في سبتمبر 1952، نفذ حكم الإعدام للمرة الأخيرة في كارديف، عاصمة مقاطعة ويلز البريطانية. حيث أدين الصومالي محمود ماتان “خطأً” بقتل ليلى فولبرت في خليج تايجر باي، في قضية سجلها التاريخ ضمن أكثر أخطاء العدالة شهرة في القانون البريطاني، وأسهمت في تسريع إلغاء عقوبة الإعدام بالمملكة المتحدة.
تمت تبرئة ماتان بعد وفاته في عام 1998- بعد 46 عاماً من إعدامه – عندما عثر على أدلة ملفقة إلى حد كبير وتلاعبت بها الشرطة في ذلك الوقت، وهو ما أثار صدمة في المجتمع البريطاني، وألهم في الوقت ذاته الكاتبة الصومالية المولد نادرة محمد لتأليف رواية “ذا فورتشين مين” The Fortune Men أو “رجال الثروة” التي تبرز فيها الوجه الحقيقي لمحمود ماتان.
الرواية التي أدرجت في القائمة الطويلة لجائزة البوكر لعام 2021، تتضمن الكثير من التفاصيل الشخصية حول العلاقة التي جمعت بين والد المؤلفة والضحية، إذ ولد كل منهما فيما يعرف الآن بأرض الصومال، والتقى والد محمد بمحمود عندما هاجر الاثنان إلى مدينة هال، شرق إنجلترا. وقالت نادرة: “كان كلاهما يعمل في البحرية، لكن حياتهما اتخذت اتجاهات مختلفة للغاية. قال والدي إن محمود كان مجرد رجل عادي، وإن كان منعزلاً إلى حد ما”.
تزوج ماتان من عاملة مصنع الورق لورا ويليامز في عام 1946، وأنجبا ثلاثة أطفال. ومع ذلك، بحلول عام 1950، انفصل الزوجان ولكنهما عاشا في نفس الشارع.
فيما بعد، نُبذ محمود إلى حد كبير من المجتمع الصومالي بعد اتهامه بسرقة أموال من مسجد تايجر باي، ولكن عندما اتهم بالقتل، احتشدوا حوله لدفع تكاليف المحامي. ففي مساء يوم 6 مارس 1952، كانت ليلى فولبرت، 42 عاماً، قد أغلقت لتوها متجر بيع الملابس الخاص بها وكانت تستعد لتناول العشاء، عندما طُرق الباب.
رأتها ابنة أختها تتحدث إلى رجل عند المدخل، لكن لم يتمكن أحد من التعرّف عليه. بعد بضع دقائق، تم العثور عليها مقتولة بضربة سكين في حلقها، وفقد ما يقرب من 100 جنيه إسترليني كانت بحوزتها. قال آخر زبونين في المتجر، إنهما لم يريا أي شخص يطابق وصف محمود، ولكن بعد استجواب تحت الضغط، غيّرت إحدى الشاهدتين أقوالها أمام الشرطة وكذلك في المحاكمة.
لم ينتج عن تفتيش منزل محمود أي دليل، ومع ذلك تم القبض عليه بناءً على شهادة هارولد كوفر، الذي كان معروفاً أن له تاريخاً من العنف. وتم إخفاء شهادات أخرى تدحض وجود محمود في المنطقة من قبل الشرطة بالمحكمة. فيما فاجئ المحامي الجميع عندما وصف موكله بأنه: “نصف طفل في الطبيعة ونصف متوحش شبه متحضر1”.
في عام 1969، أدين هارولد كوفر، الرجل الذي أدت شهادته إلى إعدام محمود، بمحاولة قتل ابنته، بقطع رقبتها تماماً بنفس الطريقة التي قتلت بها ليلى. ومع ذلك، رفض وزير الداخلية، آنذاك، جيمس كالاهان إعادة فتح القضية.
انتظرت عائلة محمود طويلاً، وتحديداً إلى عام 1998، عندما أعلنت لجنة مراجعة القضايا الجنائية في المملكة المتحدة براءة ماتان من جريمة القتل، بعد عملية تحقيق مطولة ومراجعة مفصلة لملفات الشرطة والمحكمة وأقوال الشهود.
سيتم الإعلان عن القائمة المختصرة المُكونة من ست روايات في 14 سبتمبر، كما سيتم الإعلان عن الفائز النهائي في 3 نوفمبر 2021، فهل ستفوز هذه الرواية المثيرة بأهم جائزة أدبية بريطانية؟!.