جمال الشحي: العرب بحاجة ماسة لـ “الفنتازيا” و”الخيال العلمي”
حاورته: ياسمين العيساوي
جمال الشحي، مؤلف وناشر إماراتي معروف، ومؤسس ومدير دار كُتاّب للنشر، عمل منذ أكثر من 10 سنوات على تقديم الثقافة بشكل مختلف، عن طريق الإصدارات التي تُقدمها الدار، ومؤلفاته الأدبية، وكذلك من خلال إنشائه “مقهى كُتّاب” في دبي، والذي يُعد الأول من نوعه في دولة الإمارات، حيث يجمع الكُتّاب والمبدعين في جلسات إبداعية، كما أنه مقصد لكل من يبحث عن الترفيه بنكهة ثقافية. ويُحسب للشحي بأنه كان سبّاقاً، كشاب ورائد أعمال، في خوض مجال النشر، وتطويره وإبرازه بشكل أفضل طيلة السنوات الماضية.
وعن مجال النشر في دولة الإمارات حالياً، أكد الشحي في حوار خاص مع “ناشر” أن التوجه الذي يلقى ازدهاراً حالياً، هو مجال “أدب الطفل” الذي يعرف إقبالاً غير مسبوق، وهو ما يعد مؤشراً جيّداً لمستقبل جيل كامل، يتوجّه إلى القراءة في بداية حياته. وتأتي في المركز الثاني حسب قراءته للمشهد، كتب التنمية والتطوير الذاتي، والتي تعرف إقبالاً بدورها من طرف الشباب، كون هذا المجال أصبح مُسلّطاً عليه الضوء بشكل كبير ويلفت نظر القارئ، أما المركز الثالث فهو من نصيب الروايات، التي يجد فيها القارئ مجالاً للانفصال عن الواقع، في عالم موازٍ يُشعره بالراحة النفسية أحياناً.
ومن وجهة نظر الشحي، فإن الإقبال على أدب الطفل، هو توجه عام في الإمارات، جاء بفضل المبادرات والفعاليات التي تشجع الناشئة على القراءة، بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية التي تعمل بجهود كبيرة لغرس ثقافة القراءة في الأطفال، وهو ما ترك نتائج واضحة على سوق النشر، حيث أصبح الإقبال كبيراً جداً على كتب الأطفال. وكذلك يُحسب للأسر والعائلات حرصها الكبير على اقتناء أبنائها للكتاب، رغم السيطرة التكنولوجية الكبيرة على الجيل الجديد.
وأشاد الشحي بوجود جيل جديد من كُتّاب أدب الطفل في دولة الإمارات، وهي الفئة من المبدعين، التي كانت شبه غائبة قبل 10 سنوات، وقد أصبحت متواجدة اليوم وتعمل بجد لأجل إصدارات مميّزة، بها من التشويق والمعرفة والتثقيف ما يُثري المشهد، وبالفعل رشح الكثير منهم لجوائز محلية وعربية.
وأشار الشحي إلى أن سوق الأطفال غني ومُغري جداً للناشرين، فيكفي أن هناك ملايين الأطفال الذين يتوجهون للمدارس بشكل يومي، ويتم تحفيزهم وتشجيعهم لاقتناء الكتاب، وهذا بحد ذاته تسويق تلقائي يخدم الكاتب والناشر بالدرجة الأولى. والأكيد أن الاهتمام يولّد دائماً الطلب.
ولكن المشكلة التي تطرح نفسها اليوم من وجهة نظر الناشر جمال الشحي، أن جيل الأطفال هذا يكبُر وسيصبح مراهقاً في وقت قريب جداً، وللأسف لازالت الساحة الإماراتية والعربية بشكل عام تفتقر نوعاً ما لـ “أدب المراهق”، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على “الفنتازيا” و “الخيال العلمي” وغيره، ما يضطر دور النشر للتوجه إلى ترجمة المحتوى الأجنبي.
ولا يرى الشحي أي عيب في ترجمة المحتوى الأجنبي، لأن الانفتاح على الآخر ضرورة ملحة في وقتنا الحالي، ولكنه يفضل بناء جيل من كُتّاب الشباب والناشئة، من يمتهنون الكتابة في “الفنتازيا” و “الخيال العلمي” و”الرعب” وغيره من المجالات المٌحفزة للمخيلة بشكل كبير. فهذا النوع من الأدب يستشرف المستقبل، ويكسر جدران الواقع، ويحلّق بالكاتب والقارئ إلى بُعد آخر.
وأضاف: “من بين مشكلات الثقافة العربية هي تعلّقها المستمر بإرث الماضي، بينما هناك مستقبل يجب أن نستشرفه، فنحن مجتمعات حديثة يجب أن نوفر أدوات للمستقبل”، ويرى أن دولة مثل الإمارات وصلت إلى الفضاء، تحتاج أن يكون لديها كُتَّاب في مجال “الخيال العلمي” لمواكبة التطور الحاصل. فالفنتازيا عالم تصنعه وتحدد زمانه ومكانه، والغرب تفوقوا في هذه الصناعة والعرب بحاجة كبيرة لها.
وحسب جمال الشحي فالفنتازيا والخيال العلمي أدبان مهمان جداً يجب أن نمتلكهما في المستقبل القريب، والمجتمعات العربية والخليجية لديها خيال خصب وقادرة على هذا الإنتاج، إلا أن تلك المخيلة تفضل التوجه نحو الماضي بدل المستقبل، فكل ما نحتاجه هو إعادة توجيه الخيال.