يشهد قطاع النشر تحولاً جذرياً على مستوى العالم بفضل ريادة الأعمال والتكنولوجيا الرقمية، التي أحدثت نقلة نوعية في أساليب الإنتاج والتوزيع والتسويق. فقد أصبح النشر الرقمي يمثل جزءاً أساسياً من صناعة المحتوى، مدعوماً بمبادرات ريادية تعمل على تلبية احتياجات القارئ.
ووفقاً لتقرير صادر عن “ستاتيستا” Statista في عام 2022، بلغت قيمة سوق الكتب الإلكترونية عالمياً أكثر من 20 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل إلى 28 مليار دولار أمريكي مع نهاية 2025، ما يعكس النمو المتسارع لهذا القطاع الحيوي.
ومن جهة أخرى، يُظهر قطاع النشر الذاتي نمواً ملحوظاً، ففي تقرير مشترك بين “بوكر” Bowker و”نيلسون” Nielsen، سجلت نسبة النشر الذاتي ارتفاعاً بمعدل 15% سنوياً خلال السنوات الخمس الماضية. ويُعزى هذا النمو إلى سهولة الوصول إلى منصات النشر الرقمي، والتي أتاحت للكُتّاب والمبدعين تجاوز القيود التقليدية المفروضة على عمليات النشر. إلى جانب المرونة التي توفرها هذه المنصات، بما تتيحه للمؤلفين من وصول أسرع إلى القراء مع عوائد مالية فورية.
ولم يقتصر التحول على جانب التوزيع والإنتاج فحسب، بل امتد إلى تطوير أساليب تسويق المحتوى باستخدام البيانات الضخمة وتحليل سلوك المستخدمين. فقد أفادت دراسة من “برايس ووتر هاوس كوبرز” PwC بأن شركات النشر التي استثمرت في تقنيات التحليل الرقمي شهدت زيادة بالمبيعات بنسبة تصل إلى 25% مقارنةً بالأساليب التقليدية. كما أن تبني استراتيجيات تسويقية رقمية أسهم في توسيع قاعدة الجمهور والوصول إلى شرائح جديدة.
وتلعب الحاضنات، والمسرعات الريادية، والمناطق الحرة، دوراً محورياً في دعم المواهب الناشئة بهذا المجال، حيث توفر بيئة متكاملة لتطوير المشاريع وتحويل الأفكار إلى منتجات قابلة للتسويق، انطلاقاً من إيمانها بأن دمج الإبداع مع التكنولوجيا في النشر لا يفتح آفاقاً جديدة للمحتوى فحسب، بل يعزز أيضاً من القدرة التنافسية للناشرين في الأسواق المحلية والعالمية، ما يجعل ريادة الأعمال في النشر محرّكاً رئيسياً للتجديد والابتكار بصناعة المعرفة.