Home 5 مقالات و تقارير 5 تاريخ طويل صنعت فيه من العاج والذهب الأغلفة.. هل حقاً تضع الكتب بين “الأكثر مبيعاً”؟

تاريخ طويل صنعت فيه من العاج والذهب الأغلفة.. هل حقاً تضع الكتب بين “الأكثر مبيعاً”؟

بواسطة | مايو 4, 2017 | مقالات و تقارير

في الوقت الذي كرّست الثقافة الشعبية القول الشهير “لا تحكم على الكتب من أغلفتها”، كان الفن والفلسفة يرويان عكس ذلك تماماً، فيحمّل الأثر البصري فينا دوراً كبيراً، حيث ظل كبير فلاسفة اليونان أرسطو يقول: “الروح لا تفكر أبدا من دون صورة”. وكذلك ظلت مقولة “الصورة تغني عن ألف كلمة” واحدة من الشواهد الراسخة على أهمية البصري والمرئي في حياتنا، فأي كتاب يمكنه أن يجذبنا من دون غلافه؟ وأي صورة يمكن أن تعبّر عن مئات الصفحات، وآلاف الكلمات في متن الكتاب؟

يروي تاريخ أغلفة الكتب حكاية طويلة، يحرك أحداثها عمّال المطابع، والفنانين، والقراء، ففي الوقت الذي كان فيه الكتاب نادراً، وعملية نسخه تحتاج إلى أشهر وربما سنوات، كان صنّاع الكتب يحفظون المؤلفات بأغلفة جلدية تقي أوراقها من التلف، وكان البعض الآخر يعدّ نسخة للمقتنين الأثرياء، فيتحول الغلاف من صورة تحمل عنوان الكتاب واسم مؤلفه، إلى تحفة فنية مصنوعة من العاج، أو الذهب، والأحجار، أو الأنواع الفاخرة من الجلد.

شهدت صناعة أغلفة الكتب تحولات عديدة في العواصم الأوروبية والأمريكية منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى (١٩١٨)، إذ انتقل غلاف الكتاب من مهمة حماية الورق في داخله، إلى مهمة الإعلان عن مضمونه، والترويج له، فدخلت الكثير من الفنون والحِرف اليدوية في عمليات صناعته، وكشف كبار الفنانين والمصممين عن تجارب حديثة في التصميم، أمثال الروسي ألكسندر روجينكو الذي يعدّ أحد مؤسسي المدرسة البنائية في الفنون الحديثة.

وأسهم ازدهار سوق الكتاب وتحوّله إلى منافسة تجارية، في تطوّر تصميم أغلفة الكتب، فصارت واحدة من العوامل الأساسية لجذب القارئ واختطاف بصره، حيث ظهرت مدارس في التصميم، وبناء العمل الفني، تعتمد على أثر اللون، وقوة الشكل، وآلية عمل العين البشرية، وقدرة الصورة على الرسوخ في الذاكرة، وغيرها من المحاور التي باتت شاغل الفنانين في تصميم أغلفة الكتب.

يتجلّى تطور دور الغلاف في سوق النشر بالمقارنة بين الكثير من المؤلفات التي اشتهرت وظلت طباعتها تعاد طوال المائتي عام الفائتة، فالمعاين لأغلفة الكتب التي صدرت في أواخر القرن التاسع عشر، وما يصدر منها اليوم يجد حجم الفروق والتغيّرات التي حدثت على فنون التصميم.

 

أغلفة كثيرة لكتاب واحد

تكشف المقارنات عن الدور الذي بات يلعبه الغلاف في تحقيق الإقبال على الكتاب، وزيادة حجم مبيعاته، ففي تقرير نشره موقع “فيلب سناك” بعنوان “ثورة تصميم أغلفة الكتب”، تنكشف الفروق الواضحة في تصميم أغلفة الأعمال الأدبية الخالدة.

يعرض التقرير الفروق والأثر البصري الذي حدث في التصميم الأول لرواية جورج أورويل الشهيرة “1984”، حيث نشر الكتاب في عام 1950، بغلاف مكتوب بخط اليد، يوحي بانطباع قديم، كتبت عليه الأرقام بالكلمات على خلفية ذات لون أخضر داكن، فيما جاء تصميم غلافة النسخة المعاصرة للكتاب من تنفيذ الفنان جونز بن، وحقق استحساناً كبيراً على مستوى الناشرين والجوائز المعنية بأغلفة الكتب، حيث رسم صورة تعبيرية لشخصية بعيون متعددة، وملامح مثيرة للاهتمام، واضعاً ما أراد أورويل قوله في الرواية بصورة مكثفة على الغلاف، مع الكثير من الفضول.

