هاجمت مجموعة من المتظاهرين اليمينيين مكتبة للاشتراكين بوسط لندن مؤخراً، حيث تعالت صيحات الحشد أثناء اقتحام المكتبة الواقعة بالقرب من المتحف البريطاني بالهتاف وترديد الشعارات التي تتبناها مجموعة “اليمين البديل”، فيما كان بعضهم يحمل لافتات كُتِب عليها “أعيدوا بريطانيا إلى مجدها”، بينما عَمِد آخرون إلى إتلاف الكتب وتهديد الموظفين، متوعدين إياهم “بحرق المكتبة”. وشوهد بعضهم يلوح بمضارب البيسبول وآخر يرتدي قناع دونالد ترامب. واستهدف المهاجمون الكتب التي تتناول ظاهرة الإسلاموفوبيا إلى جانب العديد من المؤلفات الأخرى.
وفي أعقاب الهجوم، أعلن حزب استقلال المملكة المتحدة، الذي أدار حملة قوية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تعليق عضوية ثلاثة من أعضائه ثبت تورطهم في الحادث.
وأفادت التقارير أن نحو 12 رجلاً اقتحموا مكتبة لبيع الكتب وشرعوا في الهجوم على الموظفين وتمزيق أعداد من مجلة “يونايت” المناهضة للعنصرية، متهمين المكتبة بأنها معادية للسامية لبيعها كتاب “المسألة اليهودية” الذي ألفه أبراهام ليون، اليهودي البلجيكي وأحد أنصار النظرية التروتسكية، الذي لقي حتفه في محرقة الهولوكوست.
ووصف ديفيد جيلكريست، مدير المكتبة، الحادث بأنه تجربة مروعة ومقلقة، قائلاً: “قلنا لهم بوضوح: نحن مجرد متجر لبيع الكتب، ويمكنكم تصفح الكتب بهدوء، لسنا منبراً للمتحدثين أو جمعية لحلقات النقاش. إذا كان لديكم أي اعتراض على الكتب فلا تشتروها”. مشيراً إلى أنه من أجل إخراج المهاجمين من المكتبة، لجأ هو وزملائه إلى قرع الجرس اليدوي مراراً وتكراراً كـ”تحذير للخروج”، وعندها تنبه المتجر المجاور للحادث، قام باستدعاء الشرطة التي سارع المهاجمون إلى مغادرة المكتبة قبل وصولها بلحظات.
وأضاف جيلكريست: “هناك مكتبة أخرى تعرضت للهجوم قبل أربعة أو خمسة أشهر. لا أعتقد أن هناك علاقة بين الحادثين، ولكن علاقة ترامب باليمين البديل هي ما يجعل الناس يشعرون بالتمكين والثقة في التحدث وإبداء آرائهم بالمسائل والشؤون التي لم يكونوا يتعاطونها من قبل. إنه ببساطة الجو العام الذي نعيش فيه”.
من جانبها أصدرت ميريل هولز، الرئيس التنفيذي لجمعية باعة الكتب في المملكة المتحدة، بيانًا قويًا للتنديد بالحادث، جاء فيه: “إنه لأمر مروع وصادم أن يقع هذا الهجوم في هذا التوقيت، وفي مرحلة نجد أنفسنا بأمس الحاجة للمكتبات وكل ما تمثله من قيم، أكثر من أي وقت مضى”.
وأضافت: “يجب أن تكون المكتبات مكانًا آمنًا لأنها غالباً ما تكون ملاذاً للمظلومين وأولئك الذين يشعرون بالخوف ويبحثون عن التوجيه في الأوقات الحرجة، فهي أماكن ذات طبيعة خاصة لأسباب كثيرة، ويجب ألا تجد نفسها في نهاية المطاف ضحية للكراهية والعنف. المكتبات أيضًا هي ملاذ المجتمع، وقد رأينا كيف أن مجتمع بيع الكتب نفسه قد التف بالفعل حول الشعارات المناهضة للحادث على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهد بالدعم تعبيراً عن غضبه مما حدث. إضافة إلى الهجوم الجبان الذي وقع في وقت سابق من هذا العام على مكتبة “غايز ذا وورد” بوسط لندن، تعتبر هذه الهجمات إشارة مثيرة للقلق من تزايد الاستقطاب ومظاهر التعصب في مجتمعنا، ويجب علينا بذل كل ما في وسعنا للقضاء عليه”.
وفي إشارة تبعث على التفاؤل، انهالت رسائل الدعم والتبرعات على المكتبة التي أطلقت “وقفة تضامن” بمقرها بالتعاون مع عدد من الكتّاب للتنديد بهذا الحادث.