Home 5 مقالات و تقارير 5 النشر للأطفال في السودان.. القُراء ضحية أزمة يعانيها الكتاب والناشرون

النشر للأطفال في السودان.. القُراء ضحية أزمة يعانيها الكتاب والناشرون

بواسطة | أكتوبر 18, 2017 | مقالات و تقارير

الخرطوم: ياسر فائز

في العام 1994م توقف صدور مجلة “الصبيان”؛ مجلة الأطفال الأعرق في السودان، والتي كانت قد صدرت في العام 1947م عن مؤسسة “بخت الرضا”، المؤسسة الرسمية المعنية بالمناهج الدراسية والنشر الثقافي التربوي في السودان.

ومنذ العام 1947م حتى العقد الأول من الألفية الثالثة توقفت ثلاثة وثلاثون مجلة أطفال في السودان أبرزها مجلة “الباحث الصغير”، و”شليل”، و”صباح”، و”الواحة” وغيرها، وجميعها توقفت لأسباب مالية، إلا أن الأمر يتصل بحيثيات أخرى، أهمها توقف دعم الدولة فمجلات الأطفال لا تستطيع أن تقوم دون دعم الدولة في البلدان ذات حركة النشر المحدود، ذلك إلى جانب انخفاض بيع المجلات لأسباب عديدة أولهما ضعف المحتوى في فترات النظم العسكرية وضعف العملية التعليمية الذي نتج عنه غياب شغف الأطفال بالقراءة والاطلاع.

تأسست مجلة “الصبيان” كأحد إنتاجات “مكتب النشر” بـ”معهد التربية بخت الرضا” كمجلة نصف شهرية – قبل أن تتحول إلى أسبوعية – ومنذ العدد الرابع، الذي صدر في أربعينات القرن الماضي، بلغ توزيعها خمسة عشر ألف نسخة وهو ما يفوق توزيع أي صحفية حينها، ومنذ العدد الثالث حصلت المجلة على مكتب صغير بعمارة أبو العلا أي بما يبعد مئة ياردة عن مطبعة ماكروكوديل حيث تطبع المجلة.

بكافتيريا جوار عمارة أبو العلا “ناشر” التقى بعبد القادر محمد إبراهيم كاتب الأطفال الأعلى إصدارا في السودان، وأحد آخر المحررين الذين عملوا بمجلة الصبيان، ليسرد كيف انحرفت المجلة عن خطها التحريري قسرا أثناء فترات الحكم العسكري، وذلك بتحويل اسمها ومحتواها إلى مجلة “الشباب والتربية” بين عامي 1963م إلى 1965م لتعود بعد ذلك إلى منهجها بقوة ويصل معدل توزيعها إلى ثلاثين ألف نسخة.

أحدثت تدخلات النظام السوداني في ذلك الوقت قطيعة مع القراء الأطفال الذين ينتظرون محتوى يتصل بحياتهم وتطلعاتهم، الأمر الذي أدى إلى إلغاء الهدف الذي أنشأت من أجله المجلة باستكمال العملية التربوية وتقديم المعلومات بصورة ديناميكية، خاصة أن المجلة تصدر عن مؤسسة للنشر التربوي، التي كانت إلى جانب المجلة أصدرت ستة وسبعين كتابا لأطفال المرحلة الأولية ضمن رؤية للنشر الثقافي التربوي.

وضعت مؤسسة النشر التربوي رؤية تسعى من خلالها إلى تنمية الطفل وقدراته الإبداعية، وهي ما استحدثه “مكتب النشر” بـ”بخت الرضا” واستكمله في مراحل لاحقة حين تم تحويل اسمه إلى “دار النشر التربوي” في العام 1981م، إلا أن تلك الفترة شهدت تدهور عملية نشر مجلات وكتب الأطفال ليصاب بعدها بالانهيار عقب العام 1995م، بسبب حزمة سياسات اقتصادية وتعديلات قانونية تتصل بالنشر.

لم يكن رصيد عبد القادر محمد إبراهيم من كتب الأطفال في العام 1995م سوى كتابين لكنه تصدى لغياب النشر للأطفال وبدأ بإصدار الكتب وواجه صعوبات غياب النشر الاحترافي للأطفال في السودان، لكن أشد ما واجهه لاحقا هو انخفاض القراءة لدى الأطفال بنسب عالية للغاية ففي منتصف التسعينات كانت كتبه توزع خمسة آلاف نسخة، وبدأت تدريجياً بالانخفاض إلى ألف نسخة، وآخر كتاب طبعه قبل عامين في خمسمائة نسخة لم يوزع كاملا حتى الآن.

على الرغم من وجود محاولة وحيدة مرصودة من الروائية بثينة خضر مكي لإنشاء دار نشر للأطفال إلا أن المحاولة لم تمضِ وكانت الدار قد تأسست فعلا وأصدرت كتابا وحيدا وتوقفت، كان الكتاب هو إصدار بثينة خضر مكي نفسها.

إلى جانب تجربة مكي أصدر كتاب آخرون مؤلفات محدودة لكتب الأطفال من بينهم هويدا سليم، محمد المهدي بشرى، وجوغان.

