افتتحت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، الرئيسة الفخرية لجمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ، فعاليات المؤتمر الدولي الأول لإدارة حقوق النسخ في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي تنظّمه الجمعية على مدار يومين في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، وذلك بالتعاون مع وزارة الاقتصاد في الدولة، والاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النسخ.
شهد الحفل الافتتاحي للمؤتمر، معالي عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد، ومجد الشحي مديرة الجمعية، إلى جانب نخبة من خبراء دوليين متخصصين في مجال الإدارة الجماعية لحقوق النسخ والملكية الفكرية والصناعات الإبداعية، وكوكبةً من الكتّاب والناشرين وأصحاب الأعمال الإبداعية والأكاديميين.
وفي كلمتها الافتتاحية، أكّدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، برؤيتها الطموحة واقتصادها القائم على الإبداع والمعرفة، تدرك أن حماية حقوق النسخ ليست مجرد التزام قانوني، بل هي ضرورة حتمية لازدهار الاقتصاد الإبداعي وتعزيز الابتكار، مشيرةً إلى أن حقوق الملكية الفكرية تشكّل الركيزة الأساسية التي تُمكّن المبدعين من تحويل أفكارهم إلى مشروعات مستدامة تُثري المشهد الثقافي والاقتصادي على حد سواء.
وأضافت الشيخة بدور: “في عالم تعد فيه الأفكار والمعرفة شكلاً من أشكال رأس المال، فإن حماية حقوق المبدعين ليست مجرد التزام قانوني بل ضرورة استراتيجية، وتشكّل الملكية الفكرية الدعامة الأساسية للاقتصاد الإبداعي المزدهر، الذي يُمكّن الناس، ويعزز الصناعات، ويدعم الابتكار المستدام، ومن خلال هذا المؤتمر الدولي الأول لحقوق النسخ في دولة الإمارات، نجدد التزامنا بوضع أطر تحقق التوازن بين إمكانية الوصول والإنصاف في الحقوق، لضمان استمرار مساهمة المؤلفين والناشرين والمبدعين بإثراء المجتمعات حول العالم؛ ليبقى الإبداع قوةً دافعةً للتقدّم الثقافي والاقتصادي”.
قيادة الحوار العالمي
بدوره، ألقى معالي عبد الله بن طوق المري، كلمة ثمّن فيها الجهود التي تبذلها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، في تعزيز قطاع النشر والصناعات الإبداعية بدولة الإمارات، ودورها القيادي في الدفع بعجلة التعاون الدولي لحماية حقوق المبدعين وتمكينهم.
وأضاف معاليه: “تعكس استضافة دولة الإمارات للمؤتمر الدولي الأول لحقوق النسخ، التزامها ودورها الفعّال في تعزيز النقاش والحوار على المستويين المحلي والعالمي، لتوفير كافة الممكنات والسُبل التي تدعم حماية حقوق الملكية الفكرية لا سيما حقوق النسخ” مشيراً إلى أن الإمارات بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، قطعت أشواطاً واسعة في تطوير بيئة تشريعية متقدمة لقطاع الملكية الفكرية اعتماداً على أفضل الممارسات المتبعة، لا سيما المرسوم بقانون اتحادي 38 لسنة 2021 بشأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والذي عملت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع شركائها على تطويره من أجل خلق مناخ تشريعي تنافسي وقوي للمؤلفين وأصحاب الأعمال الإبداعية، بما يُرسخ مكانة الإمارات كوجهة عالمية رائدة للصناعات الإبداعية.
