قاسم سعودي – بغداد
حققت الشابة العراقية براء البيّاتي بصمة مجتمعية واضحة وحضوراً ثقافياً بارزاً من خلال عملها كأول بائعة كتب في شارع المتنبي الشهير بالعاصمة العراقية بغداد، وهي خريجة كلية الهندسة في الجامعة المستنصرية، إضافة إلى كونها محررة صحفية في مجلة “مشاهير العراق” الإلكترونية، ولديها برنامج “فهرست” الذي يُعنى بالإصدارات الجديدة من الكتب ويبث عبر قناة “هنا بغداد” الفضائية، كما أسست مؤخراً مكتبة “براء”، التي توفر خدمة توصيل الكتب في بغداد والمدن العراقية الأخرى.
للحديث عن تجربة براء البيّاتي، وأهم طموحاتها العملية على الصعيد الاقتصادي والمعرفي في تجارة الكتب وغيرها من الظروف والتحديات المحيطة بها، كان لـ “ناشر” هذا الحوار معها…
* “أول بائعة كتب في شارع المتنبي” ماذا يعني لك ذلك، وما هي أهم المعوقات والرسائل التي تودين ايصالها للمشهد الثقافي العراقي والعربي؟
أنا سعيدة جداً بأن أكون أول بائعة للكتب في شارع المتنبي، كونها تعتبر أول تجربة تقوم بها شابة عراقية تحاول أن تضيف شيئاً للحياة المدنية في بغداد رغم ظروف الحرب والإرهاب، وقد استطعت أن أحقق طموحي بأن أقف بين عناوين الكتب وعوالمها المعرفية والجمالية والإبداعية، فأنا أعرف جيّداً أن المعوقات والأزمات تحضر مع أي خطوة جديدة، لذلك علينا أن ننظر إلى الأمور من الجوانب الإجابية ونترك الأمور السلبية لأنها تعيق أحلامنا وتطلعاتنا في التقدم الى الأمام، وللأسف فإن رسالتي العملية هذه قد أسيء فهمها بعض الشيء، فأنا لم أطلب من المجتمع أن يصبحوا بائعي كتب، وإنما رسالتي ببساطة مفادها “على أي شخص لم يجد فرصة متاحة للعمل بعد التخرج، أن يحقق أحلامه ويمضي بها قُدماً”، فمثلاً لو كنت أجيد الأعمال اليدوية أو الرسم أو أي شيء من هذا القبيل لكان لديّ عمل خاص بهذا المجال، لكن حبي للمطالعة وحلمي في أن أكون مكتبيّة في شارع المتنبي هو الذي دفعني للمضي قدماً لتحقيق هذا الحلم.
* ما هو حلمك الخاص، وأهم ردود أفعال عائلتك وأصدقائك على مهنة بيع الكتب؟
حلمي أن أكون صاحبة دار نشر ومكتبة في شارع المتنبي، وأطمح أن أكون معروفة عربياً وعالمياً، أما بالنسبة لعائلتي وأصدقائي فقد كانوا وما زالوا الداعم الرئيس لي. شجعوني كثيراً وقدموا لي الكثير من الدعم والتفاعل الصادق النبيل لتحقيق أحلامي، وأنا ممتنة لهم جداً على هذه المواقف التي أسعدت روحي كثيراً.
* كيف تجدين الإقبال على الكتاب العراقي مقارنة بالكتاب العربي والعالمي بشكل عام وأهم الكتب التي يطلبها الجمهور؟
لو قارنا بين وضع شارع المتنبي بين الأمس واليوم، من حيث غزارة إنتاج الكتب والانفتاح على الكتاب العربي والعالمي، فإننا نعلم جيّداً القفزة النوعية التي حققها هذا الشارع الثقافي المهم والحيويّ في العاصمة العراقية بغداد، فقد كانت كميّة ونوعيّة الكتب المتوفرة قليلة سابقاً، أما اليوم فنجد الشارع عامراً بأنواع الكتب بما يناسب ذائقة القارئ العراقي وشغفه في ملامسة الأثر الإبداعي العربي والعالمي. أما الكتب التي تمثل رواجاً جيّداً من حيث البيع والترويج فهي تتنوع ما بين كتب فلسفة، وتاريخ، وسياسة، وشعر، ورواية، وغيرها، لكن هذا العام كان إقبال القارئ واضحاً على الروايات بشكل عام، سواءً كانت عراقية أو عربية أو عالمية.
* حدثينا عن تجربتك في دار سطور، وهل من الممكن أن نراك قريباً كأول شابة عراقية تفتح دار نشر جديدة؟
تجربتي في دار سطور كانت تجربة مهمة لكلا الطرفين، فأنا اكتسبت خبرة في التعامل مع القارئ أو الكاتب، شاعراً كان أو سارداً أو باحثاً أو مفكراً، بالإضافة إلى طريقة بيع الكتب وغيرها من الأمور التي تتطلب ذهناً واعياً بسوق الكتب وأهم عوالمها، وأحداثها، وشخصياتها، لذلك الحصيلة المعرفية في هذا المجال مهمة جداً عبر الاطلاع، والكشف، والتشخيص لأهم الكتب الصادرة عراقياً وعربياً وعالمياً.
وبالنسبة لدار سطور كانت الاستفادة من حيث التسويق للكتب بإجراء جلسات تصوير للكتب، وتصميم الاقتباسات، والتواصل مع دور نشر عربية لتوفير بعض الكتب وغيرها من الرؤى والنوافذ التي تتعلّق بسوق الكتاب وترويجه، إضافة إلى مراسلة بعض الكتاب لإعادة طبع نتاجهم الأدبي من قبل الدار، وأتمنى أن أكون أول شابة تفتح مكتبة ودار نشر في العراق، وتحديداً في شارع المتنبي، لتكون مختصة بجميع عناوين الإبداع العراقي والعربي في شتى صنوف الأدب.
* حدثينا عن الكتاب المستعمل ونسبة الإقبال عليه، وما رأيك بمشاركة الدور العراقية في معارض الكتب العربية والخليجية؟
يعج شارع المتنبي بالكتب المستعملة بالإضافة إلى الكتب الجديدة الصادرة عن دور النشر العراقية والعربية المتنوعة، حيث أسهمت مشاركة بعض الدور العراقية مثل دار الجمل، وعدنان، وموزبتانيا، والمدى، والحكمة، والدار العلمية للكتب، في المعارض العربية والخليجية بمد الجسور مع القارئ العراقي ورفد شارع المتنبي بأحدث الإصدارات.
أما بالنسبة للكتاب المستعمل فقد شاركت دار سطور في مبادرة “أنا عراقي، أنا اقرأ” التي تتواصل سنوياً على حدائق أبو نواس قرب نهر دجلة في بغداد والتي تعتمد على تبرعات الكتب، ومن ثم عرضها وتوزيعها مجاناً للجمهور العراقي، بالإضافة إلى أن الكتاب المستعمل يشكل حضورًا جيّدًا في فضاءات شارع المتنبي، وخصوصاً كتب التراث، والشعر، والنقد، وغيرها من العناوين الإبداعية المتنوعة، ونسبة الإقبال عليه جيّدة جداً حسب قيمة الكتاب التاريخية والجمالية.