في جلسة نقاشية تحت عنوان “النشر من جديد: آليات الترجمة”، عقدت يوم الأحد 3 مارس، ضمن “برنامج النشر” إحدى فعاليات الدورة الحادية عشرة من “مهرجان طيران الإمارات للآداب”، سلّط ثلاثة من العاملين في قطاع النشر والترجمة، الضوء على آليات الوصول بالترجمة إلى الصورة الأفضل، كما تناول الثلاثة وهم بسام شبارو ونيل هويسون وثاليا سوزوما؛ التحديات الرئيسية أمام ترجمة كتاب أو نص من لغة إلى أخرى.
في البداية أشار شبارو إلى أن ترجمة الكتب العلمية، سواء كانت في علوم الكمبيوتر أو الفيزياء أو الكيمياء، هي أقل صعوبة من كتب الطهي مثلاً؛ فالأولى مصطلحاتها محددة ومتفق عليها، بينما الأخرى قد يختلف معنى الكلمة في اللغة المترجم إليها بين دولة وأخرى. وأكد أن الترجمة إلى اللغة العربية لها خصوصيتها عند ترجمة الموضوعات السياسية والدينية وما يتعلق بأمور الجنس والسلوك الاجتماعي، وهنا على المترجم إظهار مهارته بالتلاعب بالكلمات وترجمة ما بين السطور، بما لا يجرح شعور المجتمع وفي الوقت نفسه لا يخل بالمعنى العام للنص.
وتطرق هويسون إلى كيفية اختيار كتاب محدد لترجمته إلى لغة أخرى، فتحدث عن تجربته في الإشراف على ترجمة الكتب والروايات العربية إلى الإنجليزية، قائلاً: “الأمر مغامرة وليس هناك ضمان، فقد يكون الكتاب ناجحاً والأفضل مبيعاً في العربية ولكن لا يوجد من يريد قراءته بالإنجليزية. لكن من حيث الأصل فإن شهرة الكتاب أو المؤلف تغري بترجمته، كما حدث بالنسبة إلى كتب نجيب محفوظ بعد فوزه بجائزة نوبل، ورواية “عمارة يعقوبيان” لعلاء الأسواني، إلا أن هذا الأمر ليس مطرداً”.
وشدد هويسون على أن اختيار المترجم المناسب هو الفيصل في عملية الترجمة الناجحة، فلابد أن يثق مؤلف النص الأصلي في المترجم، فالأمر أشبه بإعطاء المؤلف طفله إلى شخص آخر للاعتناء به. وأيدت ثاليا هذا الطرح حيث قالت إن “الوضع المثالي للترجمة حيث تكون هناك كيمياء بين المؤلف والمترجم”، وأضافت أنه لا يجب النظر فقط إلى جودة الترجمة بل إلى مدى حب الناس لها.
ومن أهم آليات الترجمة الناجحة وفق هويسون، الوفاء والإخلاص من جانب المترجِم للنص المترجَم؛ فالترجمة ليست فقط القدرة على فهم اللغة المترجم منها، بل القدرة على النقل الأمين للمعنى الكامل إلى اللغة المترجم إليها. بينما لفت بسام شبارو إلى ضرورة أن تتوافق فكرة الكتاب المترجم مع ثقافة وسلوك مجتمع اللغة المترجم إليها، وضرب مثالاً على ذلك اختيار الدار التي يعمل بها سلسلة كتب تعليمية إيطالية، ترشد الأطفال إلى السلوك السليم على لسان شخصية بطل هذه السلسلة وهو “فأر”، بينما لا يقبل المجتمع العربي وجود فأر يعيش في البيت؛ ولذلك لم تنجح تلك السلسلة!
وأشار هويسون إلى عدد من تحديات الترجمة إلى الإنجليزية، منها عدم إقبال القارئ بالإنجليزية في بريطانيا وأميركا على شراء الكتب المترجمة إلى الإنجليزية، مقارنة بالقارئ في دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، والسبب كثرة عدد الكتب المؤلفة أصلاً بالإنجليزية من مختلف الدول الناطقة بهذه اللغة، مقارنة بعدد الكتب المؤلفة بالإيطالية والإسبانية. مضيفاً أن من تلك التحديات أيضاً وجود كتب لا يمكن ترجمتها، مثل كتب الشعر العربي الذي يتفرد بخائصه الأسلوبية والفنية واللغوية، وهو ما لا يمكن ترجمته إلى لغة أخرى.