حمل افتتاح مكتبة جديدة في بارنسلي بالمملكة المتحدة مفاجأة لعشاق الكتب، بوجود تمثال لصقّار عربي شاب يرتدي ملابس غربية، ويحمل بيده طائر العوسق، ويحدق بعينيه أمام مرتادي المكتبة، ويضفي ألقاً خاصاً بلونه البرونزي على بهو مدخل المكتبة المشبع بالضوء، ويأتي بدفء الصحراء العربية وحرارتها إلى قلب هذه البلدة الشمالية الماطرة والباردة.
أما لماذا هذا التمثال في هذه المكتبة؟ فالجواب يعود إلى ستينيات القرن الماضي عندما بادر كاتب شاب من بلدة بارنسلي يُدعى باري هاينز إلى كتابة رواية “العوسق لصبي”، والتي تتناول قصة فتى خجول ومضطرب يُدعى بيلي كاسبر يهرب من صعوبات حياته ويجد الأمل والمعنى لحياته بتربية طائر العوسق، ويقوم بتدريبه، ويقضي معه أوقات الصباح كل يوم، ويولع به تماماً كما يفعل الصقّار في يومنا هذا، ويصطحبه إلى المستنقعات، ويطلقه ليحلق في العلالي ثم يمسك الطعام في يديه وينادي على الطير الذي يهبط إلى يد الفتى المحمية بقفاز.
وتم نشر الرواية التي باتت من الكلاسيكيات المعاصرة لدار بنجوين للنشر في العام 1968، وتم تحويلها إلى فيلم مشهور من إخراج المخرج البريطاني كين لوش، كما تمت دراسة هذه الرواية من قبل أطفال المدارس في بريطانيا.
والمثير للاهتمام أن التمثال يعود لشخصية خيالية، لينضم إلى قائمة من التماثيل الأخرى التي تعود إلى شخصيات خيالية في كافة أرجاء المملكة المتحدة، مثل تمثال بيتر بان في حدائق كنسينغتون، والذي تم تشييده سراً في ليلة 30 ابريل عام 2012، تاركاً زوار الحديقة في صباح الأول من مايو من نفس العام في دهشة من أمرهم وهم يعتقدون بأن الفتى الذي يعيش في أرض لا يكبر فيها الأطفال قد وصل إلى الحديقة بفعل السحر. كما يقع تمثال المحقق شيرلوك هولمز في مدخل محطة مترو أنفاق شارع بيكر، فيما تم تشييد تمثال بادينغتون بير عشيقة مايكل بوند في محطة بادينجتون، وتمثال دب بووه في حديقة حيوانات لندن. كما كان تمثال هاري بوتر يتوسط محطة كينج كروس، قبل أن تتم إزالته.
وعلى الصعيد العالمي، نجد تمثال شخصية أليس في بلاد العجائب للكاتب لويس كارول في السنترال بارك، وماري بوبينز للكاتبة بي إل ترافرس في ماريبوروه في أستراليا، ودون كيشوت للكاتب سيرفانتس في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة، كما قد نجد بعض التماثيل لشخصيات كرتونية أخرى في العالم العربي أو الصين أو الشرق الأقصى. ويبقى السؤال: كم عدد تماثيل الشخصية الإنسانية الخيالية في العالم؟