بقلم الكاتبة والمصوّرة سحر الزارعي
تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بحِراكٍ ثقافيّ فنيّ على أعلى مستوى، ذلك أن التنوّع الثقافيّ والفكريّ لسكانها ساهم بدرجةٍ كبيرة في تعزيز الزخم الفنيّ والمناشط الثقافية وتحفيز المبدعين والمبدعات من مواطني ومواطنات الدولة للتعبير عن أنفسهم فنياً بلغات وأساليب الفنون المتنوّعة.
وفي مجال الفنون البصرية بَرَزَت بعض الأسماء الوطنية التي تميّزت بالإبداع والابتكار وصنعت حضوراً محلياً وإقليمياً لافتاً. لكن المبدع دوماً بحاجةٍ للوقود الخاص بالاستمرارية والنمو. وهنا نقف عند المكتبة العربية الشحيحة بهذا النوع من الكتب والمؤلّفات والمصادر اللازمة لتأسيس الثقافة البصرية وإرواء العطش المعرفي لدى المبدعين العرب.
الجميع يعتمد على مصادر أجنبية أو مُعرَّبة، هناك احتياج لخطوةٍ فارقة يخطوها الناشر والمبدع معاً لسد هذه الثغرة. وفي هذه المرحلة أقترح على الناشر أن يقوم بتوسيع دوره وتطوير أدوات الجذب والتشويق الخاصة به للوصول بقوةٍ وفاعلية للمبدعين صانعي المحتوى وترميم الطريق إليهم بفهم العوائق الفكرية والتنفيذية التي تحول بينهم وبينه. لست أكترث بالمنطق القائل بوجوب بحث المبدع عن الناشر وليس العكس، مايعنيني هو المصلحة المشتركة وبالتالي في هذه الحالة يجب على الناشر أن يبادر بمدّ يده تجاه شريحة المبدعين بشكلٍ صحيح.
ما أقترحه في هذا الصدد هو حملة إعلامية إعلانية ذات استهدافٍ مركز تصل للمبدعين والمبدعات في المجال الفني والثقافي من أبناء وبنات دولة الإمارات، تطلب منهم المشاركة في صناعة محتوىً مميّز باللغة العربية وتعرض عليهم الدعم والمساعدة وتمنحهم حوافز حقيقية ليبدؤوا مسيرة العطاء والإنتاج، مسلحين بأرضيةٍمعرفيةٍ متكاملة حول ثقافة التأليف والنشر وكل ما يتعلق بها من قوانين وحيثيات وخبايا.
من جانبٍ آخر يجب على دور النشر الجادة التواصل مع القامات الفنية والثقافية الإماراتية وتجميع المحتويات الإبداعية التي صاغوها على مرِّ سنين خبرتهم –المنشورة منها وغير المنشورة – وضمّها في إصدارات مُصنفة حسب نوعيات المحتوى. وهذه الإصدارات بالذات يجب أن تحظى باهتمامٍ بالغ من الناحية الترويجية داخل وخارج الدولة من حيث الترجمة باللغات الأساسية على الأقل، والحضور اللائق بها في المناسبات الفنية والثقافية المختلفة، ومعارض الكتاب المحلية والدولية، وتقديم أصحابها في ندواتٍ متخصّصة كمبدعين إماراتيين تفخر بهم الإمارات حكومةً وشعباً.
إن سوق النشر في الإمارات يحظى بنقاط قوةٍ هامة، منها قوانين حماية الملكية الفكرية، وتعدًد وتنوّع شرائح القراء.
لكن بالمقابل هناك نقاط يجب العمل عليها لتصحيح المسار أذكر منها:
- قوانين الملكية الفكرية في النشر الالكترونيّ لا زالت غير مكتملة !
- مستوى الوعي والإتقان والإلمام بأدوات النشر الالكترونيّ لم يصل للمرحلة المطلوبة !
- أسواق الكتابة الالكترونية والاجتماعية المختلفة تستقطب الملايين، لا بد من حلولٍ عصريةٍ جاذبة للجيل الجديد نحو تأليف ونشر الكتب بدلاً من الاكتفاء بالمدوّنات والمنشورات !
- ثقافة المكتبة الالكترونية يجب أن تأخذ حيزاً مناسباً وتحصل على مناعةٍ قانونيةٍ وتقنية حفظاً لحقوق الجميع وتحفيزاً على القراءة.
- العمل على غرس ثقافة التعبير الكتابيّ والقراءة المكثّفة المنوّعة منذ مراحل التعليم الأولى.
- صناعة الكتاب الورقي لن تبور حتى عدة أجيالٍقادمة، للورق سحره ويجب علينا الحفاظ على هذا المفهوم وتطويره وتسهيل إنتاجه على المؤلفين.