احتشدت الجماهير حول الروائي والكاتب التركي أورهان باموق لتحيته، في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2019، بعد انتهاء الجلسة التي جمعته مع السفير عمر غباش، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في فرنسا، بما يعكس الاهتمام بكاتب تتناول أعماله التوتر الموجود بين الإسلام والعالم الغربي، وبين العلمانية والدين، وبين التصورات الشرقية والغربية للأعمال الفنية وكذلك الصدام القائم بين النزعة الفردية والمجتمع.
وفيما يتعلق بالنزعة الفردية، أشار باموق إلى أن هناك بعض المجتمعات التي تركز على مطالب الفرد أكثر من مطالب المجتمع، في حين أن الأمر يسير على النقيض في مجتمعات أخرى، “فالفرد يبدو أنه يود أن يكون مراقبًا منفردًا، مستقلًا بذاته” وعلى الرغم من أن الآخرين يرون الأمر نفسه، إلا أنهم لا يستطيعون التعبير عن ذلك – وهنا يكمن دور الكاتب.
وحول الإقبال على القراءة في تركيا، قال: “يمكن لأي شخص أن يكتب رواية في الوقت الحالي بفضل وجود الكتب الرقمية وإمكانية الاتصال بالإنترنت؛ وكذلك زادت قابلية الناس للقراءة. ففي واقع الأمر، أعتقد أننا ندين بالامتنان للحكومة؛ حيث إن التلفاز يزدحم بالحملات الدعائية، وأما الصحف فالكثير منها تحت إدارة الدولة، لدرجة أن الأشخاص يتجاهلون كليهما ويتجهون بشكل أكبر نحو قراءة الكتب”.
وعندما طُرح عليه سؤال حول ما إذا كان من الصواب دائمًا “أن يواجه الشخص ذوي السلطات بالحقائق” أجاب باموق قائلًا: “لقد واجهت بعض المشكلات في السابق ومثلت أمام المحكمة؛ وأعتقد أن المرء لا يستطيع قول كل ما يجول بخاطره طوال الوقت. ويمكنك أن تقول الحقيقة قدر المستطاع، ولكن عليك بالوسطية والاعتدال في ذلك”.
ثم وصف عملية كتابة رواية على أنها تشبه تصور هيئة شجرة ما؛ “فلا يمكنك أن ترى الشجرة دفعة واحدة: بل عليك أن تقول: يوجد لحاء، وتوجد بعض الأفرع، وتوجد بعض الأوراق. فأمر كتابة الرواية يشبه ذلك كثيرًا – فالأمر تظهر ملامحه مع تقدمك في الكتابة. ولقد قلت في السابق أنني لست كبقية الكتّاب – فأنا بارع في التخطيط؛ وأعتقد أن ذلك يرجع لخلفيتي الأسرية، حيث تضم الأسرة الكثير من المهندسين”.
وفي آخر اللقاء، سُئل عن دافعه نحو الكتابة؛ فأجاب قائلًا: “ينبع دافعي نحو الكتابة فطريُا من داخلي. فأنا أكتب لأنني لا أستطيع أن أقوم بالأعمال التقليدية؛ وأكتب لأنني أؤمن بقوة الأعمال الأدبية؛ وأكتب لأنني أثق في فن الرواية؛ وأكتب لكي أتمكن من إدراك سبب غضبي من الجميع؛ وأكتب لكي أحول الجمال الذي تنعم به الحياة إلى ثراء وكلمات؛ بل، أهم من ذلك كله، أكتب لأن هذا الأمر يدخل السرور على قلبي”.