في أحد متاجر الكتب الذي لا يزال مفتوحاً في العاصمة السورية دمشق، لا يوجد إلا عدد قليل من الزبائن الذين يتجولون عبر الأرفف ويقلّبون في الكتب المعروضة للبيع، بينما وضع المالك لافتة مهمة توضح أن الكتب المباعة لا ترد ولا تستبدل.
وفي بلد أفرز بعض أشهر الكتاب والشعراء المعاصرين في الوطن العربي، أصبح شراء الكتب أمراً هامشياً بالنسبة لكثير من السوريين، بعد أن قلّصت الأزمة الاقتصادية بشدة من القوة الشرائية لدخولهم. وقال عمر النوري، صاحب مكتبة النوري الشهيرة: “كان الزبون عنما يريد شراء كتاب، يسألك: عندك الكتاب الفلاني؟ يدفع ثمنه ويمشي. الآن، يسأل عن سعره قبل أن يشتريه، كي يعرف إذا كان يملك ثمنه أم لا”.
وأدى ما يربو على عقد من الحرب في سوريا إلى إغلاق كثير من متاجر الكتب التي كانت في العادة تجتذب عشرات الرواد والشغوفين بالقراءة. أما اليوم، فعدد المكتبات التي تبيع الكتب والتي ظلت صامدة يعد على أصابع اليد، كما يختار أغلب السوريين الشراء من أكشاك الكتب في الشارع بسبب انخفاض أسعارها، خصوصاً المستعمل منها.
وحسب محمود حسن، وهو صاحب بسطة كتب، فإن مصدر رزقه لا يغني عن المكتبات، مؤكداً أن البسطات والأكشاك ليست منافسة؛ لأن كمية الكتب التي عندها لا تساوي عدد المكتبات بدمشق، وقال: “الطباعة ما زالت مستمرة، لكن هناك هواة كتب قديمة يقصدوننا وهم قلة، خصوصاً في هذه الظروف. من يبحث عن كتاب رخيص يأتي إلينا”.
وعن سبب انخفاض أسعار الكتب بين البسطات والمكتبات، قال أبو أسامة، وهو صاحب بسطة كتب في أحد شوارع دمشق: “نقوم بترميم وإصلاح الكتب المستعملة. هناك أناس حالتهم المادية سيئة وهناك من يحب الكتب القديمة، وتبقى أسعارها أقل من الجديدة”.
الندرة أيضاً وسحر الإصدارات الأولى سبب يدفع المحامية ميادة ستار، للبحث عن الكتب خارج المتاجر، وقالت: “أحياناً هناك كتب لا أجدها في المكتبات. وأنا أفضل الإصدارات القديمة. والآن هناك كتب كثيرة لا تصل إلى بلدنا”.