لا يتوقف الجدل في هذه الأيام حول عدد الروائيين الذين يمكنهم كسب لقمة عيشهم من الكتابة وحدها، لا سيما وأن أفضل التقديرات تشير إلى أن هناك ما بين 1000 و1500 فقط من الروائيين يمكنهم كسب ما يكفي من المال لإعالة أنفسهم. فيما تمكنت دراسة استقصائية أجرتها “رابطة المؤلفين في الولايات المتحدة، من التوصل إلى أرقام يمكن القول أنها واقعية، حيث أفادت الدراسة التي شملت عينة كبيرة من الكتاب أن متوسط دخل العاملين في صناعة الكتابة يصل إلى 6080 دولارًا أمريكياً، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 42% مقارنة بعام 2009، حسب السعر الحالي للدولار الأمريكي.
وحول الأوضاع التي غالبًا ما يواجهها الكتّاب عمومًا، كان لمجلة “فوربس” حديث مع الكاتب ستيف هاملتون، الذي برز على الساحة في السنوات القليلة الماضية بجهوده الملحوظة الرامية إلى إحداث تغيير في صناعة النشر. كان هاملتون قد تصدر قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا عن سلسلتيّن من روايات الغموض والجريمة اللتان لاقتا نجاحًا باهرًا عند نشرهما، وتحكي إحداهما قصة ضابطً شرطة سابقً من ديترويت يعيش في أعالي ولاية ميشيغان.
وفي سياق وصف رحلته في عالم الكتابة، أكد هاميلتون أنه على الرغم من العقبات التي صادفها وضعف الأجور، إلا أن مساعيه لنشر رواياته دائمًا ما كانت تتكلل بالنجاح. وقال: “لقد كتبت بالفعل أول 12 كتابًا وأنا لا أزال أعمل في شركة “آي بي أم”. كنت أعيش حياة مزدوجة، وعادةً ما كنت أمضي “عطلاتي” على الطريق عندما كان يصدر لي كتاب جديد. كنت أقود سيارة مستأجرة لحوالي 4000 ميل لزيارة المكتبات في جميع أنحاء الغرب الأوسط في الأسبوع الأول، وفي الأسبوع الثاني، كنت أسافر إلى عدد من المكتبات الشهيرة في أجزاء أخرى من البلاد”.
وأشار هاميلتون إلى أنه لم ينل فرصة إدخال تحسن ملحوظ في حياته إلا بعد ما تلقى عرضًا للانضمام إلى دار ذا ستوري فاكتوري، وهي مؤسسة أدبية وإعلامية أنشأها كاتب السيناريو ومنتج هوليوود شين ساليرنو. وأخيرًا تمكن هاميلتون واثنين آخرين من مؤلفي روايات الغموض والإثارة البارزين من توقيع عقود جديدة مع ذا ستوري فاكتوري ليحققوا من خلالها ليس تقدمًا كبيرًا فحسب، بل خصصت لهم المؤسسة ميزانيات تسويقية تستخدم وفقًا لتقدير المؤلفين أنفسهم.
ورأى هاميلتون أن هناك أوجه تشابه صارخة في كيفية تناول مؤلفي اليوم لقضايا تتعلق بشيخوخة السكان، ومتاجر بيع الكتب التي أخذت في التلاشي أو لجأت إلى بيع القهوة والشوكولاته كي تتمكن من الاستمرار، إلى جانب تراجع إنفاق الناس على الكتب مع ازدهار وسائل الترفيه الإلكتروني. ويعتقد هاملتون أنه على مر التاريخ، كان كل مبدع تحت رحمة شخص آخر يتمتع بالسلطة المطلقة.
وفيما يتعلق بنصائحه للمؤلفين الشباب، أوضح هاملتون أن العقبات كبيرة ولكنها تشجع أولئك الذين يعشقون الكتابة على تخطيها: “أعلم أن الكثير مما قلته يبدو مروعًا للغاية، فقد كان من الصعب دائمًا تخطي العقبات التي تحيط بصناعة النشر، لكن إذا كان لديك الموهبة وكنت على استعداد للعمل بجد كل يوم، فحتمًا ستجد طريقة ما للنجاح. هذا ما أؤمن به، وما زلت أراه يتحقق كل عام. كل ما عليك هو أن تبقي عيناك مفتوحتين، وأن تواصل الكتابة بلا انقطاع وبيقين مطلق أنك ستنجح في النهاية، وألا ترضى إلا بتقديم الأفضل عندما يتعلق الأمر بعملك”.