واستعرض معالي عبد الله بن طوق، مجموعة من الأرقام التي حققها قطاع الملكية الفكرية في الدولة بنهاية عام 2024، ومن أبرزها وجود أكثر من 370 ألف علامة تجارية وطنية ودولية مُسجّلة في الأسواق الإماراتية، وأكثر من 21 ألف إجمالي المصنفات الفكرية المُسجّلة في الدولة، في حين تم استقبال قرابة 24500 ألف طلب للتسجيل في المصنفات الفكرية، ووصل إجمالي براءات الاختراع المُسجّلة في الدولة إلى أكثر من 6100 ألف براءة اختراع، و9500 ألف إجمالي النماذج الصناعية المُسجّلة، مشيراً معاليه إلى أن مختبر مكافحة القرصنة، الذي دشنته الوزارة في العام الماضي لحجب المواقع الإلكترونية المنتهكة لحقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف والنشر، نجح في حجب 4076 ألف موقع مخالف.
وتضمن جدول أعمال المؤتمر، في يومه الأول، جلسات نقاشية ركّزت على القضايا المحورية في المؤتمر، حيث أدارت مجد الشحي، جلسة بعنوان “الاستخدام غير المصرح به ومدى تأثيره على مردود الأعمال الإبداعية”، بمشاركة معالي الدكتور عبد الرحمن المعيني، الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية بوزارة الاقتصاد، وجيم ألكسندر، المدير الدولي لوكالة حقوق النشر في الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النسخ، والدكتورة شارون وونغ من جمعية ترخيص حقوق النسخ في هونغ كونغ، والدكتور محمد الكمالي من الفخرية لجمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ.
الإدارة الجماعية بوصفها حلاً
وفي جلسة جماعية أخرى، أدارها جيم ألكسندر، استعرض مايكل هيلي، المدير التنفيذي لأصحاب الحقوق والعلاقات الدولية في مركز تراخيص حقوق النشر “الإدارة الجماعية بوصفها حلاً” مع سارة تران من في الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النسخ، وجيمس بينيت من وكالة ترخيص حقوق النشر في المملكة المتحدة، وآنا ماريا كابانيلاس من مركز إدارة حقوق الطبع والنشر في الأرجنتين.
الذكاء الاصطناعي والمكتبات في العصر الرقمي
تناولت جلسة ثالثة، بعنوان “الذكاء الاصطناعي والمكتبات في العصر الرقمي”، تأثير التطورات التكنولوجية على مستقبل المكتبات ودور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الوصول إلى المعرفة وحماية حقوق النسخ، وشارك في الجلسة كل من المتحدثين: فاطمة الحوسني من وزارة الاقتصاد، ومايكل هيلي من مركز تراخيص حقوق النشر، ونادية مسعود من جامعة الشارقة، وشيخة المطيري من جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، وأدارتها علياء الشامسي.
تأثير التغييرات التكنولوجية والاجتماعية على أصحاب الحقوق
أما جلسة “تأثير التغييرات التكنولوجية والاجتماعية على أصحاب الحقوق” بإشراف ياسمين العيساوي من جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ، فقد سلّطت الضوء على كيفية تكيّف المبدعين والمؤسسات مع التحولات الرقمية والمجتمعية التي تؤثر على حقوق الملكية الفكرية، وشارك في الجلسة الكاتب والإعلامي محمد بن دخين، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ، وراشد الكوس، المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، والدكتور عبد الله الشرهان، أمين سر وعضو مجلس إدارة الجمعية، والكاتبة نادية النجار، وأحمد حسين، الرئيس التنفيذي لمركز ماليزيا لحقوق النسخ.
ويعكس المؤتمر، التزام دولة الإمارات بتعزيز بيئة إبداعية مستدامة، وحرصها على دعم جهود المجتمع الدولي في حماية حقوق الملكية الفكرية كجزء أساسي من التنمية الثقافية والاقتصادية، حاملاً مجموعة من الأهداف الطموحة تتمثل في نشر الوعي حول حقوق النسخ ودورها في الاقتصاد الإبداعي، وتشجيع التعاون بين منظمات الإدارة الجماعية والناشرين والمؤلفين، فضلاً عن تسهيل تبادل المعرفة بين المنظمات الإقليمية والدولية المختصة بحقوق النسخ، وتسليط الضوء على أفضل الممارسات في حماية الحقوق والتحوُّل الرقمي في مجال النشر.