من المقرر أن تغادر شحنة ثانية من الكتب التي تبرع بها الناشرون البريطانيون لصالح مؤسسة “بوك آيد انترناشيونال” إلى العراق في إطار حملة “جسر الكتاب للموصل”، وهي المبادرة التي أطلقها أحد محاضري جامعة الموصل، الدكتور علاء حمدون، بعد تدمير المكتبة في عام 2014 بواسطة تنظيم “داعش”. ومن المتوقع أن تغادر شاحنة محملة بعدة آلاف من الكتب لندن قريبًا في رحلة برية شاقة تصل إلى 3000 ميل وتستغرق مدة عشرة أيام إلى ثلاثة أسابيع. يُذكر أن توصيل الشحنة الأولى في مارس من العام الماضي استغرق شهرين للوصول إلى العراق، بعد أن تأخر بسبب الاضطرابات في كردستان.
وتُعد مكتبة جامعة الموصل المركزية، التي تم تشييدها في عام 1967، الأكبر في شمال العراق وواحدة من أكبر المكتبات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث كانت تضم ذات يوم أكثر من مليون كتاب في 150 قسماً جامعياً تغطي مجالات متنوعة من المعرفة، بعضها يعود تاريخها إلى العام 1700، إضافة إلى 30,000 دورية.
وفي كلمته المؤثرة في معرض لندن للكتاب مؤخرًا حول المبادرة، قال حمدون: “في العام 2014، استولى “داعش” على مدينتي، وكنت مكرهاً على النزوح إلى تركيا ثم إلى أبردين في اسكتنلندا حيث منحتني الجامعة فرصة لمواصلة دراستي. عدت إلى العراق في العام 2016 لاكتشف أن “داعش” قد أحرق مكتبة الجامعة. شعرتُ بحزن بالغ لرؤية هذا المشهد المؤسف، فقد كانت المكتبة منارة للمجتمع، وبات الناس مثل السفن الضائعة بدونها”.
ويعود تاريخ إطلاق مبادرة “جسر الكتاب للموصل” إلى شهر مارس من العام 2017، ووصلت أول شحنة كتب في مارس 2018. وإلى جانب كتب الجامعة، كان هناك أكثر من 3400 كتاب جديد للأطفال أهدتها مؤسسة وار تشايلد يو كي (War Child UK) إلى الحملة. وشملت هذه الكتب قصصًا باللغة الإنجليزية بهدف دعم الصغار في تعلم اللغة الإنجليزية، ومنحة تصل إلى 820 كتاباً باللغة العربية من مطبعة جامعة أكسفورد.
وبرزت مطبعة جامعة أكسفورد ومؤسسة وايلي في مقدمة الناشرين البريطانيين المؤيدين لمبادرة “جسر الكتاب للموصل”. وقالت راشيل غود، مديرة اتصالات المجموعة في مطبعة جامعة أكسفورد: “كنا نوفر الدعم لمؤسسة “بوك آيد انترناشيونال” لسنوات عديدة حتى الآن، ولطالما كنا معجبين بالكيفية التي يعملون بها بلا كلل لمساعدة الناس على الوصول إلى الكتب والموارد التعليمية، حتى في بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها في أجزاء من العالم. ونحن في مطبعة جامعة أكسفورد ننظر إلى مبادرة “جسر الكتاب للموصل” باعتبارها مشروعًا رائعًا وجديرًا بالاهتمام حقًا، ويسعدنا أننا تمكنا من دعمه. أتطلع إلى مواصلة شراكتنا حتى نتمكن من إتاحة المزيد من الفرص للناس في جميع أنحاء العالم للقراءة والتعلم”.
وتكمن بعض المفارقات المريرة التي ارتكبها “داعش” في إتلاف عدد من النسخ النادرة للقرآن الكريم. وقال أليسون تويد، الرئيس التنفيذي لمؤسسة “بوك آيد انترناشيونال”: “لا يمكن لأحد أن يتوانى عن التحرك عند قتل الناس وتشريدهم، ولكن يجب أيضًا ألا نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما نشهده من تدمير ثقافي وفكري وإغلاق للمدارس. ربما تكون الموصل من أشد المدن حاجة للكتب اليوم، لذا نعتزم توفير المزيد من الكتب في المستقبل لمساعدة الموصل على إعادة بناء مجموعتها المكتبية”.
للتبرع بالكتب، يرجى التواصل من خلال البريد الإلكتروني: harry.boughton@bookaid.org، أو للتبرع لصالح الشحنة التالية، يمكنم التواصل من خلال البريد الإلكتروني: hannah.watson@bookaid.org