البعض شجع وطالب بالفكرة والبعض فضّل الموزعين
تأسيس شركة جماعية لتسويق الكتب.. حلمٌ للناشرين العرب
تعدُّ شركات التسويق من أهم الوسائل التي تساعد على رواج المنتجات والخدمات، ويعتبر الكتاب منتجاً كغيره يحتاج إلى تسويق لإيصاله إلى أكبر شريحة من القراء، وبذلك يحقق العائد المعنوي والثقافي بالنسبة للجمهور والعائد المادي بالنسبة لدور النشر. وقد توجه موقع “ناشر” بالسؤال إلى مجموعة من دور النشر العربية حول أهمية وجود شركة لتسويق الكتب، تجمع الناشرين وتسهّل عليهم إيصال إصداراتهم إلى قطاعات أوسع، وما هي التحديات التي يمكن أن تعترض مثل هذه المبادرة.
معايير وليس جهداً اعتباطياً
أكد جعفر العقيلي، مدير دار الآن الأردنية للنشر، أن أبرز معضلات قطاع النشر العربي تكمن في عدم وجود قنوات تسويقية حقيقية وفاعلة على مستوى الجغرافيا العربية بسب الرقابة، وارتفاع تكلفة النقل والتخزين، وعدم وجود دراسات جدية للشرائح المستهدفة، ما يؤدي إلى بُعد المسافة بين الكتاب والقارئ وقال: “أعتقد أنه من واجب اتحاد الناشرين العرب وأية اتحادات ناشرين قُطرِية أن تتعاون معاً لتأسيس شركة تضمن وصول الكتاب للقارئ في كل مكان، لأننا كناشرين نجد أن الإجراءات البيروقراطية والإدارية في شحن الكتب براً أو جواً أو بحراً مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً، ومن الممكن أن تسهم إمارة الشارقة بوصفها قبلة للمثقفين وهيئة الشارقة للكتاب، جدياً في وضع إطار نظري وتطبيقي لهذا المقترح لأن مطلبنا وصول الكتاب لكل مكان بسعر وكلفة ووقت مناسبين، ونحن نتوق لأن يكون الدعم الموجه للناشرين مبنياً على معايير وأسس وليس اعتباطياً، وقد آن الأوان لوضع دراسات توضح كيفية تقديم المزيد من الخدمات للناشر العربي، بمعنى أن هناك شباباً وناشرين جدداً أحوج من غيرهم للمشورة والتوجيه والتدريب حتى أننا نفتقر لوجود شركة تسويقية ذات أبعاد عربية موحدة”.
وأضاف العقيلي: “بعد الانتهاء من معارض الكتاب التي نشارك بها كل عام، تبقى أعداد من الكتب لم تباع، جزء منها يصدر للدول المجاورة، وفي الأغلب نلجأ للتخزين أكثر من التسويق حتى نتمكن من بيع الكتب العام المقبل في نفس البلد، وهو ما يتطلب فعلاً وجود شركة تسويقية كبيرة، تتمتع بالقدرات الكافية، المادية واللوجستية، لمساعدة الناشرين العرب على تسويق إصداراتهم خارج أوقات معارض الكتب”.
آلية التوزيع
تحرص دار دريم بوك الكويتية للنشر على المشاركة في جميع معارض الكتب العربية، وقال مشاري الجوهر، مدير الدار: “التنافس كبير والسوق يستوعب وشريحة القراء بإزدياد وهو ما يشجعنا على الاستمرارية وبقوة، وحتى تستطيع دور النشر تحقيق هدفها المنشود، يجب تنفيذ خطة واضحة تعتمد على الدراسات السنوية والدورية للسوق والقراء لأنها تتغيّر وتتقلّب، ونتعامل مع موزعين على دراية بالكتب الموجودة لدينا ويحجزون الكميات المطلوبة قبل كل معرض، وما تبقى يرجع إلى الكويت ويعاد تصديره مرة أخرى للمعارض الخليجية والعربية”.
