قاسم سعودي
أليس في بغداد، نعم في بغداد تتنزه في شوارعها ومتاحفها وحدائقها وتماثيلها التي تمتد إلى عمق التاريخ العربي والإنساني.
آية منصور الشاعرة العراقية الشابة تكتب قصتها الأولى وتصطحب معها صديقة طفولتها أليس لتكون محوراً لرحلتها الطفولية في معالم بغداد التاريخية والاجتماعية والثقافية والإنسانية.
رحلة تطواف في أزقة مدينة عانت كثيراً في البحث عن ابتسامة من أمل وسلام، “أليس في بغداد ” الكتاب القصصي الأول للشاعرة العراقية آية منصور ومن رسومات الفنانة العراقية سرى غزوان والذي صدر مؤخراً عن دار الفراشات لأدب الطفل في بغداد.
حول هذه الرحلة كان لـ ” ناشر ” هذه النافذة الحوارية مع كاتبة القصة الشابة العراقية آية منصور.
ما هو شعورك وكتابك الأول للطفل بين يديك ؟ حدثينا عن هذه الحظات؟
أشعر وكأني ولدت للمرة الاولى، رغم أن أليس في بغداد هو كتابي الثالث، لكنه الأول للطفل.
في طفولتي كنت أشعر أنني أليس، أبحث عن أي حفرة من أجل الوقوع داخلها، حتى تمكنت من صنع أليس خاصة بي، تذكرني بطفولتي وأنا أتجه داخل شوارع المدينة الأقرب الى قلبي؛ بغداد.
للمرة الاولى وحينما مسكت كتاب أليس في بغداد بكيت كثيراً، لا أعلم لماذا، هنالك شريط سريع مر في رأسي، شريط طفولتي وأنا اشاهد أليس كل يوم، لتصبح صديقتي المقربة جداً، حتى اليوم هي صديقتي المقربة، أتخيل كم أن الأطفال سيحبون أليس كما أفعل، أو سيشاهدون بغداد مثلما كنت أشاهدها في طفولتي.
حدثينا عن رحلة أليس في بغداد، وأهم الأماكن التي زارتها ؟
تبدأ رحلة ” أليس ” لحظة هطولها على بغداد، وتحديداً على تمثال أبو جعفر المنصور في منطقة المنصور ببغداد ، الخليفة العباسي الذي أسس مدينة بغداد وبناها ، ثم تنطلق بطلة القصة لمعرفة المزيد عن مناطق وشوارع المدينة ، مروراً بنصب تذكاري لإنقاذ الحضارة العراقية ثم مدينة الزوراء الترفيهية، ومحطة القطارات ، مروراً الجوامع ، وبوابة المتحف العراقي لتصطحب معها الثور المجنح يشاركها الرحلة وهكذا.
تتعرف أليس خلال الرحلة على كل الجسور التي تربط جانبي الكرخ والرصافة وتفصلها عن نهر دجلة ، حتى ساحة الطلائع ومدينة الطب وأهم المقاهي البغدادية التراثية والثقافية بالإضافة إلى الأسواق الشعبية والتراثية المتعددة والمتنوعة في العاصمة العراقية بغداد ، وصولاً على شارع المتنبي حيث تجري حواراً معه حول معالم هذا الشارع والمدرسة المستنصرية ونصب الحرية الذي يتوسط ساحة التحرير ، ثم تمثال شهريار وشهرزاد وتمثال كهرمانة وهي تقص حكايات ألف ليلة وليلة.
ينتهي تطواف أليس بنصب الشهداء وصولاً إلى منزل سيدة عراقية تقدم لها الشاي والتمر والحب الذي تتميز به هذه المدينة رغم كل شيء.
ماذا تريد الطفلة أليس التي في داخلك أن تقوله؟
أردت من خلال هذه القصة ايضاح الجانب الجميل في بغداد التي أحب وأكتب من أجلها ، الجانب الذي لم يتمكن جيلنا من رؤيته لللأسف بسبب متواليات الحروب والعنف والأزمات ، لعل هذه الجيل سيرى بغداد كما تستحق أن يشاهدها الاخرون، وأظن أن أليس قادرة على ايصال معالم بغداد وجسورها وتماثيلها إلى الأطفال بصورة محببة لهم.
هي محاولة للبدء بحوارية تفاعلية جغرافية سردية مع أليس في رحلتها الجديدة إلى بغداد بعد رحلتها إلى بلاد العجائب، وكما تعرفون فأن رواية ” أليس في بلاد العجائب ” هي رواية للأطفال صدرت سنة 1865 تحكي عن فتاة تسقط في جحر أرنب يأخذها إلى عالم المخلوقات الغريبة. لينطلق الخيال بعدها متخذاً من عوالم السحر والدهشة والمغامرة أسلوباً سرديا محبباً للأطفال والكبار معاً مما حقق للرواية شهرة عالمية واسعة
كيف كانت شخصية أليس في بغداد، شخصيتها التي تعيش معك؟
الفرق أنها لم تقع في حفرة لأن بغداد لم تكن حفرة أبداً، بل سقطت مثل نجمة من السماء.
نعم ، نجمة عشقتها منذ الطفولة وعوالمها القريبة من الروح وروعة الاكتشاف والنقاء ، أنه عالم ساحر ومدهش ، يمكنك من معرفة نفسك جيداً ، معرفة ماضيك المغلف والمسكون برسومات أفلام الكارتون ، يشعرك بحميمية بالغة وصدق غير محدود، وكأنك هربت من هذا الواقع عبر رحلة أحلام لا تنتهي، تتخلص فيها من وجع الحروب ، لتعود طفلاً لا يريد شيئاً سوى لعبته.
دخلت عالم الطفل ولن أخرج منه أبداً، لأنه أعاد إليَّ آية، آية الصغيرة التي أحب.