الأمر ذاته يكشفه التقرير حول رواية “أليس في بلاد العجائب”، حيث يعرض صورة الغلاف الأول الذي صدرت فيه عام 1898، إذ رُسمت فتاة بفستان أحمر تهرب من بطاقات لعبة الورق، وتصدّها بيدها، فيما العنوان مكتوب بخط يد، وفيه الكثير من الانحناءات، ولا يشتمل الغلاف كله سوى لونين؛ الأحمر والترابي.

مقابل هذا الغلاف، تنكشف صورة الحياة والغنى والحركة، في غلاف النسخة الصادرة عام ٢٠١٥، فيبرز التحوّل في اللون، والحركة، والخط بين الغلافين، حيث تظهر شخصيات العمل داخل زوبعة من الأوراق والشرائط البيضاء على خلفية زرقاء.

 

أسرار الغلاف الذي يضع الكتب بين قائمة “الأكثر مبيعاً”

الفنان والمصمم العالمي ديريك مارفي كشف في عرض مصوّر له عن أسرار الأغلفة التي تجعل من الكتب ضمن قائمة “الأكثر مبيعاً”، فيوضح أن العلاقة بين مضمون الكتاب وتصميم غلافه علاقة توازن، فلا يمكن للغلاف الجيّد أن يرفع من سويّة محتوى ضعيف، والعكس صحيح، وإنما يجب أن يقود الغلاف الجيّد إلى محتوى جيّد ليحقق  شهرة ويكون بين الكتب الأكثر مبيعاً.

وأشار مرفي إلى أن مهمة المصمم في أغلفة الكتب، هي أن يثير القارئ، ويدفعه إلى تصفّح الكتاب، وإلا لن يكون التصميم ناجحاً، فالغلاف وفق قوله: “هو البوابة التي تدخل القارئ إلى عالم النص، وهو التعبير البصري المُحكم عن مضمون الكتاب بصورة عامة”.

وييّن ديريك مارفي أن الحقل أو المبحث الذي يندرج تحته الكتاب هو الذي يحدد نمط التصميم، فلا يمكن التعامل مع غلاف قصص الخيال العلمي، مثلما هو الحال مع الكتب البحثية والدراسات، أو كتب الأطفال، أو غيرها، مشيراً إلى أن “ذلك يفرض على المصمم أدوات، وتقنيات معينة، مثلاً: متى يلجأ إلى الرسم الرقمي، أو الصورة الفوتوغرافية، أو التعبير بالخط، أو غيرها من التقنيات”.

 

غلاف الكتاب العربي

بالنظر إلى تاريخ تصميم الأغلفة وأهميتها في صناعة الكتاب العربي، يجد المعاين، أن الثقافة العربية لم تكّرس مدارس وتيارات واضحة في تصميم الأغلفة، فظلت الكثير من المؤلفات تقتصر على العناوين المكتوبة بخط يدوي، منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم.

واختلطت الأغلفة في الكثير من الأحيان مع فن “البوستر”، حيث ظهرت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي الكثير من الأعمال الروائية التي يتصدرها غلاف هو أشبه ما يكون بـ”بوستر” فيلم سينمائي، وتجلّى ذلك في التجربة الإبداعية المصرية تحديداً، حيث كان الكثير من الفنانين الذي يرسمون “الأفيش” للأفلام هم نفسهم من يرسمون أعمال أغلفة الكتب، وأسهم في ذلك أيضاً تحول الكثير من الروايات إلى أفلام سينمائية.

إلى جانب ذلك كان النظر إلى النشر بوصفه صناعة ملتزمة ذات طابع تنويري قبل أن تكون صناعة وتجارة تدر الأرباح والأموال على المشتغلين فيها، أثر كبير في صبغ الصفة الملتزمة والتقليدية على غلاف الكتاب العربي، فظل التعويل على المحتوى، والكاتب أكثر مما هو على الصورة والغلاف وقدرته على جذب القارئ.

اليوم ومع تحوّل الكثير من المفاهيم في سوق النشر، بدأت تظهر الكثير من التيارات الفنية التي تعتني بتصميم غلاف الكتاب، فطرحت العديد من دور النشر المعاصرة تجارب فريدة في التصميم، أعادت فيها الاعتبار إلى الغلاف بوصفه مفتاح الكتاب، في الوقت الذي لازالت الكثير من الدور تمارس النمط التقليدي في النشر والتسويق.