وأضاف: “بالنسبة لوجود شركة عربية لتسويق الكتب، فهي فكرة جيدة لأنني في النهاية صانع ويهمني الانتشار في كل مكان، ولكنها عملية صعبة بسبب تزايد وازدحام دور النشر، حيث يوجد 600 دار نشر على مستوى الخليج العربي وأكثر من 2000 دار على المستوى العربي، وبالتالي من الصعب وجود مخازن أو مستودعات ضخمة تستوعب هذه الأعداد المهولة من الكتب! إلى جانب ضرورة وجود آلية توزيع مبتكرة ومدروسة لإعطاء كل دار نشر حقها، وبالنسبة لي مازلت أفضّل التعامل مع الموزعين لأنني أضمن حقوقي”.
محور اهتمام
أشار أحمد الباشوري، مندوب مبيعات لدى مركز الأدب العربي في السعودية، إلى أن عملية التسويق والتوزيع أصبحت حالياً عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التابعة لدور النشر ثم يأتي الموزعون. وحول مقترح وجود شركة تسويقية تستقطب الناشرين قال: “القارئ أصبح يفضل أن يأتيه الكتاب لا أن يذهب إليه، وهذا شيء سلبي بالنسبة لدور النشر لأن المواقع الإلكترونية لا تعرض إلا الكتب الأكثر مبيعاً أو الإصدارات الحديثة جداً، أما بقية الكتب فلا تصل للقارئ، وفي حال وجدت شركة تسويقية لابد أن يكون لدى القائمين عليها إلمام بجميع دور النشر إلى جانب وجود فروع عديدة منتشرة بكل مكان حتى تستوعب جميع الكتب لتروجها”.
وأكد الباشوري أن الدار تمتلك فرعاً بالدمام وآخر في جدة، وعند مشاركتها بمعارض دولية تواجه صعوبات بالبداية في شحن الكتب واستخراج التصاريح اللازمة، ولكن بعد فترة تصبح الأمور روتينية، مضيفاً أنه يتم اختيار مسؤولي المبيعات في المعارض من ضمن البلد نفسه لتوفير تكاليف تذاكر السفر والإقامة والذي يتنقل فقط هو المدير الإقليمي، وبالتالي لا تحتاج الدار حالياً إلى أي شركات تسويقية.
دعم حكومي
بالنسبة لدار الشروق المصرية فهي لا تجد أي صعوبة في توزيع وتسويق الكتب التي لا تباع في أي معرض تشارك به، إذ أنها تتمع بخبرة أكثر من 50 عاماً، ولديها شبكة كبيرة من الموزعين في مصر والعالم العربي، وقال محمد خضر، مدير المبيعات في الدار: “فكرة وجود شركة عربية تقوم بالتوزيع ليست بجديدة بل هو مقترح نادى به اتحاد الناشرين العرب منذ أكثر من 15 عاماً ولكن لم يتم تنفيذه لوجود عراقيل وصعوبات كبيرة تعترض تحقيق هذا الحلم، منها الحاجة إلى وجود أسطول كبير ليصل بالكتاب إلى كل بلد عربي وأجنبي، كما أنها بحاجة إلى دعم حكومي لأنها تتطلب رأس مال كبير لتنفق على المشروع، وإن كانت ستأخذ نسبة من الناشرين بالتأكيد ولكن هذا سيتحقق بعد مضي وقت طويل لأن المسألة تحتاج لصبر حتى تتعدى مراحل التأسيس والانتشار وربما يكون لها أخطاء أو عثرات لن ينتظر الناشر وجودها، وسيعتمد على الموزعين لأنه يعرف ما له وما عليه. وبالتالي فإن مثل هذه الشركة ربما تفيد الناشرين الجدد وهم من الشباب أما دور النشر الكبيرة فلا أعتقد أنها تنتظر مثل هذه المبادرة”.