يأتي افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023 على خلفية ارتفاع الطلب على الأعمال التاريخية وغيرها من الكتب غير الخيالية، فضلاً عن التوقعات بزيادة أسعار الكتب بالمقارنة بالأعوام الماضية نظراً لتضاعف أسعار الورق ثلاث مرات في أقل من ستة أشهر بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري.
وقال يحيى فكري، مدير دار المرايا للإنتاج الثقافي لصحيفة “الأهرام أون لاين” الصادرة بالإنجليزية: “نريد زيادة وصولنا إلى أكبر عدد ممكن من القراء بميزانيات محدودة”. وقد وعد ناشرون كبار، بما في ذلك “الشروق”، و”الدار المصرية اللبنانية”، و”الكرمة”، بتخفيضات كبيرة على أكبر عدد ممكن من الكتب وخاصة للعناوين التي تم طرحها بمعارض الكتب في العامين الماضيين.
ومع ذلك، فإن مسألة الأسعار ليست هي الموضوع الرئيسي الذي يطغى على أجواء المعرض. إذ إن سيطرة الرواية على المشهد الأدبي المصري والعربي على مدى أكثر من عشرين عاماً، باتت مهددة بسبب تزايد اهتمام القراء بالعناوين غير الخيالية، والتاريخية على وجه الخصوص، القديمة والجديدة على حدٍ سواء.
وأكد عبدالله صقر، مدير النشر في “مركز المحروسة”، إن العدد المحدود للعناوين الجديدة لبعض الكتب، واهتمام القراء بالأعمال القديمة، دفع الدار إلى إعادة طبع المجلدات الثلاثة للمفكر البارز في القرن العشرين لويس عوض “تاريخ الفكر المصري الحديث”، في طبعة حديثة منقحة.
من ناحيته، قال شريف بكر، مدير “دار العربي للنشر والتوزيع”، إن هناك اهتماماً متزايداً بالفلسفة دفع الدار إلى نشر ترجمات عربية لعناوين مثل “فلسفة كرة القدم” وسلسلة “أوراق من التاريخ” التي تتضمن بعض العناوين المترجمة وأخرى مكتوبة باللغة العربية، ومن بينها كتاب “مذكرات عائلة مسيحية بين القاهرة ورأس غارب” لإيليا محفوظ بشير، الذي يتتبع تاريخ رجل ولد لعائلة مسيحية في ثلاثينيات القرن العشرين برأس غرب بجوار البحر الأحمر، حيث كان الأب يعمل في شركة نفطية قبل تقاعده وانتقال الأسرة بأكملها إلى القاهرة.
وطرحت “الدار المصرية اللبنانية” العديد من العناوين غير الخيالية، بما في ذلك كتاب “الطاهي يقتل.. الكاتب ينتحر” لعزت القمحاوي، وهو انعكاس أدبي على متغيّرات الحياة، إضافة إلى طبعة جديدة من “تاريخ الدولة العلية العثمانية” لمحمد فريد بك بمقدمة للباحث البارز خالد عزب، وترجمة عربية لكتاب “صلاح الدين وسقوط مملكة بيت القدس” من تأليف ستانلي لين بول.
واتجهت “دار الكرمة” إلى إعادة طباعة العديد من الكتب التاريخية المهمة، ومن أبرزها كتاب “الوجه الآخر للخلافة الإسلامية” لسليمان فياض الذي يتحدى الروايات غير المكتملة السائدة للحكم الإسلامي المزدهر لتسليط الضوء على صور القهر والتمييز التي واجهها البعض في ظل حكم الخلفاء المسلمين، وكذلك كتاب لحلمي النمنم “يوم حنين: قراءة تاريخية”.
أما “الشروق” التي كانت قد أصدرت سابقاً سلسلة كاملة للتاريخ الحديث والمعاصر، فطرحت أحدث إصداراتها في المعرض: “الفيلق المصري” للدكتور محمد أبو الغار، الذي يتناول حكاية قيام بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى بالقبض على آلاف الشباب المصريين من سكان الريف، وربطهم بالحبال وترحيلهم مع الجيش البريطاني إلى سيناء وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق وغرب تركيا وجزر اليونان وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا، ليقوموا بأعمال شاقة مثل بناء خط سكة حديد وتحميل وتفريغ السفن. ووفقاً للكتاب تم ترحيل ما يقدر بحوالي 530 ألف فلاح حين كان تعداد مصر 12 مليون نسمة، وقٌتل منهم حوالي 50 ألف فلاح أي نحو 10 % من فلاحي مصر!.