شهدت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة نمواً ملحوظا في أعداد متاجر الكتب المستقلة بالأعوام الأخيرة، وذلك وسط منافسة حادة مع المتاجر الأخرى مثل أمازون، ما يبشر بإعادة إحياء هذه النوعية من المتاجر التي شهدت تراجعاً كبيراً خلال العشرة أعوام الماضية بسبب انخفاض مبيعاتها في ظل ارتفاع الطلب على المتاجر الكبرى والكتب الإلكترونية.
وقال تيم جودفري، المدير التنفيذي لرابطة باعة الكتب في بريطانيا: “شهدت أعداد متاجر الكتب المستقلة ارتفاعاً طفيفاً في العام 2017، ويبدو أن التراجع في متاجر الكتب المستقلة بدأ يتوقف، وسيتبين لنا الموقف بشكل جليٍ أكثر بحلول 2018”.
ووفقاً لإحصاءات رابطة باعة الكتب في بريطانيا، كان يوجد 1535 متجراً من متاجر الكتب المستقلة في المملكة المتحدة عام 2015، ولكن هذا الرقم انخفض إلى 867 متجراً فقط في عام 2016. ومنذ ذلك الحين، يبدو أن هذا التراجع قد توقف بعد افتتاح عدد من هذه المتاجر، ومن المفارقات أن بعض أسباب إحيائها يعزى إلى أمازون، أو بالأحرى إلى مواجهة التحدي الذي يشكله هذا المتجر الإلكتروني.
من جانبه أكَد نيك بوتوملي، صاحب متجر “إيمبوريويوم أوف ريدينج ديلايتس إن باث”، أن الناشرين أدركوا أهمية محلات بيع الكتب بالتجزئة، في إشارة إلى متاجر الكتب المستقلة وأهمية تسليط الضوء عليها، ونتيجة لذلك أبدوا استعدادهم لتقديم شروط أفضل لضمان استمرار متاجر الكتب المستقلة، مشيراً إلى أن أمازون جعلت باعة الكتب يعيدون حساباتهم ويفكرون بشكل جدي بما يهدد بقائهم وما يعنيه استمرار حضورهم في سوق الكتب.
وأضاف: “أصبحت متاجر الكتب المستقلة أكثر إبداعاً من خلال تطوير أساليب مبتكرة وجديدة للحفاظ على بقائها، حيث لجأت إلى تنظيم الفعاليات التي تثير اهتمام القراء، فضلاً عن بناء شراكات أفضل في مجتمعاتها وأصبحت أكثر مهنية”.
وأشار بوتوملي إلى أن أصحاب متاجر الكتب المستقلة استعادوا نشاطهم وحيوتهم بقوة لمواجهة المنافسة من قبل موقع أمازون، وارتفاع معدلات الأعمال، وحالة عدم اليقين بشأن الأوضاع الاقتصادية، لا سيما في ظل اتفاقية بريكست المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي سيناريو مشابه لما تشهده المكتبات المستقلة ببريطانيا، انخفض عدد متاجر الكتب المستقلة بنسبة 43% في الولايات المتحدة بين عامي 1995 و2000، بحسب رابطة باعة الكتب الأمريكية، ولكنها عاودت الارتفاع بنسبة 35% بين عامي 2009 و2015، مسجلة زيادة في عدد متاجر الكتب المستقلة من 1651 متجراً إلى 2227 خلال نفس الفترة.
وفي الآونة الأخيرة شكل إحياء متاجرالكتب المستقلة موضوع دراسة أكاديمية قام بها رايان رافائلي، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال، الذي يعمل في وحدة السلوك التنظيمي، وأراد من خلالها معرفة أسباب حدوث ظاهرة تراجع متاجر الكتب المستقلة وقادته أبحاثه إلى ثلاثة استنتاجات هي المجتمع، والقيم، والتنظيم.
وكشفت الدراسة عن تمكن باعة الكتب من ابتكار أساليب جديدة لمواجهة المنافسة والتحدي مع موقع أمازون، حيث أبدعوا في تنظيم الفعاليات التي تستقطب الجمهور لتنظيم فعالياته الاجتماعية في المتجر، مثل الجلسات القرائية، وحفلات توقيع الكتب، والجلسات النقاشية والحوارية، وغيرها من الأنشطة.
وأشار رافائيلي إلى أن هذه العناصر الثلاثة أسهمت بشكل كبير في إعادة إحياء متاجر الكتب المستقلة، حيث أصبح باعة الكتب المستقلة بارعين في ابتكار الأنشطة والفعاليات التي تضع المجتمع في محور الاهتمام، فضلاً عن حسن التنظيم والحرص الشديد في اختيار نوعية الكتب. وربما ذات يوم تتواجد متاجر الكتب المستقلة جنباً إلى جنب مع متاجر أمازون.