خلال مشاركتها في الدورة الثانية والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب في مركز إكسبو الشارقة، تقدّم مؤسسات ومكتبات مصرية مجلات وصحف نادرة يعود تاريخها إلى عصر الملك فاروق وما بعده، أبرزها صحيفة “الأهرام”، ومجلة “المصور”، ومجلة “آخر ساعة”، ومجلة “العربي” الكويتية، بالإضافة إلى إصدارات قديمة من مجلات الأطفال: “سمير”، و”ميكي”، و”سندباد”، و”صندوق الدنيا”، والكثير غيرها، إلى جانب مجموعة من الكتب النادرة. كما تسلّط هذه المكتبات الضوء على طرق الحفاظ والعناية بهذه الإصدارات والتي تحتاج إلى ظروف معيّنة تحميها من التلف.
من بين المشاركين هذا العام، ولأول مرة في المعرض، مؤسسة الأرشيف العربي للتراث والتي يقول صاحبها محمد صادق إنه ورث عن جده ووالده هواية جمع المجلات والصحف القديمة، ويطمح إلى أن يكمل أبناءه هذه الرسالة، فهي ليست مهنة بقدر ما هي رسالة توثق التاريخ وتحفظه من الضياع. وعبّر عن سعادته بالإقبال الشديد من الشباب خصوصاً على جناحه بالمعرض، والذين يقومون بتصوير الإصدارات القديمة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبراً أن هذه خطوة إيجابية لجذب الجيل الجديد الناشئ لمعرفة ماضيهم العريق.
وأضاف أن ما يميّز الإصدارات المتوفرة لديه عن باقي المعروضات هو مفهوم الأرشيف والأصالة، حيث أن جميع الإصدارات أصلية ولا يوجد أي نسخة مصورة أو غير أصلية، وأكد بأنه يمتلك العدد الأول من العديد من الصحف والمجلات، والتي صدر بعضها منذ أكثر من قرن. وأشار إلى أن حضور دولة الإمارات العربية المتحدة يعد أساسياً في الصحف القديمة، حيث أنه يعرض صحفاً ومجلات وثقت تاريخ دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد وحتى وقتنا الحالي أي أكثر من خمسين عاماً.
ولكن كيف استطاع الحفاظ على هذه النسخ من التلف عبر كل تلك السنين؟ أكد محمد صادق أن جودة المتوفر من هذه النسخ يقل مع مرور الزمن، كما أن المطبوعات تحتاج إلى عناية خاصة، فمثلاً يجب الاحتفاظ بها في مكان سهل التهوية أي “تهوية طبيعية”، مضيفاً أنهم يقومون بتغليف أغلب المجلات بأكياس بلاستيك مقوية، أما بالنسبة للأعداد الكاملة مثل سلسلة “اللطائف المصورة” فإنه يقوم بحفظها عن طريق التجليد.
من ناحيته، أكدت إيهاب الرفاعي، من مؤسسة دار الهلال، أنه خلال السنوات الماضية زاد الطلب والاهتمام بشكل ملحوظ وكبير على المجلات القديمة والإصدارات النادرة خصوصاً مجلات “الهلال”، و”المصور”، و”حواء، و”ميكي”، و”سمير”، و”آخر ساعة”، والصحف القديمة، وخصوصاً الأعداد المهمة والتي تحمل عناوين الأحداق الكبرى، وأشار إلى أن الاقبال منذ اليوم الأول على المعرض كان منقطع النظير بسبب توافد أعداد كبيرة من القراء والمثقفين وهواة جمع هذه المجلات والصحف والتي تعيد إلى الأذهان مشهد سير الأحداث المهمة في الحقب الماضية.
وخلال جولتنا في المعرض صادفنا الدكتور كمال العاني، والذي قال إنه منذ طفولته اعتاد على قراءة وتجميع “روايات الهلال” للأديب جرجي زيدان، والتي تتحدّث عن تاريخ الإسلام، حيث أنه قضى فترة من الزمن يبحث عن هذه الروايات بعد فقدانه لمكتبته الخاصة في العراق، وعبّر عن سعادته بعثوره على النسخ الأصلية في معرض الشارقة الدولي للكتاب، وثمّن دور الشارقة في تعزيز الثقافة ونشر ماضي وتاريخ الدول العربية وأمجاد الأمة الإسلامية وإحيائها عبر توفير الكتب التي توثق الأحداث المهمة والإصدارات القديمة والنادرة.