الكتابة عن المرض ليست شيئاً جديداً على الأدب، فقد كتب عنه كثيرون في الماضي مثل سيلفيا بلاث، وأوليفر ساك، وكين كيسي، لكن القليلون منهم تناولوا مرض السرطان في أعمالهم الأدبية.
السرطان هو شيء لا يتحدث عنه الناس ويتجنبون أي ذكر له، ربما بسبب الخرافات التي تقول إن الحديث عنه يزيد انتشاره، أو ربما بسبب الذكريات المؤلمة نتيجة فقدان قريب أو حبيب أصيب به، أو لكونهم يشعرون بالحرج من تناول موضوع سلبي. لكن المصرية نهى عصر تجاوزت كل هذه الأوهام وأصدرت كتاباً بعنوان “كلنا معاً”، لتغيير وتحدي الطريقة التي يفكر بها الناس حول مرض السرطان، وإعطاء الأمل للعائلات التي لا تحصل في الغالب على الدعم أو العلاج النفسي أثناء وبعد تجربتهم مع هذا المرض.
تروي نهى في كتابها قصة ابنها الأول كريم، الذي تم تشخيص إصابته بالسرطان في سن 11 عامًا، وتوفي عندما كان عمره 15 عامًا فقط. يتضمن الكتاب ثلاثة أجزاء، يتحدث الأول منها عن قصة حياة كريم القصيرة منذ كان طفلاً إلى آخر أيامه. فيما يركز الجزء الثاني على كتابات كريم وأفكاره وملاحظاته التي كتبها أثناء مرضه. أما الجزء الثالث والأخير فهو عبارة عن مجموعة رسائل وملاحظات كتبها أصدقاء كريم.
قد يكون من النادر جدًا أن يعالج الأشخاص موضوع السرطان بطريقة إيجابية خاصة عندما يفقدون شخصًا عزيزًا عليهم، وقد رأينا على وسائل التواصل الاجتماعي أن الأشخاص الذين تغلّبوا على السرطان ينشرون مقاطع فيديو للرسائل والمشاركات الإيجابية التي وصلتهم، ولكن ما يميز تجربة نهى هو أنها كتبت عن الجانب القاسي في رحلتها ورحلة ابنها مع هذا المرض.
جاءت فكرة إصدار الكتاب بعد أن كانت نهى تشارك حكايات كريم على “فيسبوك” مع أصدقائها وأصدقائه، ولكن قصصهما الإنسانية المؤثرة جذبت اهتمام عدد أكبر من المتابعين الذين أخذوا يتعاطفون معهما، وأخذوا يسألون عن كريم وطفولته وحياته، إلى أن اقترحوا تجميع هذه اليوميات ونشرها في كتاب قد يكون مفيداً في مساعدة الآخرين على التعامل بإيجابية مع السرطان.
واجهت نهى صعوبة بالغة في العثور على دار نشر “تغامر” بإصدار هذه اليوميات، خصوصاً أنها ليست كاتبة وهذا العمل هو التجربة الأولى لها في عالم التأليف. ولكنها لم تتخل عن الأمل، إلى أن التقت صديقاً لها، أوصلها بصديق يعرف دار نشر تقبل إصدار هذا النوع من الأعمال، وهكذا ظهر الكتاب وحظي بإقبال لافت في معرض القاهرة الدولي للكتاب لمدة عامين متتاليين.
تدعو نهى عصر كل شخص مرتبط بقرابة أو صداقة مع مريض بالسرطان، أن يشكر الله أولاً ويعيش حياته بطريقة طبيعية ويعوض الوقت الذي يقضيه خلال فترة العلاج بممارسة الأنشطة الترفيهية. وتقول: “كن دائماً إيجابياً واجلب الفرح لملء الفراغ الذي خلّفه المرض. يجب أن يكون المرء دائم الأمل والثقة بالله، وأن يفتخر بالإنجازات الصغيرة التي نجح في تحقيقها أثناء العلاج”.