أخبار حديثة

20مايو
اليونان ضيف شرف معرض الشارقة 2025

اليونان ضيف شرف معرض الشارقة 2025

أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، أن اليونان، بما تحمله من عمق تاريخي وإرث ثقافي، تمثّل امتداداً حيّاً لمسيرة الإبداع الإنساني، حيث انطلقت منها الفلسفة، وازدهر فيها الشعر والمسرح، وتبلورت على أرضها الأسئلة الكبرى للعقل التي ما زال العالم منشغلاً بها حتى يومنا هذا، مشيرةً إلى أن الأرض التي […]

15مايو
مدينة ديربورن الأمريكية تحتضن معرضاً ثقافياً عربياً

مدينة ديربورن الأمريكية تحتضن معرضاً ثقافياً عربياً

اختُتمت في مركز “فورد كوميونيتي” للفنون بمدينة ديربورن بولاية مشيغان ، التي توصف بعاصمة العرب الأميركيين ، فعاليات معرض أمريكا الدولي الأول للثقافة والفنون والكتاب العربي “إكسبو 2025″، الذي استمر أربعة أيام. وشمل برنامج المعرض سلسلة من الفعاليات الثقافية والفنية والعديد من الندوات والامسيات الادبية والفكرية، وسط إشادة واسعة من المشاركين والزوار على حد سواء، […]

15مايو
جائزة الكتاب البريطانية تكرّم أتوود

جائزة الكتاب البريطانية تكرّم أتوود

حصلت الكاتبة الكندية مارغريت آتوود على جائزة الكتاب البريطانية لحرية النشر لعام 2025، تقديراً لالتزامها المستمر بدعم حرية التعبير وموقفها الصريح ضد الرقابة. وقد تسلّمت آتوود، صاحبة الرواية الشهيرة حكاية الجارية (The Handmaid’s Tale)، الجائزة عبر رسالة مصوّرة مسجلة، بُثت أمام الحضور في لندن.   وفي كلمتها، أعربت الكاتبة البالغة من العمر 85 عاماً عن […]

Related Posts

مؤلف ماليزي يحظى بتقدير عالمي

مؤلف ماليزي يحظى بتقدير عالمي

حقق الكاتب الماليزي تان توان إنغ نجاحاً كبيراً في الساحة الأدبية العالمية بفضل قدرته الفائقة على معالجة قضايا اجتماعية حساسة ومعقدة تلامس قلوب قرائه حول العالم. ويرجع السبب الرئيسي وراء نجاح أعمال إنغ، تناوله لمواضيع تتعلّق بتنوع الهوية العرقية والتحديات الاجتماعية...

كيف قدّم جبران صورة الشرق للعالم من نيويورك؟

كيف قدّم جبران صورة الشرق للعالم من نيويورك؟

في مثل هذا الأسبوع، وتحديداً في ا جبران خليل جبران عن عمر ناهز الثامنة والأربعين، بعد حياة قصيرة لكنها حفلت بتأثير أدبي وفكري امتد عبر القارات والثقافات. م العربي كأحد رواد أدب المهجر، فإن ما يميّزه عالمياً هو نجاحه في تقديم صورة إنسانية مشرقة للشرق، من قلب نيويورك،...

هاروكي موراكامي… شخصية العام الثقافية لجائزة الشيخ زايد للكتاب

هاروكي موراكامي… شخصية العام الثقافية لجائزة الشيخ زايد للكتاب

أضيف إنجاز جديد إلى سجل الكاتب الياباني الشهير هاروكي موراكامي، بعدما حصد جائزة "شخصية العام الثقافية" في الدورة التاسعة عشرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، التي تُعد من أبرز الجوائز الأدبية في العالم العربي. ومنحت الجائزة هذا التكريم لموراكامي تقديراً لمجمل مسيرته التي...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest

Nasher News
اليونان ضيف شرف معرض الشارقة 2025
مدينة ديربورن الأمريكية تحتضن معرضاً ثقافياً عربياً
جائزة الكتاب البريطانية تكرّم أتوود
مؤلف ماليزي يحظى بتقدير عالمي
كيف قدّم جبران صورة الشرق للعالم من نيويورك؟
هاروكي موراكامي… شخصية العام الثقافية لجائزة الشيخ زايد للكتاب