ناقش معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي تقام حالياً فعاليات دورته الـ38 في مركز إكسبو الشارقة، دور الورش الإبداعية والنقدية – بوصفها إحدى أدوات التطوير- في تمكين الجيل الجديد من الكُتاب الشباب من امتلاك أدواتهم، ومقدار إسهامها في تغيير أساليبهم وإحداث النضج الأدبي لديهم ككتّاب واعدين.
جاء ذلك خلال جلسة نقاشية أدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري، وشارك فيها كل من الكاتب والروائي الجزائري الدكتور واسيني الأعرج، والكاتبة المصرية منصورة عز الدين، اللذان تحدثا حول جدوى الورش الإبداعية، ومدى قدرتها على تلبية طموحات الأجيال الجديدة من الكتّاب، وتزويدهم بالخبرات والمعارف الضرورية للدخول إلى عالم الكتابة الإبداعية.
وأشار واسيني الأعرج إلى أن إشكالية الورش الأدبية تنبع من أن البعض يرى أنها تستطيع صنع أديباً، لافتاً إلى أنه ضد هذه الفكرة على الرغم من مشاركته في تنفيذ الكثير من الورش، وأكد أن الورشة الأدبية لها مهمة أساسية تتجلى في إزالة الجدار الذي يفصل بين كاتب معروف ومجموعة كتّاب شباب يريدون الانتقال من مرحلة الخوف من القلم إلى عالم الكتابة والمسؤولية الأدبية.
وأضاف واسيني الأعرج: “تنبع قيمة الورش الإبداعية من كونها تمثل منصة وملتقى يتيح الفرصة لكاتب ساعدته الظروف أن يصبح معروفاً وينتج أعمالاً أدبية كثيرة في أن ينقل تجربته واللحظات الصعبة التي عانى منها خلال مسيرته ومقاومته لها، وهذا لا يعني أن الذي يشرف على الورشة هو يجب أن يلعب دور المعلم، فصحيح أنه يقوم بتسليط الضوء على تجربته ولكنه في نفس الوقت يكون مستمعاً جيداً وربما يتعلم من ردود فعل الشباب المشاركين لا سيما مع التغيرات المتسارعة التي تطرأ على المجتمع والتي يكون الشباب أكثر الفئات إلماماً بتفاصيلها”.
ولفت الأعرج إلى أن هناك جوانب تقنية كثيرة يمكن للورش الإبداعية أن تقدمها للشباب، من بينها فكرة اختزال الزمن وهو أن تكتب نصاً سردياً جيداً مكتمل الأركان في وقت وجيز، إلى جانب كيفية بناء الشخصية الأدبية، وأكد أن الكاتب المشرف على الورشة يمكنه وبالاستناد إلى خبرته الطويلة التعرف على الكاتب الموهوب الذي يرجى منه وتفيده مثل هذه الورش واللقاءات. وختم واسيني الأعرج حديثه بالتأكيد على أن الورش الإبداعية لا تخلق أديباً غير موهوب وإنما تدعم وتقدم التقنيات التي تُعرف الكاتب الواعد بالكيفية التي يصنع بها منطق روايته.
ومن جانبها قالت منصورة عزالدين: “يمكن للورش الإبداعية أن تساعد في تمكين الشباب من الإلمام بتقنيات الكتابة، ولكن لابد من التأكيد على أن الموهبة هي الأساس، وأنه لا يمكن لأعظم كاتب في العالم أن يصنع من كاتب غير موهوب كاتباً سردياً، فالكتابة السردية تختلف جملةً وتفصيلاً عن الكتابة العادية، كما أن الكتابة الجيدة هي تلك التي تحطم القواعد الثابتة، فإذا كانت هناك قواعد ثابتة يجب أن يلتزم بها الجميع لوجدنا الكُتاب يكتبون نسخاً لروايات متناسخة من بعضها”.
وتابعت: “يجب أن يكون المشرف على الورشة مدركاً لكل هذه الحقائق، وألا يحاول أن يصنع مستنسخات من أسلوبه، وأن يقدم نماذج سردية داخل الورشة بناءً على إمكانات الكاتب المشارك، وأن يسعى إلى اكتشاف نقاط القوة لدى الكاتب الشاب ويعمل على تعزيزها وتقويتها، بجانب رصد نقاط ضعفه ومساعدته على تلافيها، حتى يصل في نهاية المطاف إلى أسلوبه الخاص”.
وأشارت منصورة عز الدين إلى أنه في جيلها لم تكن هناك مثل هذه الورش، وأنهم كانوا يستعيضون عنها بمجالسة كبار الأدباء والنقاد للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم في مجال الأدب والسرد وذلك عبر فتح حوارات ونقاشات مباشرة، وأكدت على أن مخاطر الورش الإبداعية تظهر عندما يظن الكاتب المشرف على الورشة أنه سيقوم بتصنيع كاتب، أو أنه سيدل على طريق أو سيناريو يجب أن يمشي عليه المتدرب كي يصل إلى نتيجة معينة. وفي نهاية حديثها دعت منصورة عز الدين الكُتاب الشباب للاطلاع على يوميات كبار الكتاب للاستفادة منها، إلى جانب القراءة بتعمق والسعي إلى فهم المنطق الذي بُني عليه النص.