تشهد مبيعات الراويات المترجمة من اللغة العربية، إلى جانب الراويات المترجمة من الصين وآيسلندا وبولندا، نموًا ملحوظًا في المملكة المتحدة، بحسب الاستطلاع الذي أجرته شركة نيلسن بوك مؤخراً.
وفي بادرة بدت وكأنها تسلط الضوء على هذا النمو، استضاف معرض لندن للكتاب 2019 أول “مترجم للمعرض” على الإطلاق، وهو المؤلف والكاتب المسرحي والمترجم جيريمي تيانج من سنغافورة. وفي الوقت نفسه، يشهد سوق “حقوق النشر” الشهير بمعرض الشارقة الدولي للكتاب زخمًا عام بعد عام في ظل تهافت الناشرين الأجانب على الفوز بمنح الترجمة السخية التي يوفرها المعرض.
وأسهمت رواية “فرانكشتاين في بغداد” للكاتب العراقي أحمد سعداوي، والتي ترجمها جوناثان رايت، واختيرت لجائزة مان بوكر الدولية في عام 2018، في تحسن مبيعات الروايات المترجمة من العربية منذ عام 2014. وشهدت الروايات المترجمة من البولندية والآيسلندية والصينية، زيادة كبيرة منذ عام 2014، حيث تصدرت البولندية المركز الأول، تليها الآيسلندية والصينية. ويُعزى ارتفاع المبيعات إلى تزايد الإقبال على روايات الجريمة والخيال العلمي وأدب الخيال، فضلًا عن زيادة الاهتمام بالكتاب الفائزين بالجوائز.
بشكل عام، أظهر الاستطلاع، الذي أجري بتكليف من جائزة مان بوكر الدولية، أن مبيعات الروايات المترجمة في المملكة المتحدة نمت في عام 2018 بنسبة 5.5٪، محققةً 20.7 مليون جنيه إسترليني. وتصدرت رواية الجريمة المراكز الثلاثة الأولى، حيث جاءت روايتيّ “العطش” و”ماكبيث” المترجمتيّن من النرويجية في المركزين الأول والثاني، تليهما رواية “الفتاة المنتقمة” المترجمة من السويدية، في المركز الثالث، فيما تصدرت الروايات الأدبية بقية المراكز العشرين الأولى.
وأشار الاستطلاع على وجه الخصوص إلى ارتفاع مبيعات روايات الخيال المترجمة في المملكة المتحدة بنسبة 20٪ في عام 2018. ومن المفارقات اللافتة، في ظل المخاوف المتزايدة إزاء قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي، أن معظم هذه الروايات الأدبية جاءت من القارة الأوربية.
وقالت شارلوت كولينز، الرئيس المشارك لجمعية المترجمين: “على الرغم من الارتفاع الواضح في مبيعات روايات الخيال المترجمة، إلا أن الناس لا يزالون يميلون إلى الاستشهاد بالإحصائيات القديمة التي لا تزيد بها نسبة الروايات المترجمة والمنشورة في المملكة المتحدة عن “ثلاثة بالمائة”. يُذكر أن كولينز، وهي مترجمة أيضًا، سبق ترشيحها لجائزة مان بوكر الدولية في عام 2016، عن ترجمتها لرواية “حياة كاملة” للكاتب روبرت سيثالر.
وإلى جانب أرقام المبيعات، أشارت كولينز أيضًا إلى ارتفاع أعداد روايات الخيال المترجمة – الجديدة والكلاسيكية على حد سواء – والمعروضة حاليًا للبيع: “كما نرى، تضاعفت هذه النسبة تقريبًا في السنوات الأخيرة، وهي الآن عند 5.63٪، وهذه أخبار مثيرة حقًا، وتبرز مدى استجابة الناشرين لشعبية الأدب المترجم وتسويقه”.
وخلص الاستطلاع كذلك إلى أن الكتب المترجمة من الفرنسية تهيمن وبقوة على مبيعات الرواية المترجمة في المملكة المتحدة، رغم الانتشار الملحوظ الذي تشهده الروايات المترجمة من النرويجية والسويدية في فئة الكتب الجديدة المنشورة في السنوات الخمس الماضية. وجاءت الروايات المترجمة من الصينية والعربية، وكذلك الآيسلندية والبولندية، ضمن قائمة الكتب التي تحظى بإقبال وطلب متزايديّن.
وكانت مبيعات الروايات المترجمة من البولندية قد نمت بصورة ملحوظة في أعقاب فوز أولغا توكاركزوك بجائزة مان بوكر الدولية لعام 2018 عن روايتها “رحلات”، التي ترجمتها جنيفر كروفت، فيما حلت بولندا ضيف شرف لبرنامج “ماركت فوكس” الذي نظمه معرض لندن للكتاب في عام 2017.
ويمثل نجاح رواية “فرانكشتاين في بغداد”، التي نشرتها دار بنجوين للنشر في المملكة المتحدة، دفعة قوية تحمل في طياتها أخبارًا سارة للناشرين العرب الذين يأملون في استمرار هذا الاتجاه التصاعدي للروايات المترجمة من العربية.