أليكساندر بوشكين، إلى جانب مؤلفات كلاسيكية أذربيجانية تحمل تواقيع واقف خورشيد بانو، وناتافان، ونظامي كنجوي، ونسيمي، وفضولي، وصامد فورجون، وميزرا فتالي أخوندوف، وغيرهم الكثير.
وفي القسم الخاص بالكتب التركية يعرض المتحف كتاب القصص التركي الشهير “حكايات الجد كُركوت”، الذي يجمع 12 قصة شعبية بلا مؤلف، تشمل تصويراً للحياة العامة والقيم التركية في القرن السادس عشر، وهناك أيضاً كتاب “النطق” أو “الخطاب” لمصطفى كمال أتاتورك، وهو نص الخطاب الذي ألقاه أتاتورك على مدى خمسة أيام أمام الجمعية العامة لحزب الشعب الجمهوري، واستعرض فيه تاريخ تركيا منذ حركة الاستقلال عام 1919 إلى تأسيس الجمهورية في 1923، ويعد المرجع الأساسي لتاريخ الكمالية في تركيا. بالإضافة إلى كتاب “الأضواء التسعة” لألباسلان توركيش، وكتب الشعر لأموت يشار أوغوزكان، ودواوين الشاعر المعروف ناظم حكمت، وروايات يشار كمال.
أصغر مصحف
لعل اللافت بين هذه المجموعة الكبيرة، أنها تضم نسخة من القرآن الكريم تعود إلى القرن السابع عشر، ويعد المصحف المكتوب بخط اليد، الأصغر في العالم، وكانت زاريفا سالاهوما، قد تلقته هدية من سيدة عجوز من إحدى ضواحي مدينة باكو في أذربيجان، قالت لها إنه ملك لعائلتها منذ قرن من الزمان، وقد قام البولندي ميخائيل شورتش والمحب للكتب كثيراً بعملِ حافظة من الحديد من أجل حماية المصحف، الذي يبلغ حجمه 17-26 ملم ويبلغ عمره 160 عاماً، ووضع عدسة مكبرة فوق الحافظة من أجل قراءته.
كما يضم المتحف أيضاً كتاباً نشره بيتر شوفر، تلميذ يوهانس غوتنبرغ في القرن الثالث عشر، الأمر الذي يمنح المتحف قيمة فكرية وإنسانية عالية، كونه بات يمثل لمسة خاصة في العاصمة باكو، التي سعت من خلاله إلى التشجيع على السياحة الثقافية، فضلاً عن أن المتحف يعبّر عن قيمة تقديرية لكل من أعطوا الإنسانية وساهموا في رفع مستواها المعرفي والفكري، عبر ما قدموه من مؤلفات ضمت عصارة أفكارهم، وحكايات جميلة تستحق أن تروى.
يذكر أن المتحف أدرج عام 2015 في موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، وذلك لاحتوائه على أكبر مجموعة من الكتب المصغرة، تمثل ثقافة أكثر من 66 بلداً حول العالم.