في محاولة منها لاستشراف مستقبل صناعة النشر في عالم ما بعد “كورونا”، توقعت مجلة “بوكسيلر” في استطلاع رأي شمل قادة هذه الصناعة في المملكة المتحدة، تراجع مكانة العاصمة البريطانية لندن كمركز إقليمي للنشر، وتمّكن الكتب من تجاوز الركود العالمي، إضافة إلى استمرار التباعد الاجتماعي لفترة طويلة وهو ما سيؤثر على حركة البيع في المكتبات، وكذلك ضرورة إصلاح نظام الضرائب لحماية عمل المكتبات ومتاجر الكتب.
وقال ديفيد شيلي، الرئيس التنفيذي لشركة “هاشيت – المملكة المتحدة”: “إذا تمكّنا من الحفاظ على قاعدتنا من تجار التجزئة في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، فأعتقد أن صناعة النشر سترتد نحو الأعلى بقوة. الكتب هي وسيلة ترفيهية ذات تكلفة معقولة، توفر لقارئها متعة وترفيهاً أكثر من أي وسيلة أخرى، بالنظر إلى تكلفتها. افتتحنا مؤخرًا مكتبًا في مدينة مانشستر، تأكدنا من خلاله من سهولة العمل اللامركزي، ولذلك سنقلل اعتمادنا على فرع لندن، ونفتتح مكاتب أخرى في بقية المدن”.
وأشار توم ويلدون، الرئيس التنفيذي لشركة “بنجوين راندوم هاوس – المملكة المتحدة” إلى التحوّل في البيع عبر الإنترنت، وقال: “في الوقت الحالي، على الأقل، تسارعت وتيرة التحوّل إلى بيع الكتب عبر الإنترنت. ومن المحتمل أن يستمر هذا على المدى الطويل، وسيتعيّن على الناشرين وبائعي الكتب أن يكونوا مرنين ورياديين في التكيّف مع هذا التطور. في بنجوين راندوم هاوس نوظّف الكثير من الموارد لاستخدام قنواتنا المباشرة في ربط القراء ببائعي الكتب عبر الإنترنت. من بين 1.3 مليون مستخدم زاروا موقع penguin.co.uk الشهر الماضي، اختار حوالي 12% منهم الوصول إلى مواقع بيع بالتجزئة عبر الإنترنت”. وأضاف: “ستصبح عادة القراءة أقوى. قد تكون الطريقة التي نتواصل بها مع القراء مختلفة، لكن النتيجة النهائية ستكون هي نفسها: يريد الناس من الكتب أن تعلّمهم، وأن تساعدهم على تجاوز هذه الظروف، وأن تمنحهم المتعة والراحة والتسلية”.
وأكد تشارلي ريدماين، الرئيس التنفيذي لشركة “هاربر كولينز – المملكة المتحدة”، أنه واثق من أن المبيعات سترتد وتعود إلى الارتفاع، وأضاف: “من الطبيعي أن يسهم إغلاق المكتبات في تراجع بيع الكتب المتوفرة فيها، ولكن بالمقابل أظهرت مواقع مثل أمازون التزاماً بتوفير الكتب ومصادر التعليم للقراء في منازلهم، وكان من الجيّد رؤية النمو في حركة البيع عبر الإنترنت، ونحن نؤمن بوجود المزيد من الفرص خلال الفترة المقبلة. كان شهر أبريل صعبًا، ولكن مايو سيكون أفضل، ويونيو أفضل بشكل أكبر. سيتأثر اقتصادنا بشكل كبير لبعض الوقت، لكننا نعرف أنه خلال فترات الركود السابقة ظل الناس يريدون الكتب ويشترون المزيد منها”.
وقالت إيزوبل ديكسون من “بليك فريدمان”، وهي رئيس جمعية وكلاء المؤلفين: “أعتقد أن هذا الفيروس والإغلاق الشديد الناجم عنه، أكد على الترابط الوثيق بين جميع أطراف البيئة الفريدة لنظام النشر، وكيف أننا جميعاً نعتمد على بيع النسخ المطبوعة للقراء في متاجر الكتب. لذلك يجب على الحكومة أن تعيد النظر بجدية في الرسوم والضرائب التي كانت تفرضها على هذا القطاع، وكيف تؤدي مثل هذه التكاليف إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها بائعو الكتب في السوق الذي تسيطر عليه أمازون وغيرها والذين حققوا مكاسب أكبر بكثير خلال الأزمة”.
وفيما يتعلق بآراء قادة صناعة النشر المستقلين، قال ستيفن بايج، الرئيس التنفيذي لشركة “فابر – المملكة المتحدة”: “من الواضح أن البيئة الجديدة، حتى بعد تخفيف الإغلاق، ستكون مختلفة تمامًا عما كانت عليه من قبل، حيث سيستمر التباعد الاجتماعي لفترة طويلة وقد يصبح معتادًا في مجتمعنا”.
وبدت بيبي بكر يوسف، مديرة النشر في شركة “كازافا ريببلك” متفائلة وقالت: “أنا واثقة من أن الصناعة سترتد مرة أخرى، حيث لا يزال الطلب على الكتب قويًا. وما أظهره فيروس “كورونا” هو أننا بحاجة إلى التواصل أكثر مع قرائنا والاستجابة لاحتياجاتهم، وبالنسبة لنا كدار نشر مستقلة، قد تكون هذه الظروف أفضل لنا، لأن كبر حجم الدار أو الشركة ليس هو الأفضل دائماً، فالكبار قد يسقطون، فيما سيتمكن الصغار والمستقلون من الاستمرار وإنقاذ الصناعة بأكملها”.