يسلّط كتاب “زراعة النخيل وإنتاج التمور في الوطن العربي” للأستاذ الدكتور عبد الباسط عودة إبراهيم، والصادر عن مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي، الضوء على زراعة النخيل، ويستعرض طرق تحسينها، لزيادة مساهمتها في الدخل الوطني العام للعديد من الدول العربية، منطلقاً في البداية من تاريخ نخيل التمر، وأهميتها في الحضارات المتعاقبة.
في الفصل الأول من الكتاب، يقدم المؤلف شرحاً موجزاً للعوامل المناخية المؤثرة في زراعة ونمو أشجار النخيل وإنتاج التمور، حيث تنحصر زراعة نخيل التمر بين خطي عرض 10 و35 درجة شمال خط الاستواء، ولكن نخلة التمر تعطي محصولاً جيداً في المناطق التي يكون فيها الجو طيلة فترة نمو الثمار، مرتفع الحرارة، قليل الرطوبة، خالٍ من الأمطار، حيث إن الأمطار يمكن أن تؤدي إلى تشقق جلد الثمرة ولحمها، أو تبقع الثمر بسبب الإصابة بالفطريات التي تشجعها الرطوبة العالية، وكذلك يمكن أن تؤدي إلى تخمر الثمار أو تحمضها أو إلى وجود خطوط ترابية رفيعة، طولية وعرضية، تظهر على بشرة الثمرة نتيجة تشقق القشرة.
وفي الفصل الثاني، عرض لأهم عمليات الخدمة والرعاية الفنية التي تتطلبها زراعة أشجار النخيل، مثل إعداد الأرض، وتجهيز الفسائل، وزراعة الغرسات، والتسميد. فقبل التفكير بزراعة أشجار النخيل، يجب التعرف على الظروف البيئية للمنطقة، وخاصة درجات الحرارة وكميات الأمطار ومواعيد سقوطها وشدة الرياح ونوعية التربة، إضافة إلى مدى توفر مياه الري، ونوعيتها، ومصادرها، وطريقة الري التي يتم استخدامها، ومن ثم معرفة الأصناف الملائمة للمنطقة ومدى توفر فسائلها. بعد ذلك يأتي تحديد موقع البستان، الذي يُفضل أن يكون قريباً من الأراضي المجاورة لمصادر المياه ومشاريع الري. أما التربة، فأفضلها العميقة، التي لا تتخللها طبقة صلبة تعيق الجذور.
وفي الفصل الثالث، يتطرق المؤلف إلى الواقع الراهن لزراعة النخيل وإنتاج التمور في الوطن العربي، من حيث أنظمة الإنتاج الزراعي في المناطق الصحراوية، وواقع الموارد الطبيعية وخاصة المياه. إذ تنتشر نخلة التمر على امتداد الوطن العربي، من موريتانيا وحتى الخليج العربي، وهي الشجرة المناسبة بيئياً للمناطق الجافة وشبه الجافة التي تغطي نحو 90% من مساحة الوطن العربي. وتبلغ المساحة المزروعة بالنخيل 1.2 مليون هكتار، أما عدد أشجار النخيل في الوطن العربي فيتجاوز أكثر من 90 مليون نخلة، تنتج أكثر من 6.4 مليون طن، وهو ما يمثل 75% من إنتاج التمور في العالم.
أما الفصل الرابع من الكتاب، فيتحدث عن الواقع الراهن لزراعة النخيل وإنتاج التمور في شبه الجزيرة العربية التي تستأثر بحوالي 41% من مجموعة إنتاج الوطن العربي من التمور. وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة، المرتبة الأولى عربياً في أعداد أشجار النخيل، حيث يوجد فيها 40 مليون نخلة، حوالي 17 مليوناً منها مثمرة، وتشغل زراعة النخيل 79% من إجمالي الأراضي الزراعية في الإمارات، بمساحة 1.8 مليون هكتار. ونتنشر زراعة النخيل في المناطق الساحلية التي تشمل الساحل الغربي الممتد من أبو ظبي إلى رأس الخيمة، والساحل الشرقي الممتد من دبا شمالاً وحتى كلباء جنوباً، إضافة إلى المناطق الجبلية في رأس الخيمة والعين، والواحات والمناطق الصحراوية ذات التربة الخفيفة التي تشكل الجزء الأعظم من مساحة الدولة.
ويعرض الفصل الخامس، الواقع الراهن لزراعة النخيل وإنتاج التمور في دول المغرب العربي، التي تمثل المساحة المثمرة بالنخيل فيها نحو 273 ألف هكتار، تشكل حوالي 31% من مجموع المساحة المثمرة في الوطن العربي، إلا أن إنتاجها من التمور والبالغ نحو 891 ألف طن، لا يشكل سوى حوالي 17% من مجموعة إنتاج الوطن العربي من التمور والبالغ نحو 5120 ألف طن. ففي الجزائر، هناك أكثر من 12 مليون شجرة نخيل مثمرة، تنتشر معظمها في المنطقة الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية. وفي المملكة المغربية، حوالي 5 ملايين نخلة، مزروعة على مساحة تتجاوز الـ44 ألف هكتار. أما في تونس، فهناك 4.3 مليون نخلة، تغطي مساحة 33 ألف هكتار، وتنتج حوالي 128 ألف طن.
ويتناول الفصل السادس من الكتاب، الواقع الراهن لزراعة النخيل وإنتاج التمور في دول حوض النيل والقرن الإفريقي، وخاصة مصر والسودان، اللتين تنتجان سوية 1664 ألف طن، تشكل ثلث إنتاج الوطن العربي من التمور. فيما يتطرق الفصل السابع إلى الواقع الراهن لزراعة النخيل وإنتاج التمور في دول المشرق العربي، بدءاً من العراق الذي تتركز فيه 98.7% من إجمالي المساحة المزروعة بالنخيل في دول المشرق العربي، والمقدرة بحوالي 103 آلاف هكتار. وينتج العراق سنوياً نحو 450 ألف طن من التمور، تمثل حوالي 9% من إجمالي إنتاج الوطن العربي.
ويتحدث الفصل الثامن من الكتاب، عن اقتصاديات النخيل وإنتاج التمور في الوطن العربي، من حيث الأهمية النسبية للقطاع الزراعي، والمساحة المزروعة بالنخيل وإنتاج الوطن العربي من التمور، والعوامل المؤثرة على إنتاجية النخلة، وأصناف التمور في الوطن العربي، والتجارة الخارجية للتمور، والواردات العربية منها، والطرق المتبعة في تسويقها، إلى جانب المعوقات الإنتاجية لزراعة النخيل وإنتاج التمور، ومخلفات النخيل وطرق الاستفادة منها. أما الفصل التاسع والأخير، فأفرده المؤلف للمعوقات التي تواجه زراعة النخيل وإنتاج التمور، وآفاق التطوير المقترحة من خلال المعوقات المرتبطة بالموارد الطبيعة، والمعوقات الفنية، والمعوقات المرتبطة بالحالة الصحية، والمعوقات المرتبطة بعمليات الخدمة، والمعوقات الاقتصادية، والمعوقات التنظيمية.