اعتبر كتابه “100 قصة عن الشيخ زايد” وثيقة مهمة للدارسين
ما إن تفتح مؤلفات الكاتب الإماراتي محمد الحبسي، مدير إدارة الآداب بالإنابة في هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، حتى تشم رائحة التراث، وتتلمس مفرداته الممزوجة بالخيال، وهو ما يتجلى في روايته “كوخ الشيطان”، في وقت دأب فيه على جمع القصص والمآثر الخاصة بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي أوردها في كتابه “100 قصة عن الشيخ محمد بن راشد”، والذي يعد آخر إنتاجاته الأدبية، سائراً فيه على درب كتابه السابق “100 قصة عن الشيخ زايد”، ذلك الذي يقدم فيه لمحه عن المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليبدو الكتاب أشبه بتوثيق لمسيرة مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة.
الحبسي وفي حوار معه، اعترف بمدى تأثره بالتراث، منوهاً إلى أنه يسعى دائماً إلى توثيق المفردة التراثية، مؤكداً أن الإمارات قطعت شوطاً جيداً في السياحة الثقافية، مشيراً إلى أنه يعكف حالياً على الانتهاء من رواية جديدة، يتناول فيها الإمارات قبل ألفي عام.
اعتبر محمد الحبسي كتابه “100 قصة عن الشيخ زايد” بمثابة وثيقة للدارسين والباحثين. وقال: “الكتاب يمثل نقطة ارتكاز مهمة، قادرة على استقطاب كل من يبحث عن مواقف وحياة وأساليب المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان، وهدفي الأساسي من الكتاب هو تعريف الجيل الجديد على شخصية الشيخ زايد، ومآثره وبعضاً من مواقفه في الحياة، والتي قمت بجمعها من الصحف والمجلات والكتب التي صدر بعضها في السبعينيات من القرن الماضي، وبعد معاينتها وجدت أنها رائعة وملهمة، ويمكن جمعها في كتاب واحد، قد يتحول في المستقبل إلى مصدر لأي باحث، خاصة وأن هذه المواقف نشرت في الإعلام على مدار سنوات، فيما حصلت على بعضها شفاهية من أناس كانوا على الدوام قريبين من الشيخ زايد”. وأضاف: “لهذا السبب اعتبر أن هذا الكتاب وثيقة مهمة للتاريخ، يمكنها أن تكشف لنا عن سر محبة الناس للشيخ زايد رحمه الله”.
جائزة الإمارات للرواية
في روايته “كوخ الشيطان”، الفائزة بجائزة تشجيعية ضمن “جائزة الإمارات للرواية” في 2015، يقدم الحبسي وجهاً آخر للحب، تتقاطع فيه سيرة الوفاء مع الأقدار الفائقة بأحزانها ومراراتها في سياقات غرائبية وأسطورية تحبس الأنفاس، وتستحوذ على المشاعر من بداية الحكاية حتى نهايتها، ويعترف الحبسي أنه وثق من خلالها للبيئة الجبلية في الإمارات. وقال: “حاولت في روايتي دمج الخيال مع الواقع، مستخدماً مفردات تراثية محلية، ولا أنكر أنني سعيت فيها إلى توثيق البيئة الجبلية في الإمارات، على اعتبار أنها لم تأخذ حقها في الأدب الإماراتي، مقارنة مع البيئات الأخرى الموجودة لدينا”.
وأضاف: “بالنسبة لي أفضل اتباع الأسلوب الأدبي الذي يوثق للمفردة التراثية المحلية، وأقوم بدمجه في صبغة خيالية”. مشيراً إلى أنه يعكف منذ عامين تقريباً على إنجاز رواية جديدة تتحدث عن الإمارات قبل ألفي عام. وقال: “في روايتي الجديدة، أحاول سرد العديد من الحقائق والمواقف التي تعود إلى ذلك الوقت، وأن أبيّن كيف كانت الحياة والمساكن والمعيشة في ذلك الوقت”.
وعن مدى تأثره بالتراث المحلي في كتاباته الأدبية، قال الحبسي: “يمكنني القول أنني متأثر جداً بالتراث، وذلك نابع من طبيعة حياتي ومعاشرتي الدائمة لكبار السن، إلى جانب الفترة الطويلة التي قضيتها في أحضان البيئة الجبلية والتي تمتد على مدار 37 عاماً”. وأضاف: “تأثري بالجانب التراثي نابع أيضاً من طبيعة المفردة التراثية التي نستخدمها في حياتنا، وتحولت مع مرور الزمن إلى واحدة من أبجدياتنا اليومية”.
البحث عن السياحة الأدبية
من جهة ثانية، أكد الحبسي أن الإمارات نجحت في تفعيل السياحة الثقافية، بينما لا تزال المسافة بينها وبين السياحة الأدبية بعيدة، وأوضح أن الفرق شاسع بين السياحة الثقافية ونظيرتها الأدبية، وقال: “السياحة الثقافية، لا تمثلها المتاحف فقط، وإنما تشمل أيضاً كافة الأشياء التي تمكن السائح من التعرف على عادات وتقاليد الدولة، وآثارها وتراثها وأهازيجها الشعبية ومطاعمها وغيرها، وهو الشق الذي قطعت فيه الإمارات شوطاً جيداً، بينما السياحة الأدبية التي يمكن من خلالها أن يتعرف السائح على رموزنا الأدبية وأماكنها وبيوتها والأطلال التي خلفتها، فلا تزال هذه السياحة غير معروفة لدينا، كما في أوروبا، التي يذهب إليها عشاق الكتب الأدبية من أجل المرور في العديد من الأماكن التي تذكر في الكتب أو التي تعود هذا الأديب أو ذاك على الجلوس فيها”.