وفي العام 2005م صدرت مجلة “سمسمة” للأطفال عن حكومة ولاية الخرطوم، ووزارة الثقافة السودانية كمجلة شهرية، واستطاعت أن تقدم نشراً احترافيا على مستوى المحتوى، والإخراج الفني، إلى جانب موقع على الإنترنت، وأشارت المجلة في أهداف صدروها إلى أنها جاءت استجابة لسد النقص الواضح في مجال صحافة الطفل بعد توقف مجلة “الصبيان” ومن بعدها مجلة “صباح”، ومن أجل تقديم مجلة تساعد في تنشئة الأطفال على قيم وموروثات الشعب السوداني.

تعد مجلة “سمسمة” مجلة الأطفال الوحيدة في السودان التي تصدر بشكل ثابت واستطاعت الصمود لأكثر من عشر سنوات، وطبعت ثمانية كتب، أربعة منها إعادة تحرير لقصص، ومواد نشرتها المجلة ذاتها، والأربعة الأخرى لكاتب الأطفال الراحل حسين أحمد حسون.

إلى جانب مجلة سمسمة ومجهودات عبد القادر محمد إبراهيم، وغيرهم من الكتّاب اعتنى المعهد الفرنسي في الخرطوم (المركز الثقافي الفرنسي سابقا) بإصدار عدة كتب للأطفال في فترات متباعدة، واهتمت الكتب بالثقافة الشعبية السودانية وحقوق الطفل، وهي كتب جماعية يكتبها عدة كتّاب معا بعضهم كانت تجربته الأولى للكتابة للأطفال.

وبالنظر إلى حالة النشر للأطفال في السودان فسنجد كاتبان احترافيان فقط، ومجلة واحدة، وغياب كامل لدار نشر متخصصة، وقارئ طفل نفّره منهج التلقين من القراءة.

أخبار حديثة

20فبراير
الشارقة تحتضن المؤتمر الدولي الأول لحقوق النسخ

الشارقة تحتضن المؤتمر الدولي الأول لحقوق النسخ

افتتحت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، الرئيسة الفخرية لجمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ، فعاليات المؤتمر الدولي الأول لإدارة حقوق النسخ في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي تنظّمه الجمعية على مدار يومين في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، وذلك بالتعاون مع وزارة الاقتصاد في الدولة، والاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النسخ.   شهد الحفل الافتتاحي للمؤتمر، معالي […]

20فبراير
الجائزة العالمية للرواية العربية تكشف عن القائمة القصيرة لدورة 2025

الجائزة العالمية للرواية العربية تكشف عن القائمة القصيرة لدورة 2025

كشفت الجائزة العالمية للرواية العربية عن القائمة القصيرة لدورتها الثامنة عشرة لعام 2025، والتي ضمت ست روايات لكتّاب من ست دول عربية، وشملت “دانشمند” لأحمد فال الدين (موريتانيا)، و”وادي الفراشات” لأزهر جرجيس (العراق)، و”المسيح الأندلسي” لتيسير خلف (سوريا)، و”ميثاق النساء” لحنين الصايغ (لبنان)، و”صلاة القلق” لمحمد سمير ندا (مصر)، و”ملمس الضوء” لنادية النجار (الإمارات).   […]

18فبراير
إيان تشابمان يتخلّى عن “سايمون آند شوستر” في مايو

إيان تشابمان يتخلّى عن “سايمون آند شوستر” في مايو

بعد 25 عاماً قضاها في إدارة “سايمون وشوستر” بكفاءة، أعلن إيان تشابمان، الناشر والرئيس التنفيذي لشركة “سايمون وشوستر”، عن مغادرته للشركة في مايو 2025.   تولى تشابمان، الذي أصبح الرئيس التنفيذي للشركة في عام 2013، قيادة عمليات النشر والتحرير والتسويق والمبيعات في المملكة المتحدة، وأستراليا، والهند. كانت سنوات عمله المميّزة مليئة بالنمو بشكل كبير، ففي […]

Related Posts

التحول الرقمي ينقذ الأدب الأسترالي من الانقراض

التحول الرقمي ينقذ الأدب الأسترالي من الانقراض

أُعيد إحياء أكثر من 160 كتاباً لمؤلفين أستراليين بارزين، بما في ذلك ستة فائزين بجائزة مايلز فرانكلين الأدبية، من خلال مشروع "Untapped" (غير مُستغل) الذي استمر لمدة ثلاث سنوات وانتهى في ديسمبر 2024. وشمل المشروع إعادة نشر أعمال لثيا أستلي، وميم فوكس، وشارميان كليفت،...

المكتبات السورية.. تراث محفوظ رغم التحديات

المكتبات السورية.. تراث محفوظ رغم التحديات

تُعد سوريا واحدة من أقدم مناطق العالم التي عرفت الحضارة والكتابة، ما جعلها مركزاً مهماً للمعرفة والثقافة على مر العصور. ومنذ الألف الثالث قبل الميلاد، شهدت سوريا ميلاد مكتبات كانت تمثل مراكز لتوثيق الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية. من أبرز هذه المكتبات القديمة...

أربعة كتب ضرورية لفهم تاريخ سوريا ومصيرها

أربعة كتب ضرورية لفهم تاريخ سوريا ومصيرها

ألهم تاريخ سوريا، إحدى أقدم الحضارات في العالم، أعمالاً أدبية وتاريخية مهمة. وتتشابك هذه الكتب مع الثراء الثقافي لسوريا، والصراعات السياسية، والرؤى للمستقبل. وفيما يلي أربعة كتب شهيرة تستكشف هذه الموضوعات:   تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين - فيليب حتي يقدّم عمل الدكتور...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest