باريس – شوقي بن حسن
في الثالث من أيار/ مايو الماضي، نشر “البرلمان الأوروبي” على موقعه أن مراجعة الضرائب المفروضة على الكتب الإلكترونية ستكون ضمن جدول مناقشات جلساته المقبلة.
العملية تتمثّل في تخفيض “الأداء على القيمة المضافة” على الكتب الإلكترونية في البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو مقترح رشّحته للمداولة “لجنة الشؤون الاقتصادية”، وضمنها حاز القرار على أغلبية مطلقة (48 موافقة، مقابل صوت وحيد ضد، وامتنع عضوان عن التصويت) وهو ما يعني أن حظوظ تمرير هذا القانون على أرض الواقع مرتفعة.
في الوقت الحاضر، تحسب قيمة “أداء القيمة المضافة” بـ 15 % من كل عملية بيع وشراء كتاب إلكتروني، وهي نسبة قريبة من تلك المفروضة على الأجهزة الإلكترونية، لتصبح بعد تمرير هذا القانون في حدود 5 % (أقرب إلى معظم المواد الثقافية ومنها الكتب الورقية)، إضافة إلى مقترح بأن تعفى الكتب الإلكترونية من هذه الضريبة تماماً في حال كانت متوفرة في نسخ ورقية كي لا يتحوّل هذا الإجراء إلى سبب مباشر في “انقراض” الكتاب الكلاسيكي.
من المعروف أن الضرائب تعدّ أحد أهم الأدوات التي تملكها الدول في صياغة سياساتها الاقتصادية والتجارية، ومن خلالها يمكن زيادة الطلب أو تقليصه على بضاعة معينة.
الخطوة المنتظرة تشير إلى أن بلدان الاتحاد الأوروبي تنظر اليوم إلى الكتاب الإلكتروني باعتباره بضاعة في حاجة إلى دعم اقتصادي، كما يمكن اعتباره اوّل “انتصار” للكتاب الإلكتروني بمحاولة لدفع المستهلكين نحوه بدل الورقي نظراً لتكلفة الثاني الاقتصادية الأعلى، وخصوصاً البيئية، وهو ما يصبّ في رؤية عامة تقول إن الإلكتروني هو مستقبل الكتاب وتداول المعرفة بشكل عام.
من خلال هذا القرار، لا يستفيد الكتاب الإلكتروني على حساب الكتاب الورقي فحسب، بل أيضاً على حساب محامل ثقافية أخرى مثل الأقراص الموسيقية وجميع وسائل الملتميديا التي يطالب صانعوها بشكل دائم بامتيازات ضريبية عسى أن تحمي تجارتهم التي تعيش على وقع تهديدات متنوّعة تبدأ بالقرصنة وتنتهي بعزوف عام عن المنتج الثقافي.
أن يكون الكتاب الإلكتروني أقل ثمناً هو أيضاً شكل من أشكال حمايته من القرصنة، باعتباره أحد أكثر المنتجات تعرّضاً إلى هذه الظاهرة. ومن جهة أخرى، كانت مثل هذه السياسات الضريبية دافعاً للمؤسسات (دور النشر في هذه الحالة) نحو استثمار أكبر في المنتجات المستفيدة.
لعل الخطوة التي يقدم عليها الاتحاد الأوروبي جزء من عملية التأقلم مع متغيّرات عادات القراءة في العالم، والتي تتواتر الدراسات الأكاديمية في رصدها. فإذا كان هذا الحرص الأوروبي يصبّ في مصلحة مزيد من الشعبية للكتاب الإلكتروني، يبقى أن نتساءل هل هو إيجابي بالمطلق على مجمل ميدان صناعة الكتاب؟